بضعة صواريخ أطلقها العراق على إسرائيل أثناء ما يسمى بـ "عاصفة الصحراء" أو حرب تحرير الكويت، في مثل هذه الأيام عام 1990. الدولة العبرية وبضغط من الولايات المتحدة اتخذت قراراً بعدم الرد، في سياق "النأي عن النفس" وان إسرائيل ليست طرفاً في تلك الحرب، الرئيس الإسرائيلي في ذلك الوقت اسحق شامير كان في موقف حرج إزاء قرار عدم الرد في وقت كانت إسرائيل وعَبر قياداتها ووسائل الإعلام لديها تحرض على ضرورة تأييد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد العراق.
في مقال مشترك نشر على موقع معهد واشنطن قبل عام تقريباً (20 آب 2018) للكاتبين نداف بن حور (رائد في الجيش الإسرائيلي) ومايكل ايزنشتات (مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن) تعرض لاحتمالات وسيناريوهات الحرب القادمة العام الجاري 2019، من بينها حرب في سورية، وأخرى في لبنان، وكذلك في جبهة غزة ، وحرب على أكثر من جبهة، وحرب مع الحوثيين، ثم حرب إقليمية، (وهو احتمال ضعيف حسب عرض المقال المذكور) تتعاون فيها إسرائيل مع دول عربية ضد إيران، وينصح المقال بعدة إمكانيات للاستعداد لمثل هذه الحروب، إلاّ أن الكاتبين لم يفطنا في هذا المقال إلى احتمال تطور الأمور في منطقة الخليج العربي، وهي الحالة التي أدت إليها تداعيات العقوبات الأميركية على إيران إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، لذلك فإننا نعتقد أن تطورات تصاعد إمكانيات انفجار الوضع في الخليج العربي، ربما فاجأت الدولة العبرية بحدود معينة، إذ بينما كانت تدرس سيناريوهات الحروب المختلفة، ربما لم تفطن لكي تستعد للمساهمة في تحالف دولي، بقيادة أميركية تحت اسم "عملية الحارس"، خاصة بعد دعوة إسرائيل من قبل واشنطن من خلال المبعوث الأميركي للشؤون الإيرانية برايان هوك، للمشاركة في بلورة هذا التحالف من ناحية، واستعداداً لمساهمة إسرائيل في مؤتمر تأمين المسارات البحرية في الخليج العربي، الذي سيعقد في المنامة في الخريف المقبل، والذي يعدّ استمراراً لمؤتمر وارسو الذي شارك فيه بنيامين نتنياهو في شباط الماضي.
مع ذلك، ساهمت إسرائيل منذ بداية التوتر والتصعيد في الخليج العربي، بالتحريض نحو الحرب ضد إيران. هناك أكثر من مصدر يؤكد أنها كانت وراء التفجيرات الأولى التي تمت هناك، مع ذلك فإن هناك في إسرائيل من يطالب نتنياهو، بالاستعداد لكل الاحتمالات، ولكن مع ضرورة عدم الانزلاق في هذه الحرب ومحاولة التملص من أية مشاركة بها بشكل مباشر في سياق "النأي عن النفس" إلاّ أن بعضاً آخر، يرى أن المساهمة في مثل هذه الحرب، من قبل إسرائيل، ربما تشكل خشبة الخلاص لنتنياهو من الانتخابات القادمة، ذلك أن مثل هذه المساهمة ستشكل سبباً لتأجيلها، أو إلغائها، وهو ما لم يتمكن نتنياهو من النجاح فيه، لذلك فإن الدور الإسرائيلي "المباشر" في هذه الحرب، سيظل رهناً بالتطورات!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية