خاص: تحديات تشغيل محطات تحلية المياه في قطاع غزة

مياه غزة

كشف المهندس منذر شبلاق مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل، عن تفاصيل واقع المياه في قطاع غزة ، والتحديات التي تواجه قطاع المياه، وأبرز الإنجازات والمشاريع.

وقال شبلاق في حوار خاص مع وكالة (سوا) الإخبارية إنه منذ عام 2011 حتى 2019، تمكنا بالتعاون مع سلطة المياه الفلسطينية وبدعم من بعض المؤسسات المانحة من تنفيذ مجموعة حلول قصيرة ومتوسطة المدى وبدأنا مراحل إعداد للحلول المستدامة، على الرغم من مرور حربين وجولات تصعيد عديدة خلال هذه الفترة.

وأوضح أنه جرى بوقت قياسي إعادة إعمار كل ما دمره الاحتلال خلال الحربين الأخيرتين وجولات التصعيد بتكلفة تقارب 35 مليون دولار للحرب الأخيرة صيف 2014، وحوالي 5 مليون دولار لأضرار حرب 2012، وذلك من أموال المؤسسات المانحة.

وأكد شبلاق أن لدى الفلسطينيين المقدرة والكفاءة على ابتداع الحلول، لافتا إلى أن المؤسسات المانحة تشارك في إيجاد الحلول وبدأت تفكر جديا بالتفريق بين تعقيدات الوضع السياسي وبين حاجة المواطنين في غزة للخدمات الأساسية.

المهندس منذر شبلاق مدير مصلحة مياه بلديات الساحل في غزة
 

برنامج المياه المتدحرج

وفي سياقٍ متصل، كشف شبلاق عن برنامج طورته سلطة المياه الفلسطينية وتقوم بتنفيذه مصلحته بتمويل من العديد من المؤسسات المانحة بالتعاون مع سلطة المياه ويحمل اسم "برنامج المياه المتدحرج"، حيث يتمثل بعمل حلول استراتيجية قصيرة المدى وطويلة المدى.

أما بخصوص الحلول قصيرة المدى وفق شبلاق، تمثلت في ثلاث محطات صغيرة الحجم لتحلية مياه البحر، الأولى شمال قطاع غزة والثانية في الوسط والثالثة جنوب دير البلح، بالإضافة إلى ثلاث محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي تم الانتهاء من إنشاء اثنتان منها والثالثة على وشك الانتهاء.

محطات التحلية

وفي ما يتعلق بمحطات التحلية، بين شبلاق أن محطة الشمال بدأت تعمل بشكل تجريبي منذ شهر أغسطس الجاري، ويفترض أن تنتج 10 آلاف متر مكعب لصالح مدينة غزة باعتبارها أكبر تجمع سكاني والعاصمة السياسية والاقتصادية للقطاع

ولفت إلى أن بعض المواطنين في منطقة غرب مدينة غزة بدأوا يشعرون خلال الفترة القريبة الماضية بوجود متغير إيجابي في جودة المياه التي كانت تصلهم شديدة الملوحة.

ووفق شبلاق، فإن مصلحة المياه ستستلم وتشغل هذه المحطة من المقاول بعد انتهاء الفترة التجريبية لها وذلك لخدمة قرابة 250 ألف نسمة من السكان بمنطقة الشاطئ والشيخ رضوان والنصر الغربي والرمال الجنوبي وذلك بالتوافق مع بلدية غزة..

ونبه إلى وجود مشكلة مالية تتعلق بتعيين الطاقم التشغيلي اللازم لمحطة الشمال، مبينا أن مصلحته طالبت سلطة المياه بتأمين دعم مالي أو موازنة تشغيلية لتعيين طاقم جديد وتدريبه كما حدث بمحطة الجنوب.

وقال : "حال شغلناها اليوم والتزمت بلدية غزة كمستفيد بسداد فاتورة المياه المحلاة التي توزعها على السكان وتجبي ثمنها، سنكون قادرين على تأمين الموازنة التشغيلية للمحطة بما فيها الطاقم العامل.

وأضاف : "كلنا في غزة ندير أزمة للأسف, موضحا أن مصلحة المياه ربما ستضطر إلى تشغيل محطة الشمال لمدة ساعتين أو ثلاث يوميا بطاقم من المقر الرئيسي، لحين توفر موازنة تشغيلية لتعيين طاقم تشغيلي للمحطة.

ae2348a2-d1a3-456b-ae18-e5220457e2d9.jpg
 

أما محطة التحلية في دير البلح، فتنتج حاليا بحسب شبلاق، 6 آلاف متر مكعب، مشيرًا إلى أنه يتم خلطها بمياه بعض الآبار بهدف مضاعفة الكمية وتقليص التكلفة.

وبين أن هذه المحطة ستخدم سكان منطقة دير البلح والزوايدة ومن المتوقع أن تصل إلى مناطق أخرى في محافظة الوسطى في حال تمكنا من تشغيلها على مدار الساعة .

وبخصوص المحطة الثالثة جنوب دير البلح الممولة من الاتحاد الأوروبي، فقد جرى افتتاح أولى مراحلها قبل أكثر من عام بحضور رئيس الوزراء آنذاك د. رامي الحمد الله ورئيس سلطة المياه م. مازن غنيم.

وأوضح أنه بالمرحلة الأولى من هذه المحطة تم تشغيل 6 آلاف متر مكعب، فيما وصلت المياه لمنطقتي حي الأمل غرب خانيونس وتل السلطان برفح، مشيرا إلى أنه جرى التعاقد مع مقاول لاستكمال المرحلتين الثانية والثالثة معا؛ بحيث يصل الانتاج إلى 20 متر مكعب وذلك بتمويل من الاتحاد الأوروبي من خلال مؤسسة اليونيسف وبشراكة مع سلطة المياه الفلسطينية.

ويفترض أن تغطي محطة جنوب دير البلح، وسط القطاع وجنوبه حتى منطقة رفح والقرى الشرقية، وذلك حينما تصل إنتاجيتها إلى 20 ألف متر مكعب بعد إتمام المرحلتين الثانية والثالثة. كما تحدث شبلاق.

وفي المحصلة، فإنه حينما يتم خلط ما تنتجه المحطات (20 ألف متر مكعب، 6 آلاف، 10 آلاف متر مكعب)، سيتوفر من 70 إلى 72 ألف متر مكعب؛ الأمر الذي يُمكن من خلاله تغطية احتياجات حوالي نصف سكان قطاع غزة الأكثر تضررا من تدهور جودة مياه الشرب حيث يبلغ إجمالي الاستهلاك حاليا حوالي 160 ألف متر مكعب .

وأشار إلى وجود مصادر آخر للمياه لباقي سكان القطاع خاصة مياه مكروت الإسرائيلية . موضحا أن مجمل ما يصل لقطاع غزة حالياً حوالي 10 مليون متر مكعب من الجانب الإسرائيلي، تغطي المناطق الشرقية لخانوينس والمنطقة الوسطى ومدينة غزة التي يأتيها حوالي 5 مليون متر مكعب عبر منطقة "ناحل عوز" ويتم نقله من خزان المنطار لشرق ووسط مدينة غزة.

ونوه إلى أن هناك بعض المناطق في قطاع غزة لا تعاني من ملوحة المياه، مستدركا : "لكن ستتوفر لدينا المياه من ثلاثة مصادر، وهي التحلية ومكروت الإسرائيلية، وبعض الآبار المنتشرة في القطاع ذات الجودة المعقولة مبينا في السياق ذاته أنه "حين اكتمال هذه المصادر يُمكن أن نكون في عام 2020 قد تخطينا مرحلة الخطر".

وبهذا الصدد، نوه عن وجود اتفاقية لم تنفذ بعد مع "مكروت" الإسرائيلية، بحيث يتم زيادة كمية المياه القادمة منها للقطاع من 10 إلى 20 متر مكعب في السنة.

وشدد على أن الحل الاستراتيجي لمشكلة جودة المياه في قطاع غزة يتمثل في البدء والانتهاء من إنجاز محطة التحلية المركزية، موضحا أنه طبقا لما أعلنه مهندس مازن غنيم رئيس سلطة المياه فإن مجمل ما تم تأمينه من التمويل اللازم لإنشاء محطة التحلية المركزية حوالي 80% .

وقال : "محطات التحلية الحالية ومياه مكروت ومجمل هذا البرنامج يُمكن أن يساعدنا على تغطية احتياجات السكان من إمدادات المياه طبقا لمواصفات جودة المياه الفلسطينية حتى 2025".

محطات المُعالجة

وفي ملف آخر، استعرض شبلاق واقع عمل محطات معالجة الصرف الصحي الخمس في قطاع غزة، وهي (محطة بيت لاهيا بالشمال، والشيخ عجلين، وادي غزة، غرب خانيونس، تل السلطان).

وقال إن محطة بيت لاهيا أُغلقت تقريبا؛ كون "مجاري" الشمال تذهب باتجاه المحطة الجديدة "لانجست"، مضيفا أن محطة الشيخ عجلين بمدينة غزة طُوِرت من مصلحة المياه بالتعاون مع بلدية غزة بتمويل من الحكومة الألمانية عبر مؤسسة KFW ويُمكن أن تعمل بكفاءة عالية حتى عام 2025.

وكشف شبلاق أن 50% من مياه الصرف الصحي بالشيخ عجلين سيجري تحويلها مع نهاية عام 2019 باتجاه المحطة الجديدة شرق البريج.

وحول محطة وادي غزة، فهي بحسب شبلاق، مؤقتة وأصبحت غير قادرة على العمل بالكفاءة التي أنشأت من أجلها، لكن يفترض ان يتم اغلاقها مع البدء بتشغيل محطة البريج مع نهاية هذا العام.

وذكر أن محطة غرب خانيونس "انتقالية مؤقتة"، مبينا أنه "سيتم إغلاقها بمجرد أن يتم تشغيل المحطة الجديدة شرق صوفا قبل نهاية 2019" والممولة من الحكومة اليابانية وبنك التنمية الإسلامي عبر مؤسسة UNDP وبالشراكة مع سلطة المياه.

وتابع شبلاق إن محطة تل السلطان جرى إدخالها للتطوير مرتين؛ كي تكون قادرة على خدمة محافظة رفح حتى سنة 2025، لافتا إلى أنه سيتم دمجها مستقبلا مع محطة خانيونس حيث أُنشأت محطة هناك وستُجرب قريبا وستُوسع في المستقبل لتستوعب "مجاري" رفح، لكن ذلك يتطلب توفير قطعة أرض قريبة منها والتمويل اللازم لذلك.

وأكد أن كل محطات معالجة مياه الصرف الصحي في المناطق الغربية من المفترض إغلاقها مستقبلا في الفترة ما بين عامي 2025 – 2030، لتصبح كل "مجاري" القطاع في المناطق الشرقية.

وأوضح أن ثلاث محطات استراتيجية ستكون بالمناطق الشرقية وسط وشمال وجنوب القطاع، كي تستوعب مياه الصرف الصحي، ويتم معالجتها واعادة استخدامها في الزراعة وحقنها في الخزان الجوفي.

ووفق شبلاق، فإن المحطات يتم تطويرها لتعمل على مدار الساعة، ، لكن أزمة الكهرباء تجعلها تعمل حاليا 8 ساعات فقط "على سبيل المثال".

وفي ذات الشأن، عبر عن فخره بما تم إنجازه بشأن محطة البريج، مبينا أنه تم الاتفاق مع مؤسسة KFW ممثل الجهة المانحة على أهمية تأمين تمويل المصاريف التشغيلية لمحطة المعالجة لفترة من 3 إلى 5 سنوات تشمل تعيين الفريق التشغيلي.

وقال إنه يعمل مع وزارة الحكم المحلي وبلديات الوسطى وغزة كي يوقعوا اتفاقية معا بمساهمة الأخيرة بنسب متزايدة، منوها إلى أن الجهة المانحة وضعت شرطا بأن تمنح 5 سنوات لكن متناقصة مع تزايد من البلديات.

وحول محطة الجنوب، ألمح إلى وجود مفاوضات مع البنك الإسلامي للتنمية (الجهة المانحة) تقودها مؤسسة الـ UNDP وسلطة المياه كي يؤمن ما تبقى من مصاريف استثمارية للمشروع الذي انتهى، وتحويلها لمصاريف تشغيلية لحين تحسن الوضع الاقتصادي.

الكهرباء أكبر تحدي

وفي ما يتعلق بالتحديات التي تواجه عمل مصلحة المياه، أوضح أن المشكلة المزمنة هي الطاقة الكهربائية، متسائلا : حول مقدرة شركة الكهرباء على تزويد قطاع المياه باحتياجاته لفترة تتجاوز 16 ساعة في ظل أزمة الكهرباء التي لا تخفى على أحد.

وأشار إلى أن مصلحة المياه تحاول إيجاد بديل عن الطاقة الكهربائية التقليدية من خلال إنشاء وحدات طاقة شمسية، مبينا أن هذا البديل يحتاج إلى مساحات واسعة بالإضافة الى تكلفتها المرتفعة.

وبحسب شبلاق، فإن محطة التحلية في الوسطى جاهزة وتنتج 6 آلاف متر مكعب يومياً، لكن لم يصلها بعد كهرباء دائمة لتشغيلها، فيما محطة الجنوب تحتاج 3 ميجا وات لكن لم تحصل على كهرباء أكثر من 8 ساعات يوميا وضمن جدول الكهرباء الاعتيادي.

وذكر أنه تم تركيب طاقة شمسية لمحطة التحلية في الجنوب، لكنها تمنح فقط نصف ميجا وات من أصل ثلاثة مطلوبة، مؤكدا جاهزية محطات التحلية الثلاث للعمل إلا أن مشكلة الكهرباء لا تُمكن من تشغيلها بكامل كفاءتها.

كما تطرق إلى تحدٍ آخر، وهو القدرة المالية على استمرار تشغيل محطات التحلية والصرف الصحي، موضحا أن المحطات بحاجة إلى تغطية تكلفة الطاقم التشغيلي وقطع الغيار وفاتورة الكهرباء والمواد الكيميائية.

وقال :"يفترض ان لم يدفع المواطن فاتورته بسبب الوضع الاقتصادي الحالي وجود طرف اخر داعم، لذلك طرقنا أبواب المؤسسات الوطنية والمؤسسات المانحة بهذا الخصوص"، مشيرًا إلى تدني نسبة الجباية في قطاع غزة حيث بلغت في بعض المناطق أقل من 20%.

وأضاف : "التحلية والمعالجة تكلفتهما مرتفعة"، منوها إلى أن تكلفة تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي الحالية بلغت حوالي 40 مليون دولار سنويا، ومن المتوقع مع دخول المرافق الاستراتيجية الجديدة للخدمة تباعا أن تقفز إلى 80 مليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.

وبهذا الصدد، أعرب المهندس شبلاق عن خشيته من "أن نكون أنجزنا إنجازا وطنيا وأوجدنا حلولا لمشكلة المياه والصرف الصحي، ثم تتوقف إن لم نتمكن من دفع فاتورة التشغيل"، محذرة من أن المحطات على إثر ذلك مهددة بالتوقف في أي لحظة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد