فلسطينيون وعرب يبنون نجاحاتهم في ريادة الصين
بين اللغة والسوق الصيني الرابح تتوجه أنظار الشباب العربي نحو بناء ريادة أعمال عربية في قلب القارة الآسيوية التي تستقطب الأحلام العربية من كافة البلدان بغير تمييز منذ حقبة الأسرة المالكة الصينية وحتى اليوم.
تتنوع الجنسيات العربية التي تحتضنها الصين لكن أبرزها من اليمن وفلسطين والسعودية ومصر وتونس وسوريا والجزائر، ضمن قطاعات أعمال متنوعة واستثمارات رابحة.
أحدهم اختار نجاح في الصين على موته في البلاد العربية، هو الشاب اليمني مروان أحمد عقلان الذي دعاه طموحه ليكون أحد مواطني الجمهورية الصينية منذ عام 2001 برأس مال لا يتعدى 400 دولار.
تمكن أحمد من تأسيس أول شركة له في الصين وفي ذلك صرّح لوكالة أنباء شينخوا:" استطعت اقتناص الفرص في الصين نظراً لزخرة الفرص التجارية وخبرته في الأعمال التجارية خاصة صناعة الملابس في مدينة شيشي بمقاطعة فوجيان في جنوب شرق الصين.
ورغم قلة مساحة المدينة إلا انها وجهة لعدد كبير من التجار من كافة الأقطار لشراء البضائع التي تتناسب مع أسواقهم الأمر الذي فتح الباب أمام عقلان ليضع بصمته في صناعة الأنسجة داخل الصين.
تحدث عقلان عن شهادته على إخلاص المسؤولين المحليين في أدائهم لأدوارهم التي أوكلت إليهم من الحكومات المركزية والمحلية ليحققوا طفرة جذرية على مستوى البنية التحتية والخدمات التجارية ورفع مستوى معيشة المواطنين في أقل من ١٥ عامًا.
وأضاف عقلا:" فترة ١٥ عامًا تعد قصيرة للغاية في عمر الدول والمدن، إلا أن النمو المدفوع بالإصرار على تحقيق المستحيل كان له العامل الرئيسي والمكون الأساسي لنقل قرية صغيرة لم يكن بها مستشفى وقتها، إلى واحدة من المدن التي نتباهى بإقامتنا بها".
فلسطينيو الصين: من طالب إلى نائب مدير لشركة صينية
الفلسطيني علي الوعري شاب آخر اختار البقاء في الصين منذ أكثر من 20 عاماً ومنذ أن حطت قدماه لطلب العلم بدءاً من اللغة الصينية وحتى دراسة الطب في مدينة ووهان وسط الصين.
قرر الوعري الاستقرار في الصين بعد تخرجه، يقول:" لاحظت مستوى التطور الذي تتميز به الصين في وقت لا تزال بلادنا تعاني من حالة الحرب"، وجد الوعري شريكته وبدأ في العام 2012 بتأسيس حياته المهنية مع زوجته الصينية.
وبعد سنوات من تشغيل مطعم خاص في ووهان، شرع الوعري في إعادة التخطيط المهني، فقرر العمل في قطاع الدواء للاستفادة من اختصاصه بشكل أكبر.
والآن يتولى الوعري منصبي مساعد مدير عام شركة توبجيني البيولوجية، ونائب مدير عام فرع ووهان للشركة.
عبّر الوعري عن انتمائه للصين وقال:" أعيش هنا منذ 24 عاما، وأشعر أنني صيني، الصين منحتني العلم والزوجة والرزق، وجعلتني أتقدم في حياتي، لم أكن نفس الشخص بدون الصين، اشعر بالانتماء الى هنا".
انتماء الوعري للصين لم يكن محض صدفة حيث شهد الطب الصيني -وهو اختصاص الوعري_ تطوراً سريعاً وجيداً ضمن الخطط المستقبلية للدواء الصيني في البلدان العربية والتي تدعمها مبادرة الحزام والطريق في مساهمة لزيادة تواجد الدواء الصيني في السوق العربي.
ريادة الأعمال في الصين تدعم الشباب السعودي
وصل عمر العنزي من السعودية إلى بكين عام 2009 للدراسة، ووافق ذلك الذكرى الستين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية ودأب بعد تخرجه من جامعة بكين عام 2013 على تحيق أولى المكاسب التجارية في حياته من خلال بيع لوحة إعلانية وإعطاء الربح لأخيه الصغير كهدية زواج، الأمر زاد من تصميمه على ريادة الأعمال في الصين.
انضم العنزي بعد ذلك إلى شركة "دوام" للتجارة الدولية لابن عمه والتي تعنى ببيع الاحتياجات الرياضية للسعودية ودول أخرى، حيث شغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة حتى اليوم.
وخلال سنوات قليلة، شهدت أعمال الشركة تطورًا سريعاً حيث قال:" عندما بدأنا كنا ثلاثة أو أربعة فقط، وكانت رقعة الشركة صغيرة جدا، أما الآن؛ يوجد نحو 25 موظفاً، ومساحة الشركة أكثر من 300 متر مربع".
ويشعر العنزي بفخر كبير كلما يرى عبر قنوات التلفزيون السعودية معجبي كرة القدم المحليين يرتدون الملابس المستوردة عبر شركة دوام.
وأعرب العنزي عن تفاؤله تجاه مستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين السعودية والصين بفضل الترابط المعزز بين رؤية السعودية 2030، ومبادرة الحزام والطريق.
نجاح: ترابط الحلم الشخصي مع الحلم الصيني
تخرج محمد نجاح من كلية التربية الرياضية في القاهرة عام 2000، ثم سافر الى العاصمة السعودية الرياض في عام 2004 حيث اشتغل هناك لمدة 9 سنين كمدرب لكرة المضرب (التنس)، ودرب لاعبًا اسمه مايكل مو كان يبلغ من العمر حوالي 10 سنين.
وقال نجاح: " لقد عملت معه فترة طويلة حتى أصبح من أحسن 5 لاعبين لكرة المضرب في العالم تحت 14 سنة، قبل أن يسافر بعدها إلى الولايات المتحدة ليصبح لاعبا محترفا، ويحل في وصافة الترتيب العالمي تحت 18 سنة".
وفي ذروته المهنية، أنهى نجاح كل ارتباطاته في السعودية، ليبدأ حياة جديدة في الصين متطلعا فيها إلى مستقبل أفضل في أكبر بلد من حيث عدد السكان، والبلد الرياضي الذي يشهد إقبالاً متزايداً من شبابه على تعلم كرة المضرب.
وأضفى نجاح تقدما جديدا على سجل حياته المهنية في بكين، حيث بدأ يشتغل لوحده مع ستة لاعبين فقط كانوا يتلقون التدريبات على يديه. لكنهم أصبحوا أحسن لاعبين في بكين لفئتي تحت 12 سنة وتحت 10 سنين، وحصدوا جميع ألقاب بطولات بكين للاعبين في سنهم، قبل أن ينضموا بعد سنة لمنتخب بكين.
في 2016 قرر نجاح فتح شركة رياضية، وبدأ العمل للتجهيز لفتح مدرسة لكرة المضرب لجميع الفئات العمرية. وفي هذا الصدد، قال: " كنت أرغب بتكوين قاعدة كبيرة من فئة الناشئين لأساعدهم على تحقيق أحلامهم في أن يكونوا لاعبين محترفين، ويشاركوا باسم الصين في البطولات الآسيوية والدولية".
لغة الصين تعطي لهند الخالقي تجربة فريدة
شغف تعلم اللغات دفع الشابة التونسية هند الخالقي والتي تبلغ من العمر 34 عاماً لنيل درجة الماجستير في علم اللغة بجامعة بكين للغة والثقافة عام 2009، وبعد الانتهاء من ذلك أكملت دراسة الدكتوراه.
نجحت الخالقي في لفت انتباه معجبي اللغات في الصين ولاقى طريقها العلمي إقبالاً من الطلبة حولها بالرغم من صغر سنها، اليوم تعمل خالقي معلمة للغة العربية والثقافة الإسلامية في جامعة شانغهاي للدراسات الأجنبية التي لطالما كانت ترغب في الانضمام إليها.
إلى جانب نجاحها الأكاديمي استطاعت خالقي بناء أسرتها الصغيرة مع شاب صيني صادفته وحول ذلك تقول هند:" اطلبوا العلم والحب في الصين".
حلم الحرير دفع ياغي لاختيار الصين
شاهد الشاب السوري شادي ياغي برنامجاً تلفزيونياً يحمل عنوان "طريق الحرير" قبل ما يقارب 20 عاماً حول التجارة الخارجية والمشاريع والموضوعات الوافرة للصين. ومنذ ذلك الوقت حلم أن يصل إلى الصين يوماً ما.
اختار ياغي الإقامة بعيداً عن التجمعات العربية في حينه ليقع ناظره على مدينة هاربين حاضرة مقاطعة هيلونغجيانغ الواقعة بأقصى شمال شرقي الصين كمكان للعمل والعيش، نظراً لعدم وجود مطعم عربي فيها إلا مطعمه.
واليوم لا يريد ياغي وزوجته مغادرة هاربين ليس بسبب العمل فقط، بل لأن أصدقاءهم يمكثون هناك أيضًا.
حفاوة أهالي الصين استطاعت تعويض ياغي وزوجته عن درجات الحرارة المنخفضة في المحافظة، وقال ياغي:" اعتدنا على الحياة في هاربين وصار اندماجنا مع الصينيين بشكل أكبر. فرغم جو هاربين قارس البرودة في الشتاء، حيثما عادة ما تكون درجة الحرارة الشتوية 30 درجة تحت الصفر، إلا أننا نشعر بالدفء والحفاوة من أهالي المدينة الذين يحبون مساعدة الآخرين بدون مقابل".
رواينية: المستقبل للصين وأنوي البقاء فيها
ينحدر علاء رواينية من أسرة جزائرية متخصصة في الهندسة المعمارية، فوالده وأخوه مهندسان معماريان وبدوره؛ سار الشاب على نهج عائلته ودرس الهندسة المعمارية في الجامعة بالجزائر.
انضم رواينية إلى شركة للإبداع الثقافي في مدينة يينتشوان حاضرة نينغشيا عام 2016 التي تتيح فرصة ضخمة لعمل رواينية نظراً لاحتشاد أفضل الوارد الإبداعية فيها.
وخلال فترة وجيزة، حاز رواينية إعجاب زبائن الشركة بأفكاره الرائعة وتصاميمه التي تتحلى بالخصائص الثقافية الصينية، ما يعزز ثقته بإطلاق مزيد من أعمال التصميم ثلاثي الأبعاد.
وقال ماو كانغ يو نائب مدير عام الشركة إن نينغشيا كباقي المناطق الغربية الصينية الأخرى، ينقصها الأكفاء من ذوي الرؤية الدولية، ولذا تهتم الشركة بالاستفادة من الأفكار الحديثة للشاب الجزائري.
وينوي رواينية البقاء في الصين بالنظر لحرص الحكومة الصينية على خلق ظروف تخص ريادة الأعمال والتوظيف للشباب، حيث قال:" إن المستقبل للصين".