واشنطن تُعيد تعريف 'معاداة السامية'

وزارة الخارجية الأمريكية

حدثت وزارة الخارجية الأمريكية التعريف العملي لـ"معاداة السامية"، بتفصيل على موقعها الإلكتروني ليشمل بين السياسات الإسرائيلية الحالية وتلك التي كان يتبعها النازيون.

وتأتي هذه الخطوة بعد أسبوعين فقط من موافقة مجلس النواب على قرار يدين حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS)، ووسط الهجمات المستمرة على النائبة الديمقراطية إلهان عمر من ولاية مينيسوتا (الصومالية الأصل والمحجبة الوحيدة في الكونغرس الأميركي) لتقديمها مشروع قانون يؤكد حق مقاطعة البلدان الأجنبية باسم حقوق الإنسان.

وعلى ما يبدو، فان الخارجية الأمريكية قامت بتجديد التعريف بهدوء وبدون بيان أو تصريح إعلامي، حيث تم رصد التعريف المنقح لأول مرة من قبل آدم ميلشتاين، رئيس المجلس الإسرائيلي الأمريكي، أحد واجهات اللوبي الإسرائيلي، يوم الثلاثاء (السادس من آب/ أغسطس 2019)، عبر تغريدة قال فيها ان "وزارة الخارجية (الأمريكية) قامت بتحديث تعريف اللاسامية ليشمل مقارنة ووصف سياسة إسرائيل المعاصرة مع سياسة النازيين".

وأضاف "المجد لوزير الخارجية مايك بومبويو، والمبعوث الخاص لمحاربة اللاسامية (اليهودي الأميركي العراقي الأصل) إيلان كار، وبالتالي أصبح الأمر أكثر وضوحًا الآن: إن حركة BDS معادية للسامية بشكل مثير للاشمئزاز".

وعلى الرغم من أن موقع الخارجية الاميركية يشير إلى أنه أضاف هذه المعلومات مؤخرًا فقط، فقد كانت تمت الموافقة على تعريف مشابه منذ عام 2010 دون ان يتم العمل به.

يذكر أن النائبة الهان عمر قدمت مشروع (H.Res.496 ) يوم 16 تموز الماضي الذي لم تذكر فيه كلمة إسرائيل أو فلسطين على الإطلاق، بهدف تشريع حق الأميركييين، أفرادا أو جماعات باستخدام وسيلة المقاطعة للتعبير عن عدم رضاهم لانتهاكات حقوق الإنسان في أي مكان، إلا أن الحزب الجمهوري، مدفوعا من منظمة اللوبي الإسرائيلي "إيباك" اعتبر جهود النائبة عمر بانها تأتي في سياق الرد على مشروع H.Res.246، وهو القرار الذي أدان حركة المقاطعة BDS، معتبرا اياها (المقاطعة) "معادية للسامية وعقبة رئيسية أمام حل الدولتين".

ويقول مشروع القانون الذي تقدمت به النائبة الهان عمر بأن "الأميركيين من ذوي الضمير لديهم تاريخ فخور بالمشاركة في المقاطعة للدفاع عن حقوق الإنسان في الخارج" ويستشهد بعدد من هذه الحالات. ومن بين الأمثلة التي يذكرها "مقاطعة ألمانيا النازية في الفترة من آذاو/مارس 1933 إلى أكتوبر 1941 ردًا على تجريد الشعب اليهودي من الإنسانية في الفترة التي سبقت الهولوكوست".

وعند تقديمه، تم انتقاد مشروع قانون الهان عمر على الفور من قبل الجماعات الموالية لإسرائيل ومشرعي الحزب الجمهوري بسبب مزاعم معاداة السامية نتيجة للإشارة إلى "النازية". وفقاً لما أوردته صحيفة " القدس "

وصرح الحاخام أبراهام كوبر، مدير برنامج العمل الاجتماعي العالمي بمركز سيمون فيزنتال، لوكالة الأخبار اليهودية (JNS) بأن مشروع القانون كان بمثابة "دليل على أن عمر ليست (فقط ) معادية عرضية للسامية، بل هي تخدم مؤسسي وأهداف BDS، من خلال التشهير بالدولة الديمقراطية اليهودية والصهيونية، وينبغي إدانتها، من قبل زملائها الديمقراطيين والجمهوريين".

وقال ماشا ميركولوفا، مؤسس مجموعة "حركة الشباب الصهيوني" Club Z ، للوكالة نفسها (JNS) "إن القرار الذي طرحته النائبة إلهان عمر يتحدى القيم الأميركية ويسعى إلى تقويض الروابط غير القابلة للكسر بين الولايات المتحدة وإسرائيل. إن حركة BDS المعادية للسامية متجذرة في التعصب والكراهية لليهود. إنها تسعى لنزع الشرعية عن الدولة اليهودية الوحيدة. بينما تحاول النائبة عمر مساواة أفعالها بالمقاطعات المبررة لألمانيا النازية، فإن هذا القرار في الواقع يذكرنا بالمقاطعات النازية البغيضة للمجتمعات اليهودية".

بدوره قام النائب اليهودي الجمهوري الوحيد في مجلس النواب، لي زيلدين من ولاية نيويورك (ومن أقرب المقربين لإيباك) بالتغريد، "إن هذا المشروع (مشروع النائبة عمر) المؤيد الجديد لـحركة BDS، والذي يطالب بالتعادل الأخلاقي بين مقاطعة ألمانيا النازية ومقاطعة إسرائيل. مشين! "

وتوضح القراءة الكاملة لنص القرار الذي تقدمت به النائبة عمر، ان مشروع القانون لا يقارن في الواقع إسرائيل بألمانيا النازية، حيث أن التشريع لا يذكر إسرائيل، بل يوضح كيف أن فكرة المقاطعة لها تقاليد عريقة في الولايات المتحدة، ويجب أن تكون متسقة يحميها التعديل الأول من الدستور. ومع ذلك ، فإن هذا التفسير الانتقائي لمشروع القانون هو الدافع الواضح لجهود أوسع يجري بذلها لتصوير النائبة الهان عمر وحركة المقاطعة ووصمهما بـ "معاداة السامية".

وتأتي هذه الاتهامات أيضًا وسط هجمات مماثلة من الرئيس ترامب ضد النائبة الهان عمر وثلاثة من أعضاء الكونغرس الذين يشكلون "الفريق التقدمي في مجلس النواب".

وفي مؤتمر صحفي الشهر الماضي ، قال ترامب "وفي إحدى الحالات لديك [عمر]. تأتي من الصومال، وهي حكومة فاشلة، دولة فاشلة. غادرت الصومال، وجاءت في النهاية إلى هنا، والآن هي عضو في الكونغرس، ليست سعيدة بذلك وتقول أشياء فظيعة عن إسرائيل. تكره إسرائيل. تكره اليهود. بكل بساطة تكره اليهود" بلهجة تحريضية للغاية.

وتأتي خطوة وزارة الخارجية أيضاً، في وقت يضغط فيه بعض أعضاء مجلس النواب لتمرير تشريع يسمح لوزارة التعليم بالتحقيق في تهم معاداة السامية في المدارس، مع تعريف أوسع لهذا المصطلح. وسيشمل هذا التفسير الجديد، بعض الانتقادات لإسرائيل. ويعتقد كثيرون أنه سيتم السماح لوزارة التعليم بقمع الطلاب المؤيدين للحقوق الفلسطينية نتيجة لذلك.

ويذكر أن وزارة الطاقة الأمريكية تبنت العام الماضي تعريفًا جديدًا لـ "معاداة السامية"، وسيقوم التشريع المقترح بتعميم هذا التعريف رسميًا على المستوى الفيدرالي.

وتعتبر هذه هي المرة الثالثة التي يحاول فيها المشرعون تمرير مثل هذا القانون في مجلس النواب، وقد مرر في وقت سابق في مجلس الشيوخ.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد