لم يتسرب أي شيء عمّا جرى من مفاوضات بين فريقي حزب «الليكود» وكتلة «أزرق ـ أبيض» بعد ظهر، أمس، حول تشكيل حكومة وحدة إسرائيلية لكن هناك العديد من التعليقات حول مدى تمثيل الفريق المفاوض من قبل «الليكود»، برئاسة الوزير ياريف ليفين، الذي يقول إنه يمثل كل كتلة اليمين بزعامة نتنياهو والبالغ مقاعدها 55 مقعداً، في حين يعتبر يورام طوربوفيتش ممثل «أزرق ـ أبيض» أنه يفاوض ليفين باعتباره يمثل «الليكود» فقط، ورغم أن الأمر يبدو شكلياً في الظاهر، إلاّ انه يعكس رغبة «أزرق ـ أبيض» بالإصرار على الوفاء بتعهداته أثناء الحملة الانتخابية بعدم التفاوض مع اليمين الديني وحزب «يمين» برئاسة شاكيد، بينما يجري إصرار ممثل «الليكود» على تمثيل كل كتلة اليمين، من ناحيته، التأكيد على أن نتنياهو، رغم الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية ما زال عند تعهداته التي قطعها لأحزاب الكتل اليمينية بأن يظل حريصاً على مصالحها في إطار أي تشكيل للحكومة المقبلة.


ولعلّ في التسريب الذي أعلن عنه «أزرق ـ أبيض»، حول اللقاء الأول بين نتنياهو وغانتس بدعوة من الرئيس ريفلين قبل ذلك، من أن نتنياهو كان متساهلاً حول إمكانية النظر إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية من دون أن تضم أحزاباً دينية يمينية متطرفة، ما يشير إلى أن الاجتماعات حول تشكيل مثل هذه الحكومة، عبارة عن مناورات وتآمرات أكثر منها محاولة للاقتراب من تشكيل يدرك الطرفان صعوبته، إن لم يكن استحالة على ضوء المعادلة الحزبية والتكتلات الناجمة عن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة.


المعادلة القائمة الآن، تكاد تشكل أساس الاستعصاء أمام تشكيل أية حكومة وليس فقط حكومة وحدة، حاز «أزرق ـ أبيض» على مقاعد أكثر، لكن كتلته الانتخابية أقل، حتى باحتساب الأصوات العشرة من القائمة العربية المشتركة، بينما لحزب «الليكود»، مقاعد أقل مع كتلة أكبر قليلاً، كما أن اشتراطات «أزرق ـ أبيض» لتشكيل حكومة وحدة، لا تقتصر على مسألة التناوب ومَن الأول فيه، ولكن هذا التكتل يطرح شروطاً غير مقبولة على «الليكود»، من بينها، حكومة علمانية تدفع قضايا الزواج المدني و فتح المصالح التجارية وتسيير المواصلات العامة أيام السبت وتجنيد «الحريديين» للجيش، وإذا كانت هذه الشروط يمكن التفاوض حولها من قبل نتنياهو، فإن هذا الأخير ملتزم أمام نفسه أولاً وأخيراً، بأن أي اتفاق حول تشكيل حكومة وحدة، يجب أن يمنحه النيابة الأولى لسنتين متتاليتين، دون ذلك، لا مصلحة لنتنياهو في مثل هذه الحكومة بالنظر إلى أنه سيخضع بعد أسبوع بالضبط إلى تحقيقات بشأن ملفات الفساد، الأمر الذي من شأنه أن يشير إلى احتمالات متزايدة بتوجيه لائحة اتهام ضده، وفي حالة كونه رئيساً للحكومة، فإن مثل هذه اللائحة تفقد آثارها القانونية بالنظر إلى الحصانة التي يتمتع بها المنصب، لذلك فإن جوهر كل المناورات أن يبقى نتنياهو رئيساً للحكومة، أية حكومة خلال العامين القادمين، الأمر الذي يشكل جوهر الأزمة حول التشكيل الحكومي، مهما اختلفت تسمياته مع أطرافه!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد