لماذا لم نكن مثل "سنغافورة" ونحن نملك كل مقومات التماسك والتجانس العرقي والديني الذي يكفل التطور والازدهار، كما ازدهرت هذه الدولة الصغيرة والتي أصبحت تحكمها رئيسة مسلمة " حليمة يعقوب" تعهدت ونجحت بأن تكون رئيسة لجميع السنغافوريين بغض النظر عن العرق أو اللغة أو الدين؟

لماذا لم نخض مثل هذه التجربة الجديرة بالاحترام والتقدير والاقتداء بدلاً من استمراء التشرذم والانقسام الذي أطاح بالحد الأدنى من امالنا وأضاع أحلام أجيال كاملة وحطم مستقبل أطفالنا، ففي الوقت الذي فشلنا فيه ونحن أبناء لون واحد ولغة واحدة ومصير واحد وديانة واحدة تقريباً نجحت سنغافورة متعددة الأعراق والديانات في تبؤ مركز متقدم في مصاف الدول العظمى اقتصادياً وصناعياً.

كم نحن بحاجة إلى تجربة هذه المراة العظيمة التي تتميز بقدرتها البالغة على الإبداع، والتي كان لها شأن عظيم في رفعة بلدها، حيث عملت على رفع الناتج القومي نحو 300 مليار دولار ل6 مليون نسمة في العام الواحد، في وقت نحن اصبحنا نتزاحم على ابواب الدول والمؤسسات لطلب فتات المساعدات التي تبقينا على قيد الحياة، هي تجربة تتطلب منا أن نغير ونبدل جذرياً في افكارناً وسياساتنا باتجاه المعقول وليس باتجاه المجهول، علينا ان نتحول من مرحلة الكلام والتصريحات الفارغة الى العمل الجاد على الأرض لإنقاذ مستقبل شبابنا من الضياع، لقد مرت سنوات طويلة دون ان نحرك ساكناً تجاه هذه الفئة التي تشكل رافعة لتقدم اية دولة، وهنا من حقنا ان نتساءل عن المشاريع التي تم إنجازها في بلدنا ولشبابنا، لا نطلب تنفيذ عشرة الاف مشروع عملاق كالتي انشأتها سنغافورة، ولكن لا بد لنا من وضع اقدامنا على بداية الطريق الصحيح.

لقد سئمنا التصريحات الجوفاء وغير المفيدة ونحن بأمس الحاجة إلى التنفيذ على أرض الواقع لتمكين شبابنا تمكيناً حقيقياً على قاعدة توفير فرص العمل المنتجة من خلال توفير التشريعات والقوانين والأنظمة والبيئة الاقتصادية ومحاربة الفساد ووقف نزيف التصريحات التي ليست لها علاقة بالواقع، فعلى المسؤولين أن يغادروا هذا المربع لمربع الفعل وهو ممكن رغم قسوة الظروف السياسية والمؤامرات التي تحاك.

إن الحديث عن إنجازات دولة مثل سنغافورة يطول ولكن أين نحن كمسلمين من هذا العمل؟ ان ما يعيشه أبناء شعبنا الفلسطيني من ظروف اقتصادية صعبة وآلام يومية سببه الأساسي الانقسام البغيض الذي أثر على كافة المناحي اليومية الحياتية، كافي لأن يعمل الجميع لتوفير حياة افضل وأن توفر له كافة الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والبنى التحتية، فنحن ما زلنا نحول مرضانا للخارج، وقد وصلت قيمة تحويلات المرضى الخارجية نحو مليار شيكل سنوياً، واصبح شعبنا الفلسطيني الضحية والآلاف يقفون طوابير للحصول على كابونة او كيلو لحمة، فلماذا نصبح مهزلة للكل، ان انشغالنا بالأحزاب سيدفعنا لمزيد من الانقسام، فالمسئول يجب أن يكون مسئول عن كل مواطن فلسطيني حر، وشعبنا اكبر من كل الاحزاب، وهو صاحب الكرامة والتضحية والصمود، كما يجب على الاحزاب ان تكون صاحبة مشروع وطني موحد لا أن تكون عبئاً على القضية، فشعبنا الذي قدم الكثير من الشهداء والأسرى والجرحى، لا بد أن يحظى بحياة خالية من الانقسام.

 فتحقيق الوحدة الوطنية ليس بالأمر الصعب والمستحيل فهي ممكنة مع توفر الإرادة من الجميع.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد