العثرات تلاحق الفلسطينيين داخلياً وإقليمياً ودولياً ولا حلول جذرية في الأفق

رام الله / سوا / يبدو أن ملف محكمة الجنايات الدولية يستحوذ على الأجندة الفلسطينية هذه الأيام، خاصة بعد إعلان الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وعبر مرسوم رئاسي، عن تشكيل لجنة وطنية عليا للمتابعة مع الجنائية الدولية، ومع الحديث عن ملف الاستيطان الذي يجري أعداده، تواصل إسرائيل طرح العطاءات لمزيد من الوحدات الاستيطانية في الضفة، وسرقة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، لتوسيع أربع مستوطنات كبيرة في الضفة الغربية.


لكن الأمور لا تسير على ما يبدو، كما هو مخطط لها من قبل، فقد سُربت معلومات، حصلت عليها صحيفة القدس العربي اللندنية، أن هذه اللجنة كانت مختلفة، من حيث الأسماء على وجه الخصوص، وهو ما رفضه الدكتور صائب عريقات ، حتى حصل التغيير وعين رئيساً لهذه اللجنة، بينما أثارت أسماء أعضاء هذه اللجنة، الكثير من ردود الفعل في الشارع الفلسطيني.


فكتب الإعلامي فتحي برقاوي، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» يقول «سكون فلسطيني رسمي وشعبي، هل هو نتيجة تبلد؟.. لم نعد مرة ثانية إلى مجلس الأمن كما وعد أبو مازن، واكتفى هذا الاخير باصدار مرسوم منح فيه عريقات، ملف محكمة الجنايات الدولية، مكافأة له على نجاحه الباهر في ملف المفاوضات». وختم برقاوي يقول «أين السر؟..هل هو نتيجة معرفة القيادة الأكيدة أن همنا الأكبر معرفة إذا كانت الرواتب أو نحو نصفها قد وصلت إلى البنوك؟».


وبالفعل، تساءل الشارع الفلسطيني، عن عدم التوجه إلى مجلس الأمن من جديد، كما صرح الرئيس عباس أكثر من مرة، خاصة أن فترة الانتظار، كانت للتغيير الذي سيجري على أعضاء مجلس الأمن، وحدث هذا فعلاً، لكن لم يتبعه حراك فلسطيني نحو المحفل الأممي، وكأن شيئاً لم يكن.


أما الأمر الثاني الذي يستحوذ على اهتمام الشارع الفلسطيني، فهو الرواتب فعلاً، ولكن ليس وصولها البنوك وحسب، بل من أين توفرت الأموال لدفع راتب كامل لأصحاب الرواتب المتدنية «تحت 2000 شيكل»، و60% لمن يحصلون على أكثر من ذلك، خاصة وأن لا إعلانات جديدة من الدول العربية على تحويل مزيد من الأموال لصالح خزينة الدولة، بينما تواصل إسرائيل احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية.


أما على الأرض، وتحديداً في ملف الاستيطان الذي يستحوذ على الاهتمام الأكبر بالنسبة للسلطة الفلسطينية، والاستعداد لتحويله إلى الجنايات الدولية، فإن إسرائيل تضرب بعرض الحائط محاولات السلطة والعالم كافة، لمحاسبتها، بينما تحاول صد كل محاولات تنامي المقاومة الشعبية الفلسطينية في إفشال مخطط «ئي 1» الاستيطاني، وهدمت قرية بوابة القدس في أبو ديس للمرة الخامسة على التوالي.


في الوقت ذاته تعلن إسرائيل عن المزيد من العطاءات لبناء وحدات سكنية جديدة في الأراضي الفلسطينية، ومصادرة آلاف الدونمات لتوسيع أربع مستوطنات في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي أدانته وزارة الخارجية الفلسطينية، وأدانت ما أسمته بالهجمة الاستيطانية الشاملة التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة في الأيام الأخيرة، سواء ما يتعلق ببناء 64 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «راموت» قرب القدس، أو قرار حكومة بنيامين نتنياهو نشر عطاء لبناء 580 غرفة فندقية في جبل المكبر، على مساحة 67 دونماً مما تسميه أرض دولة، وبناء 430 وحدة استيطانية في الضفة، أو في ما يتعلق بالمخطط الإسرائيلي لتهويد الباب الجديد في القدس القديمة، وتغيير معالمه العربية والإسلامية، وكذلك ما أعلنت عنه الإدارة المدنية الاحتلالية أمس من استيلائها على 3740 دونماً لتوسيع أربع مستوطنات في الضفة وغيرها.


وأعلنت الخارجية الفلسطينية في بيان لها أنها تنظر بخطورة بالغة لهذا التصعيد الاستيطاني وتداعياته على الأوضاع، خاصةً وأنه يقوض كل فرصة ممكنة للسلام والمفاوضات، ويمثل استمراراً لتهويد وضم المناطق المسماه (ج) الخاضعة كليا لسلطات الاحتلال، وبالتالي تدمير مقومات وجود دولة فلسطين المستقلة القابلة للحياة، وتعتبره أيضاً دعوة اسرائيلية رسمية، صريحة وعلنية، لدوامة العنف والارهاب في المنطقة برمتها.


وطالبت الوزارة الدول كافة، خاصة اللجنة الرباعية الدولية والدول الأعضاء في مجلس الأمن، لتحمل مسؤولياتها إزاء هذا العدوان المدمر للسلام، والتصدي له ووقفه فوراً، وإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي واتفاقيات جنيف. مؤكدة أن هذا العدوان الاستيطاني الاحتلالي دليل قاطع على سلامة التوجه الفلسطيني للمحكمة الجنائية الدولية، وسوف يكون لملف الاستيطان الأولوية البارزة في ذلك.


لكن الأمور على المستوى العربي والإقليمي والدولي، لا توحي بأن أمور الفلسطينيين ومخططاتهم ستسير وفق ما أعد لها، فداخلياً يسيطر الانقسام الفلسطيني على كل شيء، وإقليمياً وفي ظل اشتعال المنطقة ففلسطين ليست القضية الأهم لكثير من الدول، ودولياً فإن الانشغال بمحاربة ما يجري إقليمياً والوضع في أوكرانيا يستحوذ على الاهتمام الدولي برمته.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد