إلي بيته من زجاج.. التنسيق الأمني

أشرف صالح

ما تسمى بالهدنة بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة , تأخذ طابع الشد والرخي بسبب أنها إتفاق شفوي وغير مباشر , ومن خلال وسيط أمني وبإمتياز وهو"جهاز المخابرات المصرية" , وهذا الشد والرخي نتيجة أن الإتفاق ليس مجرد هدنة بين إسرائيل وفصائل المقاومة , بل هو إتفاق تسوية بين إسرائيل و حماس , وهو الأمن مقابل المال , وبدليل أن الأمم المتحدة تشرف عليه , وقطر تموله , فإذا دخل المال الى غزة فهذا يعني أنه يتوجب على حماس أن تحافظ على أمن إسرائيل , وهذا بحسب الإتفاق , وهذا يعني أن حماس ستستخدم التنسيق الأمني رغماً عن أنفها , ومع إختلاف المستويات والمسميات في التنسيق الأمني وأنواعه , فالهدف من التنسيق الأمني هو أن يحافظ طرفي الإتفاق على أمن بعضهم البعض , سواء كان إتفاق سلام أو تسوية أو حتى هدنة , فهذا هو شكل التنسيق الأمني في غزة .

رغم قرار السلطة بإلغاء الإتفاقيات مع إسرائيل , ومن ضمنها التنسيق الأمني , إلا أن حماس لا زالت تستخدم مصطلح التنسيق الأمني في وسائل إعلامها كورقة ضد السلطة وحركة فتح , ورغم أن حركة فتح عملياً تختلف عن السلطة , إلا أن حماس مصرة أن تضع حركة فتح والسلطة في بوتقة واحدة , ولو نظرنا الى أهداف التنسيق الأمني لوجدنا أنها واحدة , سواء في غزة أو في الضفة , وبغض النظر عن الوسائل والدرجات للتنسيق , فأهداف التنسيق الأمني هي الحفاظ على أمن الطرف الآخر بموجب إتفاق , سواء كان الإتفاق سلام أو تسوية أو هدنة , فمثلاً التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل جاء بموجب إتفاق سلام شامل , ومرحلته الأولى "أوسلو" , وبعد فشل إتفاق السلام بعد إنتهاء مرحلة أوسلو وهي الخمس سنوات الأولى , إختلف الواقع الجغرافي والسياسي والأمني في الأراضي الفلسطينية , وأصبحت السلطة تتعامل واقعياً مع تداعيات أوسلو , ومن ضمنها التنسيق الأمني بشقيه المدني والعسكري , فعسكرياً أصبحت إسرائيل لا تحتاج للتنسيق الأمني , لأنها تدخل جميع مناطق الضفة الغربية بقوتها العسكرية , وفي المقابل أصدرت السلطة مؤخراً قراراً يفيد بإعتبار كل أراضي الضفة الغربية هي مناطق "أ" , وذلك على لسان رئيس الوزراء د.محمد إشتيه , وهذا يعني أن قوات الأمن الوطني والأجهزة الأمنية في الضفة ستتصدى للجيش في حال دخوله مناطق نفوذ السلطة , وبالفعل هذا ما حدث في مدينة الخليل قبل أيام , وحدث قبل ذلك عدة مرات .

أما الشق المدني في التنسيق الأمني , وهو يتمثل في سفر المواطنين وتنقلهم بين الحواجز الإسرائيلية , والتحويلات المرضية ودخول العمال لإسرائيل , ودخول البضائع وحركة التجار... إلخ , فكل ذلك يتطلب تنسيقاً وإرتباطاً لسهولة قضاء حاجة المواطنين , ومع أن السلطة أعلنت حل الإتفاقيات مع إسرائيل تدريجياً , إلا أن هناك أشياء لا تستطيع السلطة حلها بسهولة , وذلك بحكم الواقع الجغرافي والإقتصادي .

إلي بيته من زجاج لا يحدف الناس بالطوب.. هذا أفضل مثل أقوله لحماس عندما أسمع خطاباتهم وتصريحاتهم ضد التنسيق الأمني , موجهاً لهم عدة أسألة , ألم تقومون بإعتقال من يطلق الصواريخ من غزة على إسرائيل؟ ألم تقومون بإعتقال من يخطط لعمليات ضد إسرائيل؟ ألم تقومون بإعتقال من يريد إقتحام السلك الحدودي الفاصل؟ ألم تقومون بنشر قواتكم على الحدود بهدف حماية إسرائيل؟ ألم تصفون صواريخ المقاومة المختلفة معكم بأنها مشبوهة؟ ألم تقومون بإعتقال مئات السلفيين بسبب أنهم أعلنوا الجهاد ضد إسرائيل؟ أهو التنسيق الأمني حلال لكم وحرام على غيركم؟ ... يجب على حماس أن تعي أنها دخلت اللعبة ويجب أن تسلم بقواعدها , قد تكون دخلتها مطرة مثل أن السلطة في السابق دخلتها مطرة , ولكن يجب أن يكون هناك إحتراماً لعقول الناس.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد