داعش بين هويتها وهوية أعدائها..بقلم:د.صلاح البردويل
ما أن تقترب من الحديث حول موضوع "داعش" حتى ينبري لك شباب من خيرة الشباب يدافعون، وبعضهم يزايدون، وبعضهم يتلوون في الحديث غير راضين، وذلك لأن كل هؤلاء لا يفكرون فيما تقول عن داعش ولكنهم يفكرون بمفهوم المخالفة في العدو الأكبر لداعش، ألا وهو التحالف الدولي لمحاربة داعش، هذا التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وتحركه عقول الصهاينة وتستنزف فيه أموال الدول العربية والإسلامية، وتستهلك فيه جهود المسلمين ودماؤهم، وكان الأولى بهذه الأموال والدماء العربية والاسلامية أن تدفع مهراً لتحرير فلسطين من خلال دعم المقاومة وصمودها.
إن الطريقة السابقة في التفكير كفيلة بأن تجعل الدفاع عن داعش أمراً طبيعياً، لأن العالم انقسم في ذهن الشباب المندفع إلى فسطاطين، إما داعش، وإما الحملة الصليبية بقيادة الولايات المتحدة والصهاينة!!!.
ولا يمكن لمؤمن ولا لعاقل ولا لسويّ حينئذ أن ينحاز لأعداء الإسلام، لذا فإنه يؤيد وينحاز تلقائياً إلى أعداء أعداء الله.
ولا شك أن الإسلام أمرنا أن ننحاز قلبياً إلى أعداء أعدائه، حتى ولو لم يكونوا مسلمين، حيث جاءت سورة الروم تجسيداً لهذه الرؤية الإسلامية، عندما تَقاتل الفرس عبدة النار الكفار مع الروم أهل الكتاب، فانتصر الكفار الفرس على أهل الكتاب الروم فحزن المسلمون حزناً شديداً، فجاءت البشرى من الله للمسلمين بأن بضع سنين فقط هي التي تفصل بين تلك اللحظة وبين انتصار الروم على الفرس، " ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله" سورة الروم.
ولكن السؤال: هل هذا يجعل الروم نموذجاً يحتذى، ودينهم ديناً يتبع عوضاً عن الدين الحقيقي الإسلام وعن النموذج الحقيقي نموذج النبي صلى الله عليه وسلم؟!.
وقد ينفعل أحد الشباب فيقول مستغرباً: وهل تقارن بين الروم وبين داعش؟!
أقول بشكل صريح: لا وألف لا، فهؤلاء أهل كتاب مشركون وداعش مسلمون موحدون، ولكنهم في نظرتهم إلى الإسلام وإلى جماعة المسلمين منحرفون، فهم كما قال عنهم مؤسسهم الظواهري قائد القاعدة التي انشقوا عنها يحرفون البوصلة ويسترخصون دماء المسلمين فيقتلون الآلاف منهم، ويعلنون الخلافة دون موافقة مجموع المسلمين ولا أغلبيتهم عليهم، وهذا اغتصاب للسلطة واستحلال لأرواح وأموال الأمة واستجلاب لكل قوى الكفر والشر من جديد إلى بلاد المسلمين يأكلون قصعتها ويعيثون فيها فساداً، بل إن أخطر من ذلك أن قضية فلسطين أصبحت قضية خلف الظهر ولم تعد لها الأولوية.
إن داعش تضع على رأس أولوياتها عداء جماعة الاخوان المسلمين تلك الجماعة التي يستهدفها الغرب والشرق والأنظمة العربية لأنها جماعة وسطية الفكر منسجمة مع روح الإسلام ونصّه، مجاهدة حكيمة، رحيمة بالأمة وأبنائها، قادتها علماء، وعناصرها متعلمون، وأياديها في كل المجالات بيضاء.
إن تصريحات تصدر عن بعض منظري داعش يستحل دماء حماس وتتهمها بالردّة والكفر، تقدم للمحتل الصهيوني والصليبية الغربية الخبيثة أروع هدية، لأن ضرب حماس هو أسمى أماني الصهاينة وعملائهم في الشرق والغرب!!.
ولعلّ أروع من هذه الهدية التي تقدمها داعش للصليبين والصهاينة أنها ت فتح أبوابها للاختراق الفكري والتنظيمي فتمكن للولايات المتحدة، وأتباعها أن يمارسوا من خلالها وباسمها أعمالاً بشعة، ويرسموا من خلالها وباسمها الصورة النمطية الإجرامية التي طالما رسمها قادة الصليبين لشعوبهم عن وحشية المسلمين ليكتسبوا دعمهم لإبادة المسلمين ونهب أموالهم.
اتقوا الله فينا يا أتباع داعش لا تكفروا المسلمين ولا تسترخصوا دماءهم لا تحاربوا المجاهدين وحاربوا الصهاينة وانتبهوا أيها الشباب من الفتنة، فلو افترضنا جدلاً أن ظروف العراق فرضت داعش فإن ظروف فلسطين تفرض حماس