جراحون دوليون ينظمون دورات تدريبية في غزة بسبب الحصار

اللجنة الدولية للصليب الأحمر

حاولت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مرات عدة تنظيم رحلات علمية  للخارج لأطباء وجراحين فلسطينيين من قطاع غزة ، حتى يتلقوا دورات تدريبية على أيدي متخصصين دوليين.

إلا أن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على هذه المنطقة الجغرافية الصغيرة للعام الثالث عشر على التوالي، أفشل تلك المساعي التي استمرت على مدار سنوات.

وتقول اللجنة الدولية للصليب، حسب موقع الأناضول، إن القيود (الإسرائيلية) المفروضة على قطاع غزة لا تؤثر فقط على حركة الأشخاص وتحويل المرضى، إنما تؤثر أيضًا على إمكانية خروج الأطباء لتحديث معارفهم.

وتحيط بغزة 7 معابر حدودية، منها 6 تصلها مع إسرائيل، أغلقت الأخيرة 4 منها (تجارية)، عقب سيطرة حركة المقاومة الإسلامية " حماس " على غزة، صيف 2007.

وأبقت إسرائيل على معبرين، وهما "بيت حانون" كممر لتنقل الأفراد الحاصلين على موافقة مسبقة من السلطات الإسرائيلية (مثل المرضى والتجار والأجانب)، و"كرم أبو سالم"، كمنفذ تجاري.

بينما يخضع السابع، وهو " معبر رفح البري" جنوبي القطاع، للسيطرة المصرية، والذي شهد حالة من الإغلاق شبه الكامل منذ تموز/ يوليو 2013 لدواعٍ أمنية، إلا أن العمل فيه تحسّن في مايو/ أيار 2018، بعدما أعادت مصر فتحه، ما خفف بشكل كبير من الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الراغبين بالسفر.

دورة تدريبية

اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أطلقت في 25 آب/أغسطس الماضي، دورة تدريبية للاستجابة الأولية وإدارة الحالات الواردة إلى المستشفيات، وذلك بموارد محدودة في أوقات الطوارئ والنزاعات.

وتستهدف هذه الدورة التي تستمر حتّى 11 أيلول/سبتمبر الجاري، 23 جراحا حيث ستقدم لهم أحدث المعلومات الجراحية والطبية والخبرات العملية.

وتقول اللجنة إن الدورة تأتي في ظل اندلاع العنف في المنطقة الحدودية لقطاع غزة منذ مارس/ آذار 2018، حيث عملت الطواقم الطبية بموارد محدودة للغاية ونظام رعاية صحية منهك.

كبير جرّاحي اللجنة الدولية الإقليمي، ماركو بالدان، يقول للأناضول، إن "الصليب الأحمر حاول خلال السنوات الأخيرة، دعوة أطباء جرّاحين من قطاع غزة للمشاركة بدورات تدريبية في الخارج، لكنهم فشلوا في حضورها بسبب عدم مقدرتهم في الحصول على موافقات وتصاريح لمغادرة القطاع".

وعمل "بلدان" في معالجة جرحى الحروب منذ حوالي 20 عاما، في بلدان مزقتها الصراعات مثل "الصومال، وأفغانستان، وليبيا، وسوريا، واليمن"، بحسب اللجنة.

زيارته لغزة لم تكن الأولى، حيث زارها سابقا خلال الحرب الأولى التي شنّتها إسرائيل عام 2008 - 2009، ومن ثم عاد عام 2017 خلال اندلاع أحداث "مسيرات العودة"؛ وعمل آنذاك في القسم التابع للصليب الأحمر الذي أُقيم في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، للاستجابة للحالات الطارئة.

تحديات القطاع الصحي

وخلال زيارته لغزة، لاحظ "بالدان" أن القطاع الصحي المنهك يواجه عدة تحديات، أبرزها الأزمة الاقتصادية، وحالة الإغلاق التي تطال حركة الأفراد والبضائع والتي لها تأثير مباشر.

ويذكر أنه عند الحديث عن الأزمة الاقتصادية، فإن رواتب الموظفين التابعين لوزارة الصحة، غير كافية للقيام بأمور حياتهم، ما يؤثر عليهم في تقديم خدماتهم للمرضى.

ويتابع مستكملا: "الإغلاق ومحدودية الحركة تحد من فرص الأطباء والجراحين للسفر لحضور المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية التي تساعدهم في تطوير قدراتهم وإمكانياتهم الفنية للتعامل مع الحالات الطارئة والإصابات".

ويضيف "بالدان" إلى تلك التحديات، العجز لدى وزارة الصحة في مجال التكنولوجيا والأجهزة المتخصصة، التي تمكّنهم من تقديم الرعاية الصحية للجرحى.

ورغم قلة الإمكانات الموفّرة للطواقم الطبية العاملة بغزة، إلا أن الرجل يرى أن الأخيرة أظهرت مدى انتمائها لمهمتها الإنسانية في العمل، لصالح المُصابين والمرضى.

ويوضح أن التدريب الذي يقدّمه برفقة 5 من زملائه، يركز على آلية التعامل مع الحالات الحرجة التي تصل لأقسام الجراحة في المستشفيات، المصابة بالرصاص الحي أو أي نوع من المواد المتفجّرة التي تشكّل خطراً وجروحا عديدة للمرضى.

ويفصّل أن 7 من المتدربين المحليين الخاضعين للتدريب، سيكونون مؤهلين، خلال الفترة القادمة، لتقديم التدريب ذاته، لجراحين آخرين.

طبيعة الإصابات

وحول طبيعة الإصابات، يقول الجراح الدولي، إن الإصابات التي تصل المستشفيات من "مسيرات العودة" الحدودية، تبقى تهدد حياة المُصاب.

ويذكر أن أغلب الحالات التي تصل المستشفيات تكون مصابة إما بالرصاص الحي أو المطاطي.

ويصف "بالدان" تلك الإصابات خاصة التي تصيب الأطراف، بالمعقّدة والتي تحتاج إلى العديد من العمليات الجراحية المتتالية كي لا يفقد المُصاب طرفه.

ويضيف: "بطبيعة الحال التكرار في العمليات يؤدي إلى استنزاف الموارد في وزارة الصحة، واستنزاف المريض نفسه من احتياجات مالية حتى أنه يتحمل تكاليف هذه العمليات أحيانا".

ويوضح: "هذا النوع من الأعيرة تؤدي إلى جرح في الأطراف - بالتحديد السفلية - يهدد الطرف بشكل واضح جدًا وكبير، وهذا يعقد الأمر، والعجز في الموارد المتاحة في مستشفيات وزارة الصحة يجعل الأمر أكثر تعقيدًا ما يؤدي إلى صعوبة الاستجابة لهذه الحالات".

ويعاني القطاع الصحي بغزة من أزمة نقص الأدوية والمستهلكات الطبية، حيث تقول وزارة الصحة، في أحدث تقاريرها، إن هذه الأزمة تمر في مراحل صعبة دون وجود حلول قريبة.

وبحسب الوزارة، فإن 50% من الأدوية الأساسية و25% من المستهلكات الطبية و60% من لوازم المختبرات وبنوك الدم، نفدت من المخازن.

وتحمّل وزارة الصحة السلطات الإسرائيلية، المسؤولية عن أزمة الأدوية جرّاء منعها دخول كميات الأدوية والمستهلكات الطبية اللازمة، ومنع وصول الوفود والقوافل الإغاثية والطبية إلى قطاع غزة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد