إدمان المخدرات بالضفة..تفاصيل ومعطيات "خطيرة"

رام الله / سوا / "انهارت وهي تبكي بشدة محاولة تقبيل اقدامي"، يقول احد عناصر وحدة مكافحة المخدرات برام الله واصفا ردة فعل إحدى الامهات عند وصول عناصر الوحدة لمنزلها في احد احياء رام الله لإلقاء القبض على إبنها بعد تلقيهم بلاغا من الام يفيد بتعاطي ابنها المخدرات في مسعى لانقاذه مما هو فيه.

ويضيف عنصر المكافحة الذي التقيناه في مقر مكافحة المخدرات برام الله: "بكت بشدة عند وصولنا لبيتها، وتوسلت لنا لإنقاذ ابنها من آفة تعاطي الادمان، قبل ان نلقي القبض عليه متلبسا في احدى غرف المنزل بمساعدة اشقائه".

قصة هذه الام ت فتح الباب على مدى تفشي تعاطي المخدرات في الضفة ككل، وتطرح التساؤل ما اذا كانت المخدرات ظاهرة ام لم ترقى لذلك بعد، إلا ان ثمة تفاصيل خفية تكشفت بين شقي هذا التساؤل.

معطيات خطيرة

بين اعتبار المخدرات ظاهرة ام حالة ضئيلة الانتشار، يصر رئيس جمعية اصدقاء الحياة لمكافحة المخدرات الدكتور اياد عثمان على تأكيده بان ادمان المخدرات اصبح ظاهرة تصل لوضع خطير يتطلب الحذر، والعمل الجاد في كافة انحاء الضفة.

ويقول الدكتور عثمان لاذاعة راية المحلية، ان الارقام والاحصائيات قبل حوالي شهر تشير الى تضاعف اعداد المتعاطين بنسبة 300% في الضفة في عام 2014، في حين كانت اعداد المتعاطين في دراسة اجرتها ادارة مكافحة المخدرات لعام 2007 تصل لحوالي 80 الف مدمن، في كافة المحافظات.

ويضيف: "الظاهرة في تنامي وازدياد، كما ان عدد الاتصالات والاستفسارات وطلبات المساعدة التي نتلقاها من المتعاطين الذين يسعون للعلاج، في ازدياد مستمر، عشرات الاتصالات بل مئات يوميا".

ويقول ان 30 نوعا جديدا من المخدرات دخلت على الضفة خلال الاشهر الماضية، فيما سجلت 6 حالات انتقام بالمخدرات من بداية عام 2015، حيث تتعرض الضحية لتناول مخدرات تتسبب بإضطراب عقلي مستديم له، ويصعب علاجها.

ويكشف ان كافة الارقام والاحصائيات لا تشير الى الاعداد الحقيقية، بل هنالك ارقام "مهولة"، على حد قوله.

وتباعا للمعطيات الخطيرة حول ظاهرة الادمان، يبين الدكتور عثمان في لهجة لا تخلو من التحذير، بأن نسبة ليست قليلة من المتعاطين هن من الفتيات، وزيادة بنسبة 5- 10% خلال 2014 مقارنة بالإعوام الماضية، في نسبة الفتيات المدمنات على مستوى محافظات الضفة.

ويضيف: "لدينا حالات لإطفال بعمر 11 سنة يتعاطون المخدرات".

غياب الرادع

"وأكد البيان أنه تم إحالة المتهم مع المضبوطات إلى النيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني بحقه"، هذه العبارة تتكرر كخاتمة لكافة الاخبار اليومية التي يعج بها موقع الشرطة الفلسطينية وتتحدث عن ضبط مدمنين في هذه المحافظة او تلك، لكن معلومات قد تبدو "مؤسفة"، دفعتنا للتساؤل بقوة عن ماهية "المقتضى القانوني بحقه".

في غمرة الجهود التي تبذلها الشرطة لملاحقة المتعاطين، يكشف مصدر امني ، فضل عدم ذكر عن اسمه، عن ان احكاما مخففة وشكلية تتخذ بحقهم.

ويضيف: "اضعف المحامين بإمكانه تخليص هؤلاء المتعاطين من القضاء، وبعضهم لا يقبع في السجن اكثر من اسبوع".

وهنا يبين الدكتور عثمان والمطلع على الشأن القضائي بحق المتعاطين، يبين ان القضاء الفلسطيني يسري تحت ما يسمى "القرار العسكري الاسرائيلي" في تنفيذه لأي حكم بحق المتعاطين او اللصوص، بحيث يؤدي هذا "القرار العسكري" إلى احكام مخففة جدا على المدمنين، ولا ترقى للعقوبة اللازمة.

مصدر مطلع اكتفى بالقول: "وضع قضائنا زفت"، في إشارة للأحكام المتخذة بحق المتعاطين، قالها بابتسامة ساخرة لا تخلو من إشارة إلى حقيقة مرَة.

ويؤكد المحامي مهند كراجة ، ان الاحكام بحق المتعاطين لا ترقى لمستوى العقوبة الرادعة، إذ تسري قوانين قديمة اكل عليها الدهر وشرب وتؤدي بالمجمل على حكم مخفف على المتعاطي.

لا حاضنة

يتجه العديد من المتعاطين للسلوك الأسوأ وربما الجريمة بالرغم من رغبته بالشفاء من التدمير النفسي والاجتماعي الذي يعيشه، كيف؟

يقول الدكتور عثمان: "تكلفة علاج المتعاطي تصل إلى ثلاثة الاف شيكل في المراكز الخاصة في ظل انعدام مراكز حكومية تعالج مجانا، ومعظم الحالات التي تدمن هي فقيرة".

ويضيف: "ليقدر على توفير وجبته اليومية من المخدرات يضطر لتوزيع ما لديه للحصول على وجبة مجانية، وفي بعض الحالات يضطر للسرقة او ارتكاب جريمة".

بمرارة يتحدث المدمن المتعافي "ع. م"، عن تجربة علاجه: "أشخاص متطوعون قاموا بالدور الذي يجب ان تؤديه المؤسسات، ووفروا لي العلاج النفسي والاجتماعي، وما تلا ذلك من تأهيل".

قد يبدو انتشار المخدرات في الضفة، موضوعا لا يطفو على السطح ولا يؤرق المستوى العام، لكن المعطيات تشير الى خطورة قادمة، وبالتدقيق اكثر هنالك ادوار لو تنفذ لن يصل الوضع إلى هذا السوء.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد