اللجنة الوطنية العليا لمتابعة الجنائية الدولية بين التنفيذ والنجاح
غزة / خاص سوا/ في خطوة هي الأولى من نوعها، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مرسوم رئاسي عن تشكيل اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية.
وتأتي هذه الخطوة جدية باتجاه محكمة الجنايات التي ستصبح فلسطين عضواً رسمياً فيها، ابتداء من مطلع نيسان المقبل، ويرى مختصون وقانونيون أنها خطوة في الاتجاه الصحيح إذا كان معد ومخطط لها جيدا.
وحسب ما جاء في المرسوم الرئاسي فإن اللجنة الوطنية العليا تمثل كل ألوان الطيف الفلسطيني ورموزا من المجتمع المدني والحقوقي والقانوني في فلسطين.
وحول ذلك يقول عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان وعضو اللجنة الوطنية العليا، إن اللجنة تشكل نوعا من الغطاء السياسي للفعل المقرر تنفيذه من خلاله التوجه لمحكمة الجنايات الدولية.
وبعد أول اجتماع للجنة، انبثق عنها تشكيل أربع لجان أساسية، أولها وأهمها لجنة فنية ستعمل على إعداد الملفات التي من المقرر تقديمها لمحكمة الجنايات الدولية مثل الحروب على غزة وملف الاستيطان و القدس وغيرها من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في الأراضي الفلسطينية. وفق ما أضاف يونس.
ويتابع: "تم تشكيل لجنة أخرى للتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني الدولي والإقليمي والمؤسسات الحقوقية الدولية لخلق حالة من التفاعل الدولي مع القضايا المقدمة للمحكمة، بالإضافة إلى لجنة تضع خطة استراتيجية إعلامية، ولجنة للوائح الداخلية للهيئة.
ويبين يونس أن اللجنة ستستعين بكل الكفاءات الوطنية والعربية والدولية ذات العلاقة في القانون الدولي، معتبرا توجه فلسطين إلى محكمة الجنايات ي فتح فضاء جديدا لمواجهة الاحتلال خاصة من الناحية القانونية والحقوقية.
ويضيف مدير مركز الميزان لحقوق الانسان إن شعبنا في غزة تعرض لثلاثة حروب لم ينصفه فيها أحد ولم يحصل على العدالة، موضحا أنه أصبح من الضروري التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية للحصول على حقوق الشعب الفلسطيني.
ويرى يونس أن مصداقية محكمة الجنايات ستكون موضع اختبار في شهر مارس المقبل عند مباشرة فتحها تحقيقا أوليا في الأراضي الفلسطينية حول وجود جرائم حرب.
كل الملفات مهمة
وحول الأولوية التي ستعطيها اللجنة للملفات، أكد عضو اللجنة الوطنية العليا لمتابعة الجنائية الدولية، أنه لا يوجد ملف مقدم على آخر، مبينا أن هذا الأمر متروك لعمل اللجان الفنية والخبراء القانونيين.
وأوضح يونس أن اللجنة الوطنية العليا باشرت عملها فعليا بعقد أول اجتماع لها يوم الإثنين (9/2) بين الضفة وغزة.
وفيما يتعلق بالمعيقات التي من الممكن ان تعترض عمل اللجنة، أكد يونس أنه طالما توفر الغطاء السياسي والموافقة لدى الكل الفلسطيني على عمل اللجنة، فإن ذلك هو الأهم، ويبقى الجانب الفني للبدء فعليا بالعمل.
وطمأن الشارع الفلسطيني بأن عمل اللجنة حتى اللحظة مبشر بالخير، خاصة أن مؤسسات حقوق الإنسان الرئيسية في فلسطين وثقت كل جرائم الاحتلال وتدعم عمل اللجنة.
بدوره، أكد رئيس اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع محكمة الجنايات الدولية صائب عريقات ، أن اللجنة تشمل الكل الفلسطيني، وتعد انتصاراً فلسطينياً وستقدم له كل الطاقات لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
وأشار عريقات إلى انه يحق للجنة الاستعانة بمن تريد من الخبراء والقانونيين، والاتصال مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية الإقليمية.
رأي القانون
أما من الناحية القانونية، فأكد الدكتور وليد الحمامي أستاذ القانون الدولي أن تشكيل اللجنة طبيعي، وهي وطنية بالدرجة الأولى وتشكلت بقرار دستوري ينطبق مع القانون الفلسطيني.
ويقول الحمامي خلال حديثه لوكالة "سوا"، إن اللجنة يجب أن تتمتع بمواصفات تختلف عن أي لجان وطنية اخرى تشكلت لحل أي ازمة؛ معللا سبب ذلك أنها لجنة ستتعامل مع القانون الدولي ومحكمة دولية.
ويشدد الخبير القانوني أنه يجب أن يكون معظم المتواجدين باللجنة مختصون بالقانون الدولي الجنائي، وتكون مهمته التوثيق والتسجيل والتنفيذ.
ويضيف "يجب أن يكون مهمة اللجنة التخصص وأن تكون بكفاءة عالية ومهنية ومحترفة، كما أنها لابد أن تستند على أبحاث ودراسات في القانون الدولي الجنائي حتى تنجح في عرضها للملفات في المحكمة".
ويرى الحمامي أن نجاح اللجنة سيتحقق بمحاكمة قادة الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية تحقيق، وما دون ذلك سيكون الاتجاه لمحكمة الجنايات "مغامرة"، لأن المدعي العام قد يرفض أي ملف اذا لم يكن متكامل من حيث الاجراءات الأساسية للقانون الدولي.
وحذر الحمامي من أن أي خلل في الاجراءات سيؤدي الى خلل في قبول القضية بأكملها، لذا يجب الاستعانة بالخبراء القانونيين والحقوقيين العرب والأجانب ليكونوا مستشارين في اللجنة حتى تحقق النجاح.
وفيما يتعلق بتقديم ملف على آخر من القضايا المقدمة، أكد أن كل الملفات مهمة ويجب تقديمها بشكل متكامل حتى تكون الأدلة والوثائق داعمة لما يتم تقديمه، وتشرع المحكمة فعليا بفتح تحقيق في الأراضي الفلسطينية.