بعد يومين من القصف المتبادل من صباح السبت 4 أيار حتى فجر الاثنين 6 أيار، بين جيش الاحتلال والفصائل العسكرية لفصائل المقاومة على امتداد حدود غزة مع مناطق 48، تم وقف إطلاق النار بوساطة مصرية ومبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادنيوف تمهيداً لتطبيق بنود  تفاهمات التهدئة التي تم التوصل إليها بين الطرفين تستهدف اوسع من وقف إطلاق نار دائم لأطول فترة ممكنة، بل تشمل بعض العناوين المدنية مثل توسيع مساحة الصيد، وتخفيف حدة الحصار عن القطاع، ومزيدا من تسهيلات التنقل والسفر والعمل، وتمرير المال، مقابل وقف العمليات المسلحة عبر القطاع وفي الضفة كذلك.
سرعة وقف إطلاق النار بعد يومين لم تعكس تعب الطرفين، او ان الخسائر البشرية 29 شهيدا فلسطينيا، وأربعة قتلى إسرائيليين، إضافة الى الخسائر المادية، لم تكن هي السبب المحفز للطرفين بالاستجابة من كليهما للتدخل المصري بوقف إطلاق النار، بل ان السبب الرئيسي هو عدم رغبة الطرفين بالتصعيد وان القرار السياسي لديهما هو سرعة التوصل الى قرار وقف إطلاق النار تمهيدا لتطبيق بنود اتفاق التهدئة الثالث الذي تم التوصل اليه بين الطرفين برعاية مثلثة مصرية قطرية أممية، وينتظر تشكيل حكومة المستعمرة للعمل على سريانه وبدء تطبيق بنوده.
السؤال لماذا لا يرغبان بالتصعيد ويسعيان للتهدئة ؟
ما هي مصالح المستعمرة الإسرائيلية التي  تتبجح انها لن تسمح بإيذاء مواطنيها، فكيف سمحت وطنشت قتل أربعة إسرائيليين، ومع ذلك سعت حكومة نتنياهو نحو قرار وقف إطلاق النار مع ان لديها كماً هائلاً من القدرة التدميرية لتسوية مباني  القطاع مع سطح الأرض برمته؟ ولماذا تتجاوب " حماس " مع قرار وقف إطلاق النار رغم الجرائم الإسرائيلية في استهداف المدنيين من النساء والأطفال وبيوت آمنة ورغم توفر قدرة صاروخية اكثر عدداً وافضل دقة في التصويب والإصابة من مراحل سابقة؟؟ .
حكومة المستعمرة الإسرائيلية ترغب بوقف إطلاق النار لتسيير تفاهمات التهدئة، فهي تحقق لها مكاسب سياسية اهم من المغامرة والانتقام لمقتل أربعة من الإسرائيليين، فالهدف المركزي لحكومة نتنياهو بوقف إطلاق النار وتطبيق بنود التهدئة تحقيق عدة أغراض: 
الأول: تعزيز الانقسام بين فتح وحماس بين الضفة والقطاع، لان استمرار المعارك وتبادل القصف قد يؤدي الى تحريك شوارع الضفة تضامنا مع اشقائهم في قطاع غزة، وتضطر سلطة رام الله للتجاوب مع متطلبات المواجهة ضد "حماس" في قطاع غزة وخلق أجواء إيجابية تسهل عملية تجاوز حدة الانقسام وصولاً الى الوحدة الوطنية الفلسطينية وهو ما تحرص حكومة المستعمرة على عدم تحقيقه. فالانقسام خدمة مجانية يقدمها الجانب الفلسطيني من "فتح" و"حماس" لمصلحة العدو الإسرائيلي، فلماذا تضيع حكومة المستعمرة هذا المكسب المجاني المتمثل باستمرارية الانقسام والعمل على تسخيره لصالحها؟ فلذلك هي تحرص على بقاء الانقسام وعدم اتخاذ اي إجراءات تحول دونه بل تعمل من اجل استمرارية هذا الانقسام، وهو ما يدفع حكومتها للتجاوب مع قرار وقف إطلاق النار وسرعة تنفيذه.
الثاني : الأهداف الإسرائيلية من خطوة وقف إطلاق النار وبدء سريان تفاهمات التهدئة تمهيدا لاستقبال إعلان صفقة القرن الاميركية بما تحمل من توجهات تستهدف قطاع غزة وتعزيز دوره السياسي، بديلاً عن سلطة رام الله، أو بما يوازي سلطة رام الله بعد أن ثبت مصداقية حماس في التزامها بوقف إطلاق النار، وردعهما لكل من يُحاول انتهاك قرار التهدئة.
الثالث: تسعى تل أبيب لخلق أجواء تهدئة ومناخ انفراج مع مهرجان الأغنية الأوروبية الذي سيفتتح في تل أبيب بعد أيام، وتراهن حكومة نتنياهو على جلب أوروبي وعالمي للمهرجان يوفر مكاسب صافية لحكومة المستعمرة سياسياً وسياحياً ومالياً، نظراً لأن البرنامج يحظى باهتمام عالمي يفوق أي اهتمام باستثناء مباريات كرة القدم الدولية.
أما مصلحة "حماس" في التهدئة فلها رؤية أخرى.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد