صور:اهمال "الاونروا" ونيران الايواء يلتهمان جسد الرضيع "عز الدين"

غزة / صبا الجعفراوي / سوا/ لم تكن تعلم أسماء الكفارنة أن حضنها لرضيعها عز الدين ابن الـ9 أشهر سيكون الأخير بعد أن أطعمته ووضعته على فراشه لينام في سبات عميق، وأن القبلة التي طبعتها على جبينه لن تتكرر ثانية، فقد فارق الحياة إلى الأبد بعد أن التهمته نيران الظلم بلا رحمة في إحدى الفصول الدراسية بمدرسة بيت حانون للإيواء شمال قطاع غزة.

فشاء القدر أن يفرق أسماء عن رضيعها الذي ترعرع في مركز الإيواء، لتجده جثة متفحمة بعد أن التهمت النيران كل ما يقابلها في الفصل.


وتقول الأم بحسرة وهي تجهش بالبكاء لـ"سوا": "ذهبت لبيت عائلتي كي أحضر الخبز لأطفالي بعد أن أوصيتهم أن ينتبهوا لشقيقهم عز الدين، وتركتهم يلعبون في الفصل بعد أن أمنت كل شيء لهم".


وما أن عادت أسماء إلى المدرسة سمعت صوت صرخات لمواطنين يقولون "الطفل تفحم الطفل مات"، فشعرت بقبضة في قلبها خوفاً من أن يكون طفلها، ولم يخيبها احساسها فعرفت أن المحترق هو ابنها، على الرغم من أن جيرانها في المدرسة حاولوا تضليلها.


وخلال حديثنا مع والدة الطفل قاطعتنا تهاني الكفارنة -عمة الطفل- الحديث بعد أن انهارت الأم، فقالت لـ"سوا" كانت ليلة عصيبة جدا علينا ولم نستطع النوم، فأخي كان يردد طوال الليل ويتذكر صراخ عز الدين وبكاءه وهو يستنجد بهم، لكن شدة اشتعال النيران والدخان حالت دون وصولهم له وانقاذه.


وبعد أن تمالكت الأم نفسها قليلاً تابعت حديثها بسخط "منذ أكثر من عشرة أيام ونحن نعاني في الفصل من مشكلة تماس كهربائي، فلم تكن المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، وتوجهنا لإدارة المدرسة وأرسلت وكالة " الأونروا " متخصصين، لكن المشكلة لم تحل بشكل كامل رغم استمرار شكوانا".


وحمّلت أسماء وكالة "الأونروا" مسؤولية موت طفلها نتيجة إهمالها للعائلات في مراكز الإيواء وعدم تأمين حياتهم، قائلةً "أحمل الوكالة أنها لم تنقذنا من الوضع الصعب الذي نعيش، واحملها حرماني من توديع طفلي".


وفي إحدى زوايا المنزل، تجلس الطفلة آية – التي لم تكمل عامها العاشر- شقيقة عز الدين تبكي بصمت وعلامات الصدمة بادية على وجهها، ونظراتها مليئة بالخوف والرعب تتساءل ما الذي حدث!؟ وكيف حدث ذلك!؟، فهي لم تتحمل مشهد جثة شقيقها المتفحمة عندما كان يحاول والدها انقاذه.


حاولت "سوا" الحديث مع الطفلة، لكنها ابتعدت أكثر من مرة ورفضت الحديث مع أي أحد مكتفية بالسكوت والبكاء بصمت.


تماس كهربائي كان كافي أن يشعل الفصل المكتظ بأفراد عائلة الكفارنة الذين لم يجدوا مأوى إلا في مركز الإيواء بعد أن دمر الاحتلال الإسرائيلي منزلهم خلال العدوان الاخير على قطاع غزة، فالنيران التهمت كل ما قابلها من ملابس وفراش حتى أخذت الطفل عز الدين الرضيع معها.


وفي وقت سابق وزعت إدارة المدرسة 7 طفايات حريق يدوية على النازحين ، لكنها كانت فارغة ولا تعمل وفق ما أكده نادي الكفارنة ابن عم الطفل، فيقول لـ"سوا" ما أن علمنا بالحريق في الفصل توجهنا له ونحن نحمل طفايات الحريق ولكنها كانت فارغة ولا يوجد بها أي مادة لإطفاء الحريق فسارعنا بإطفائها بالمياه على قدر استطاعتنا ولكن النيران كانت مشتعلة بشكل كبير.


وحاول بعض النازحين أن يطفئوا النار المشتعلة لإنقاذ الطفل، فقاموا بكسر شبابيك الفصل، لكن بلا جدوى، وما أن وصلت طواقم الدفاع المدني كانت النيران التهمت كل شيء في الفصل والتهمت جسد الطفل الضعيف.


وأفاد شهود عيان من أقارب الطفل الكفارنة أن "الأونروا" منعت دخول الصحفيين للمدرسة لتصوير الفصل وتوثيق الحادثة، وحصلت بعض المشادات بينهم صباح اليوم التالي للسماح للصحفيين والمصورين بالدخول للفصل وتصوير كل ما حدث.


واتهم ابن عم الطفل الكفارنة الأونروا بأنها معنية بالتستر على الحادثة وإخفاء الحقيقة من خلال منعها للصحفيين، مؤكداً أن المدرسة تفتقر لأمانات الحياة الكهربائية التي تمنع حدوث أي تماس كهربائي على الرغم من ابلاغ الوكالة بحدوث مشاكل في الكهرباء.


وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "اونروا" ان أمن وسلامة النازحين في مراكز الايواء التي تديرها هو أمر بالغ الأهمية (..) مشيراً الى انها قامت مؤخراً بإعطاء تدريب اجراءات السلامة شملت أيضا موظفي مراكز الإيواء في بلدة بيت حانون، و كذلك قد تم فحص شبكات الكهرباء في مراكز الايواء لتعزيز السلامة داخل مراكز الإيواء.


ولم تجد آلاف الأسر مأوى لها سوى جدران الفصول الباردة بمراكز الإيواء التي لم تحمهم من الموت بعد أن نجوا من العدوان الاخير الذي حرمهم من منازلهم ودمرها في ظل تأخر إعادة الاعمار وتوقف وكالة الغوث من دفع بدلات للإيجار بحجة عدم توفر الأموال لذلك.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد