تمر هذه الأيام الذكرى السنوية الثالثة عشر “للانقلاب” ولا نزال نبحث في تأصيل المصطلح، هل هو انقلاب أو انقسام؟ ولم يعد وقت ولا أمل بالتراجع او انهاؤه أو وقف النزيف الفلسطيني والوطني والمعيشي في قطاع غزة الذي يعيش الجحيم ويعاني من حصار إسرائيلي وأوضاع إقتصادية وإجتماعية وإنسانية كارثية.


لم يسبق أن مرت الحالة الفلسطينية بهذه الهشاشة والضعف، والعناد بالتمترس خلف مواقف ورؤى حزبية وشخصية، وكل طرف يحاول فرضها على الآخر، وحال من العجز الوطني العام، وعدم القدرة على التغيير في أي شيئ، وفي قناعات وتوجهات المنقسمين بالتنازل من أجل المصالحة والمصلحة الوطنية.


ووصلت السلطات الحاكمة لمرحلة من عدم العودة من التغول على الحقوق والحريات العامة في المجتمع حتى أصبحت بعض الانتهاكات مزمنة ووممنهجة وتفريغ منظمات المجتمع المدني من مضمونها بإتخاذ إجراءات قاسية ضدها.


خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية والتحذير بان غزة على هاوية الانفجار والغرق في بحرها الملوث بوسخ الانقسام والحصار، وتم التعامل معها على هذا الأساس من دون تقديم أي حلول عملية لإنقاذها واكتفى الجميع بالتحذير مع انها تفجرت الى أشلاء جراء الحروب المتتالية والعدوان المستمر، والوعود بالتهدئة وتفاهمات التحسينات والتسهيلات.


وقد تعمقت الازمة وزادت الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين في قطاع غزة نتيجة الاجراءات التي اتخذها الرئيس محمود عباس ضد قطاع غزة وتقليص رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بخصومات طالت أكثر من نصف الراتب، وأدت لعدم قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرهم، ثمّ زاد من تفاقم انعدام الأمن الغذائي تراجُع مستوى الدعم الذي تقدمه وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية للأُسر الأشدّ ضعفًا.


وفي ظل الانقسام والحصار تعاني ثلثي الأسر الفلسطينية في القطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي نتيجة للأزمات المستمرة والمتعاقبة بعد ثلاثة عشر عاماً من الحصار الاسرائيلي والانقسام السياسي الذي طالت تبعاته كل مناحي الحياة.


وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة يعاني معظم الفلسطينيين في قطاع غزة من الفقر المدقع وعدم القدرة الاقتصادية على تأمين الغذاء والذي يعدّ السبب الرئيس لانعدام الأمن الغذائي، اذ أن اقتصاد قطاع غزة في حالة هبوط حادّ ومستمر، وقد سجّل انخفاضا بنسبة 6% خلال عام 2018، ومعدل بطالة يبلغ 52% ويتجاوز 70% في أوساط الشباب، ويعاني نحو 1.3 مليون نسمة (68% من الأُسر في قطاع غزة) من إنعدام الأمن الغذائي بدرجة حادة أو متوسطة، في حين تبلغ نسبة إنعدام الأمن الغذائي في الضفة الغربية 12% فقط.


وفي ظل هذا الواقع الاقتصادي والاجتماعي يعتمد أكثر من مليون لاجئ فلسطيني في قطاع غزة على المعونة الغذائية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين(اونروا)، والتي تواجه أزمة تمويل حادة نتيجة القرار الذي اتخذته الادارة الأمريكية بوقف تمويلها والبالغ نحو 300مليون دولار، ولم تتوقف اونروا عن إطلاق تحذيرات إغاثة عن عدم قدرتها على مواصلة تقديم الغذاء ما لم تحصل على دعم عاجل لا يقل عن 60 مليون دولار اضافية بحلول يونيو/حزيران.


لقد امتدت آثار الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة إلى جميع فئات المجتمع الفلسطيني في القطاع وتحويل الفئات المنتجة إلى فئات هشة بحاجة إلى المساعدات الانسانية. وتضاعفت أعداد الفئات المعرّضة لانعدام الأمن الغذائي. ويتفاقم الوضع سوءا بتراجع تمويل دعم الاحتياجات الانسانية في فلسطين لاسيما الغذاء حيث تم تمويل 15% فقط من احتياجات قطاع الأمن الغذائي ضمن خطة الاستجابة الانسانية لعام 2019 في فلسطين.


في ظل هذا الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإنساني البائس الذي تعيشه فلسطين خاصة قطاع غزة، لم يتعلم الفلسطينيين ولم يستخلصوا العبر من التجارب السابقة، بإنهاء الانقسام فورا والتوقف عن العبث بقضيتهم والتهديد بتصفيتها، ووقف الإجراءات العقابية وحالة الإفقار والتجويع لقطاع غزة من أجل تعزيز صمود الناس ومواجهة ما يحاك لقضيتهم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد