صحيفة: لا يوجد خيارات ردع للمقاومة دون الدخول في مواجهة عسكرية مع غزة
أظهرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، ردة الفعل الإسرائيلية على تكرار التهديدات القادمة من قطاع غزة وخصوصاً بعد الأيام القليلة الماضية من محاولات تسلل وإطلاق نار على قوات جيش الاحتلال قرب حدود قطاع غزة.
وقالت الصحيفة، إن الساحة الفلسطينية تشهد سلسلة عمليات ومحاولات تسلل ينفذها الفلسطينيون ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة لإجراءات القمع والحصار، لكن ردة الفعل الإسرائيلية توقفت عند التهديدات والتوعد بعمليات عسكرية واسعة، مشيرةً إلى التبرير الرسمي لسياسية "ضبط النفس".
وأشارت إلى أنه لم يُسجل هذا المستوى من الانضباط الإسرائيلي إزاء محاولات تنفيذ عمليات تسلل وأسر سواءً في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
وتطرقت الصحيفة اللبنانية، إلى تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بأن الوضع الماثل أمام إسرائيل بالتأكيد الضمني على محدودية خياراتها، إذ رأي أن تل أبيب أمام احتمالين: الأول هو "الوضع الحالي الذي نرد فيه على أي نشاط "، والثاني الانتقال إلى وضع الحرب "حيث ستسقط الصواريخ على إسرائيل، فيما سنعمل على هزيمة حماس ".
ورأت الصحيفة أنه موقف كاتس إقرار بعدم وجود خيارات بديلة يمكن لإسرائيل اللجوء إليها من أجل ردع فصائل المقاومة في قطاع غزة، من دون الدخول إلى مواجهة واسعة، علماً بأن تل أبيب وضعت الكثير من الرهانات المماثلة خلال السنوات الماضية من دون نتيجة.
ولفتت الصحيفة إلى قول كاتس: "الآن، سياساتنا واضحة، نشدّد على الهدوء ونردّ على كل نشاط"، حديثٌ يستبطن محاولة ممارسة ضغط على الجمهور الإسرائيلي للتكيف مع السياسة التي تنتهجها تل أبيب حالياً، عبر الرد الموضعي المحدود على نشاطات عملانية للمقاومة، وأحياناً الامتناع عن المبادرة إلى أي ردّ جدي كما حصل في اليومين الماضيين.
ويتجلى هذا الضغط، بصورة أوضح، في التحذير المبطن من تداعيات خيار الحرب على الداخل الإسرائيلي، وكأن كاتس يخاطب الإسرائيليين بالقول: "هذه هي الخيارات المتوافرة لدينا، فهل تختارون سقوط الصواريخ أم الوضع الحالي بسلبياته القائمة؟".
وحول حديث كاتس، أنه "قد تأتي اللحظة التي تقرر فيها إسرائيل أن تعمل بشكل شامل، وعندها لن تكون هناك حصانة لقادة حماس"، فليس فيه أي جديد بالنسبة إلى فصائل المقاومة، لأنه في حال المواجهة الشاملة سيكون كل شيء مفتوحاً على الجبهتين، إلا أن التحدي أمام إسرائيل هو أن تبادر إلى مثل هذا الخيار رداً على عمليات موضعية تنفذها المقاومة، وهو ما لم تجرؤ عليه حتى الآن، نتيجة إدراكها حجم الثمن الذي ستدفعه، والذي يشكل الاستهداف الصاروخي لعمق إسرائيل القدر المتيقن منه.
وبشأن الخيارات البديلة من الحرب فهي مكلفة أيضاً، ومن هنا توجّه كاتس إلى الجمهور الإسرائيلي بدعوته إياه إلى أن يعي حقيقة "أننا نعيش في واقع تعمل فيه إسرائيل على تقليص قوّة حماس، والقضاء على تهديد الأنفاق، وتحسين الأوضاع الأمنية"، فهذه مفردات تعكس الكثير من معالم التحول التي شهدتها معادلة الصراع، مع منطقة لا تزيد مساحتها على 365 كيلومتراً مربعاً.
وأوضحت صحيفة "الاخبار"، أنه بدلاً من الحديث عن "تدمير" قدرات المقاومة، تحدث كاتس عن مساعٍ لتقليص قوة حماس، مع ما ينطوي عليه الأمر من إقرار بعدم واقعية الأهداف الطموحة في ظلّ المعادلات القائمة. كذلك، يعكس حديثه عن جهود القضاء على تهديد الأنفاق حقيقة أن إسرائيل باتت في موقع من يعمل على احتواء تطور تكتيكات المقاومة الهجومية والدفاعية.
أما بخصوص الوضع الأمني، فقد كان كاتس متواضعاً ودقيقاً، بإشارته إلى أن ثمة مساعي لتحسينه، بعدما نجحت المقاومة في فرض واقع أمني مرتبك في مستوطنات غلاف القطاع، وفشلت إزاءها كل المحاولات لثنيها عن مواصلة المسيرات واستخدام الأدوات الخشنة. لكن الوزير الإسرائيلي لم يوضح للجمهور العوامل التي أدت الى تضييق خيارات حكومته، وصولاً إلى وضعها أمام خيارين اثنين فقط. إذ إن أي تطرق إلى هذه العوامل سيكشف بوضوح فشل السياسة العدوانية والردعية التي اعتمدتها تل أبيب خلال السنوات الماضية ضد المقاومة في غزة.
في كلمته أيضاً، وفي ما يعكس حجم الضغط الذي خلّفته سلسلة العمليات في الضفة والقطاع في الأيام الأخيرة، قال كاتس: "لن نحتمل اللاهدوء في غزة والضفة الغربية"، محمّلاً حركة حماس المسؤولية عن كل عملية تحدث.
جاء ذلك بعد حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، خلال مراسم رسمية لعناصر "الشاباك"، عن إحباط أكثر من 600 عملية خلال العام المنصرم.
وبقدر ما تباهى نتنياهو بهذا الإنجاز الأمني لـ"الشاباك"، بقدر ما عكست معطياته حقيقتين أساسيتين: أولاهما حجم المساعي التي يبذلها الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وثانيتهما الدور الذي يؤديه التنسيق الأمني في مواجهة المقاومة. وفي كل الأحوال، هي تأكيد لوجود الأرضية الشعبية التامة لانطلاق مقاومة فاعلة ومتواصلة، في حال توفر المقومات المطلوبة لها، وهو ما تخشاه تل أبيب وواشنطن، وتعملان على منعه.