إقرار إسرائيلي بصعوبة اجتياح غزة بريا
أقرت ورقة بحثيّة جديدة صادرة عن مركز بيغن-السادات للأبحاث الإستراتيجيّة في تل أبيب بصعوبة الاجتياح البري لقطاع غزة .
وقال معد الورقة وهو البروفيسور إفراييم عنبار مدير مركز القدس للإستراتيجيّة والأمن، إن " الجمهور الإسرائيليّ ملزمٌ بأنْ يفهم بأنّه لا توجد في غزّة “ضربة واحدة وانتهينا”، بل صراع قوى متواصل ينتصر فيه المرء بالنقاط.
وأضاف:" تبقى مفهومة حجج المعارضة لخطوة عسكرية واسعة النطاق في غزة، فجذور منظمة حماس مغروسة عميقًا في نفوس وعقول وقلوب السكان المحليين واحتمالات اقتلاعها أمر ضعيف، ومفهوم أيضًا، شدّدّ مُعِّد الدراسة، على أنّ الخوف من المصابين ومن دخول في خطوة قد تتعقد، وكذلك أيضًا الأولوية الإستراتيجية للتحديات الكامنة في الساحة الشمالية، على حدّ قوله.
لهذه الأسباب وغيرها، أردف عنبار، أن إسرائيل تتصرف الآن بقوة محدودة وصبورة ضد حماس، حتى في ضوء أحداث التسلل الأخيرة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ هذا التكتيك يستهدف التقليص قدر الإمكان لقدرتها على إلحاق الضرر.
واوضح أن مفهوم استخدام القوة المفضل لدى الجيش الإسرائيليّ في هذه اللحظة هو “استخبارات نارية”: قتال يشدد على نيل معلومات استخبارية دقيقة، وفي أعقابها استخدام نار دقيقة (في معظمها من الجو)، في ظل توقع بأنْ يؤدي هذا الخليط الناجح إلى تغيير في سلوك حماس وهذا النهج يوفر الخسائر أيضًا، على حدّ مزاعم البروفيسور عنبار.
وأكد الباحث الإسرائيليّ، أن الهدوء على طول الحدود لم يتحقق، بل ثمة إطالة في مدة المواجهات العنيفة، وإطالة في أوضاع الطوارئ في الجبهة الداخلية، بتكلفتها الاقتصادية، وخلق إحساس للإنجاز في الطرف الآخر.
وشدد على أنّ "العدوّ يتعلم الدروس أيضًا ويبذل جهودًا لمنع الاستخبارات الدقيقة عن الجيش الإسرائيليّ وتقليص نجاعة النار الإسرائيلية بواسطة التحصن والتخفي واستخدام الدروع البشرية".
وأشار إلى أنّ حركة حماس تفهم امتناع إسرائيل عن احتلال القطاع، وتشعر بأنّه يمكنها مواصلة المواجهات مع إسرائيل دون أن تدفع ثمنًا باهظًا، على حدّ قوله.
ولكن مع ذلك، ساقت الورقة البحثيّة قائلةً إنّه لا مفر من جباية ثمن باهظ أكثر من حماس، وبين الحين والآخر يخلق ردعًا طويلاً أكثر، ويبدو أنّ معركة برية لفترة محدودة ستحقق نتيجة أفضل من النشاط حتى الآن، وبالتالي ينبغي المناورة في أرض العدوّ، والعثور عليه وإبادته، أوْ أسر رجاله (في ظلّ تحطيم أسطورة المقاومة).
واستدرك في الوقت عينه بأنّ جهود “الاستخبارات النارية” مهمة، ولكنْ لا يُمكِنها أنْ تُشكِّل أكثر من دعم للجهود الأساسية، أيْ بكلماتٍ أخرى: الجهود البريّة، كما أكّد البروفيسور عنبار.
وتابع قائلا:" على الجيش أن يكون جاهزاً لتنفيذ مناورة واسعة وسريعة. أولاً، ثمة أهمية لاحتلال أرض هي قاعدة انطلاق للمنظمات العسكرية؛ لسحب حرية العمل منها. وتقليص النار المتواصلة على مواطني إسرائيل لن يتحقق إلا من خلال قوات مناورة تسيطر على الأرض، وتصفي قوات العدو وتمنع إطلاق الصواريخ.
ومن الجهة الثانية، أضافت الورقة البحثيّة الإسرائيليّة، أنّ "قدرة المناورة هي أداة مركزيّة لتحقيق الردع، فالعدوّ كفيل بأنْ يمتّص ضررًا جسيمًا من الجوّ، ولكن وجوده ككيانٍ سلطويٍّ لا يكون عرضةً للخطر، وبالمقابل، فإنّ احتلال أرض واسعة يفرض تحديًا أكبر بكثير".
ومضى عنبار قائلا:" عُلاوة على ذلك، تمثيل قدرة المناورة والحسم ضروري لتعزيز الردع ولدحض التقدير بأنّ المجتمع الإسرائيلي ضعيف ويخاف من الإصابات".
وقال الباحث الاسرائيلي:" صحيح أنّ للاحتكاك العالي أثمانًا، ولكن مدة القتال القصيرة نسبيًا كفيلة بأنْ تؤدي إلى عدد قليل من الإصابات في الجبهة الداخلية، وأخيراً، تعد المناورة أداة مركزية لحسم الجيش التقليديّ، وهذا تهديد قد يتحقق في جبهات أخرى، أمّا تطوير قدرة مناورة برية للجيش فهو خطوة تحتاج إلى الوقت، وإهمالها رهان خطر".