عندما يتقدم الحزب للعمل السياسي والاجتماعي يجب عليه دراسة الواقع وخصائص الشعب وتجاربه النضالية حتى يبتعد عن الغوغائية والسطحية في الطرح وعدم ملامسة الواقع وبنظرة الى الشعوب التي وقعت تحت الظلم والاستعمار لا يوجد شعب ضعيف مهما علا جبروت الاحتلال لكن قد تكون هناك قيادة ضعيفة غير قادرة على تحديد مكامن القوة لدى الشعب وبالتالي الإسناد إليها في تحديد الأدوات النضالية المناسبة.

في الذكرى الـ17 لميلاد حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية لابد من الوقوف لحظة لمراجعة واستعادة المرحلة السابقة وهنا لا يسعني التحدث في مقال واحد عن 17 عام من العطاء والنضال وأيضاً الاخفاقات لكن سنتحدث عن ثلاثة محاور ضرورية من وجهة نظر كاتب هذه السطور.

أولاً: هل حركة المبادرة امتداد لتقاليد الحركة الوطنية الفلسطينية ؟

للإجابة على هذا السؤال لابد من الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي واكبت ميلاد حركة المبادرة وقد تكون الدافع الرئيس لتأسيس الحركة، لقد ألحق اتفاق اوسلو الضرر في النسيج الوطني الفلسطيني وتغييب الروح الثورية واقصاء السمات النضالية للشعب الفلسطيني ومع بدء الانتفاضة الثانية والتي كانت بمثابة تمرد على اتفاقيات اوسلو وصرخة في وجه كل الاتفاقيات التي وقعت مع الاحتلال ، فتداعت مجموعة من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة والنزاهة والخبرة الطويلة في العمل الكفاحي الفلسطيني لتأسيس حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية لإعادة تجسيد الروح الثورية لدى الشعب الفلسطيني واستعادة راية المقاومة الشعبية مجسدة المقاومة الشعبية كنهج كفاحي أصيل مقرون بالمواجهة الميدانية والذي تبنته كل فصائل العمل الوطني بكافة أطيافها .

وبذلك نستطيع القول أن المبادرة الوطنية هي امتداد لهذه التضحيات الجسام والمقاومة العنيدة للشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وتطور طبيعي للفكر النضالي الفلسطيني لقد كان تأسيس الحركة حاجة ماسة فرضتها ظروف الواقع الفلسطيني والتي جاءت لتشكل تياراً ثالثاً ليعبر عن رأي الأغلبية الصامتة كما جاء في بيان التأسيس والذي باعتقادي لم ينجح حتى الآن في تشكيله بسبب مجموعة من العوامل التي مر بها الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية لسنا هنا بصدد ذكرها وهذا ليس تبريراً لذلك أحتسبها أحد أهم الاخفاقات الرئيسة للحركة.

ثانياً : كيف ارتبطت المبادرة بالواقع الفلسطيني؟

ارتباط أي تنظيم بالواقع يمر من خلال دراسة الواقع ومن ثم تحديد الأولويات بالتالي صياغة استراتيجية قادرة وقابلة للتنفيذ وهنا إذا نظرنا إلى أهم الأعمدة في الاستراتيجية لحركة المبادرة ستجد أنها المستندة أولاً على دعم صمود الناس وخصوصاً الفئات المهمشة والتركيز على الوحدة الوطنية والتضامن الدولي وتصعيد المقاومة الشعبية فتجد انها ومنذ تأسيسها ارتبطت بالنضال والمظاهرات والمسيرات والتحشيد الجماهيري (نعلين ، بلعين، أرض المعصرة نموذج لذلك) وأيضاً مقاطعة منتجات الاحتلال وبالتالي ربط الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والذي نبهت له الحركة مبكراً.

ثالثاً: الأدوات النضالية للحركة:

وضع أي استراتيجية للحركة لابد أن يتبعها تحديد الأدوات النضالية وبغير ذلك تكون الاستراتيجية حبر على ورق عاجزة عن الحركة والتطور . إذاً الأدوات النضالية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستراتيجية .

لذا نجد أن الأدوات النضالية للحركة تمثلت في تصعيد المقاومة الشعبية مقرونة بالفعل الميداني وأيضاً مقاطعة المنتجات الاسرائيلية والعمل على خلق ثقافة مقاومة من خلال اتاحة الفرصة للجميع في المشاركة بالفعل الوطني والعمل الدؤوب على استعادة روح العمل التطوعي وخصوصاً في صفوف الشباب واعادة الاعتبار للتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني من خلال استقدام نشطاء اجانب للاطلاع عن كثب على الوضع الفلسطيني وباعتقادي ان الاشتباك مع الاحتلال بشكل مستمر واحدة من اهم الادوات النضالية للحركة بمعنى تصعيد المقاومة الشعبية وهذا لا يلغي أهمية وضرورة الأدوات النضالية الأخرى.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد