لا أحد يُنكر معاناة الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعتبر آخر احتلال في العالم،ولا أحد يستطيع أن يتجاهل عدد الضحايا الفلسطينيين للمجازر التي ارتكبتها إسرائيل في كل من دير ياسين وصبرا وشاتيلا وعدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا إثر الحروب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة !

لكن تلك المعاناة الفلسطينية، والعدد الكبير من الضحايا الفلسطينيين جراء انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، لا تبرر استخدام بعض الجهلة من العرب والفلسطينيين لمصطلحات عنصرية وكراهية تم ادانتها من قبل معظم شعوب العالم وتم تصنيف أصحابها في قائمة مجرمي الحرب بسبب جرائمهم النازية.

إن التصريحات الإعلامية التي لها علاقه بالنازية و انكار المحرقة و التي تشمل بعض من المباهاة باستخدامعبارات تُحرض على أصحاب الديانة اليهودية ، كل ذلك لا يخدم القضية الفلسطينية ، بل يُجردها من انسانيتها ، مما يشوه ذلك صورة الشعب الفلسطيني ، ويعطي المجال الكبير للقادة الإسرائيليين من أجل تحريض الرأي العام الدولي على السياسي الفلسطيني بشكل خاص و الشعب الفلسطيني بشكل عام.

إنه لمشهد بشع جدا، أن نشاهد العلم الفلسطيني المبجل لدى معظم أفراد الشعب الفلسطيني، مرتبطا بقطعة قماش بالية مرسوم عليها شعار النازية، و يرفرف قرب الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة!

فكيف يتم ربط رمز الدولة الفلسطينية الحرة بحقبة زمنية مظلمة من تاريخ العالم، ألا وهي فترة حكم النازيين؟

ومن المستغرب أيضا،أن بعض القادة الفلسطينيين يقعون في شرك المحرقة، عندما ينكرونها، و كأننا نحن الفلسطينيون أصحاب تلك المحرقة،بينما ألمانيا نفسها والتي ارتكب زعيمها السابق هتلر المحرقة اعترفت بها واعتذرت لليهود عنها، فما المغزى منأن ننكر نحن الفلسطينيون جريمة تم توثيقها تاريخيا بالوثائق و الأرقام ،ونالت اعترافا دوليا بكونها من أبشع جرائم الحروب الدولية؟

وما علاقة انكار المحرقة بمعركتنا مع الاحتلال الإسرائيلي؟ فنحن ضحية هذا الاحتلال وبإنكارنا للمحرقة وتباهينا بشعارات نازية، نعكس حينها الأمور رأسا على عقب، فنصبح نحن الجلادون ويصبح الاحتلال هو الضحية.

إنه من الغباء السياسي، أن يستخدم بعض القادة الفلسطينيين مصطلحات نازية و لاسامية ،و أن يرفع بعض المتظاهرين شعارات النازية في الوقت الذي بدأت دول العالم المتحضرتُدين كل من يحرض ولو بكلمة ضد اليهود تحت تهمةمعادة السامية.

لذا علينا كفلسطينيين، أن نعرف جيدا كيف نختار معاركنا السياسية، وأن نعرف ضد من نخوض تلك المعارك، فمعركتنا السياسية ليست ضد اليهود أنفسهم، اللذين كانوا بلا شك ضحايا للمحرقة النازية، حيثقُدر عدد ضحايا تلك المحرقة بنحو 6 ملايين يهودي .

إن معركة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي نفسه، الذي يقوده قادة إسرائيليون متطرفون ينكرون حقوق الشعب الفلسطيني بالحرية و الاستقلال، و ليس مع أصحاب الديانة اليهودية ، الذي يدعوهم الإسلام ب "أهل الكتاب" ، فهناك أمثلة كثيرة عن رفض عدد كبير من اليهود لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ورفضهم أيضا الهجرة إلي إسرائيل.

لقد انتهى عصر النازية مع نهاية الحرب العالمية الثانية، و قد مات هتلر النازي انتحارا، و لقد اعتذرت ألمانيا لليهود و غيرهم عن المحرقة و الحقبة النازية، لكن للأسف مازال بعض العرب و الفلسطينيين يتباهون بتلك الحقبة السوداء، ظنا منهم أن ذلك سيشفى غليلهم من الاحتلال الإسرائيلي، و سيجعلهم يشعرون بنشوة التشفي و الانتقام.

لكن ذلك الشعور الهائج لن يحقق سوى الإساءة للقضية الفلسطينية، وسيجعل القضية الفلسطينية تفقد تعاطف المجتمع الدولي وشعوب العالم الراقية معها.

لذا أقول هنا، وبصوت مرتفع ، النازية ، و المحرقة ، و اللاسامية ، خطوط حمراء يجب عدم الاقتراب منها حتى لا نحرق قضيتناالعادلة بأيدينا ، و حتى لا نشوه صورتها في أعين شعوب العالم الأخرى، و حتى نحافظ على إنسانية شعبنا و حقوقنا السامية في الحرية و الاستقلال من براثن الاحتلال الإسرائيلي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد