(صور).. أحلام أول مصممة أزياء بغزة تقف على عتبة معابرها
غزة / صبا الجعفراوي/ سوا/ بأناملها الناعمة تمسك الشابة نرمين الدمياطي مقصها وتمرره على الأقمشة المخملية بانسيابية عالية، لتنتج أزياءً جميلةً ومميزةً وتعلقها في إحدى زوايا معرضها المتواضع بمدينة غزة.
نرمين -28 عاما- مصممة الأزياء الأولى بل تكاد أن تكون الوحيدة في غزة، عملت منذ سنوات على تطوير نفسها وتنمية موهبتها في التصميم، وتخصصت في تصميم قطعاً مميزة تحمل طابعاً أنثوياً فلسطينياً بامتياز.
وتستذكر نرمين بداية اكتشاف موهبتها قبل حوالي عشر سنوات، وتقول لـ"سوا" بدأ شغفي وحبي للأزياء ومواكبة كل ما هو جديد في عالم الموضة من ألوان وتصاميم وأقمشة، "فأصبحت أتابع القنوات التلفزيونية التي تبث عروض الأزياء، والبحث على الفيديوهات عبر شبكة الانترنت لتطوير موهبتي".
وتتابع مصممة الأزياء "على الرغم من تأثير عملي كمصممة على تحصيلي الدراسي في الجامعة إلا أنني لم أضيع أي فرصة تتاح لي في تعلم المزيد في عالم الأزياء، فتواصلت مع معاهد في جمهورية مصر وأخذت دورات تدريبية عن بعد من خلال الانترنت والتي كنت أتمنى بشدة أن احضرها مباشرة لكن الحصار وأزمة معبر رفح البري منعتني من ذلك.
ويعرف مجتمع غزة بأنه محافظ ولا يتقبل أي فكرة جديدة قد يظنه أنها تمس عاداته وتقاليده، الأمر الذي صعب على نرمين عملها كمصممة أزياء للنساء، فقد واجهت مشاكل وصعوبات عدة كأن يظن البعض أنها لا تختلف مطلقاً عن الخياطات، إضافة لمشكلة تقبل الفتيات أن يعرضن الملابس وتصويرها بهدف الترويج والدعاية خوفاً من نظرة المجتمع.
وترى مصممة الأزياء أنها تختلف تماما وبشكل كبير عن محلات الخياطة، فهي تعمل على تصميم الأزياء بما يتناسب مع الفتاة وعمرها ولون بشرتها وشكل جسمها، وشكل التصميم والقماش الذي يتناسب معه، ومواكبة كل ما هو جديد على الساحة من خلال متابعة المصممين العالميين، بينما الخياطين ينفذون ما يطلب منهم فقط دون ابداء رأيهم.
وتهتم المصممة الشابة بتصميم ملابس المحجبات التي تناسب ثقافة المجتمع الغزي وتحافظ على عاداته، لكنها عملت على ادخال بعض الصيحات والتصاميم التي تضفي رونقاً جميلاً عليها تواكب الموضة العالمية، لذلك أطلقت على تصميماتها اسم Voile Moda كماركة مسجلة وهي تعني "موضة الحجاب" باللغة الفرنسية، إلى جانب تصميم فساتين المناسبات والملابس ذات الطابع الرسمي.
وتضيف نرمين "أشعر بالنجاح والإنجاز كلما وجدت فتيات يقبلن على معرضي ويطلبن تصاميما مني يتميزن بها وبالفعل وجدت اسمي ينتشر لخارج غزة إلى الضفة الغربية ولكن ما يمنعني من فتح فرعاً آخر هناك هو صعوبة السفر والتنقل بسبب الاحتلال الاسرائيلي الذي لا يسمح للشباب بالسفر".
وعلى الرغم من أن تمويل العشرينية شخصي وذاتي إلا أنها تراعي الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه القطاع، وتحاول بقدر الامكان أن تصمم قطعاً تتناسب أسعارها مع الفئات المختلفة بالمجتمع إلى جانب كسبها لبعض المال لتغطية تكاليف معرضها، إلا أنها تتمنى أن تجد جهة داعمة لها حتى تستطيع النجاح والوصول لحلمها بشكل أسرع.
وتحلم نرمين أن توسع مشروعها حتى يصل إلى بيت أزياء على غرار بيوت الأزياء في الدول العربية والغربية، بعد أن بدأت بتطوير عملها الذي انطلق من بيتها ومن غرفة نومها على ماكينة خياطة واحدة وعلى نطاق عائلتها فقط، إلى أن الوضع تطور معها وافتتحت أول معرض دائم لها.
وكغيرها من الشباب والشابات الطموحين تواجه المصممة عقبات عديدة تقف في وجه تحقيق حلمها والوصول للعالمية أهمها الحصار المطبق على القطاع منذ أكثر من 7 سنوات، الأمر الذي صعب عليها كثيرا من توفير ادوات واقمشة وماكينات خياطة غير متوفرة تعمل على تطوير عملها وانجازه، إضافة إلى عدم قدرتها على المشاركة في عروض أزياء عربية وبقاء عملها على مستوى محلي فقط.
وتقول المصممة الشابة التي تنعكس من أعينها نظرة الاصرار والعزيمة إن حلمها هو إقامة عرض أزياء في غزة أولا، وبعد ذلك المشاركة في عروض أزياء دولية وعربية حتى تصل رسالة للعالم بأن غزة يخرج منها شباب مميزين رغم ما تعانيه من ظروف صعبة وقاسية.
الشابة نرمين تميزت في المجتمع الذي تعيش فيه في ظل صعوبة تقبل فكرتها، ثابرت واجتهدت حتى تحقق حلمها رغم الحصار، فهل سيأتي اليوم الذي ستعلق فيه أحلامها عبر تصاميمها في أكبر معارض الأزياء العالمية!؟.