ربما يتساءل البعض: هل نحن بحاجة للاستعداد لرمضان 2019 ؟! نعم، نحن بحاجة لتهيئة أنفسنا لاستقبال شهر عظيم، من صامه إيماناً بالله واحتساباً للأجر عنده غُفر له ما تقدم من ذنبه، فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، وفي كل ليلة من لياليه عتقاء من النار، هو ليس شهرٌ للامتناع عن الطعام والشراب فقط، وإن لم نفهم مقاصده فلن ننال إلا الجوع والعطش كما قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ".


بعض الناس أخذ يسجل ما سيتابع ما أعدته القنوات الفضائية لعرضه في شهر رمضان من أفلام ومسلسلات وبرامج الهدف منها إضاعة أوقات الناس الثمينة وصرفهم عن العبادة، وفريق آخر بدأ يحسب تكلفة قوائم طلبات الشراء والمصروفات اللازمة لهذا الشهر وبدأ الحُزن يجتاح قلوبهم لقلة ما في اليد في ظل ظروف اقتصادية صعبة جداً وقلة المال والأعمال والرواتب، بدلاً من أن نفرح بقدوم هذا الشهر الكريم المبارك.. والبعض الآخر رمضان عنده مثل باقي الشهور، بل ربما يكون لدى البعض ضيف ثقيل حرمه من شهواته وملذاته!

ولكن هناك من يعد رمضان فرصة ثمينة للتغيير للأفضل، لتصفية الأنفس من أدرانها والارتقاء بها نحو المعالي.


لقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يُبشّر الناس بقدومه فيقول: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ". فيكف نستقبل شهر رمضان؟!


لقد مرَّ عامٌ خالط النفس البشرية فيه كثير من الشهوات وبعض الشبهات، وجاء موعد المدرسة الروحانية والدورة التدريبية السنوية لترويض هذه النفس وتهذيبها، ولكي نقبل على الله (تعالى) ونحن فرحين مستبشرين بهذا الشهر علينا أن نبدأ في ترويض هذه النفس وتزكيتها من الآن لنتخلص من العادات السيئة والمعاصي المتكررة، فكما قال علماؤنا: "التخليّة قبل التحليّة" أي علينا أن نتخلى عن اقتراف السيئات قبل فعل الحسنات، فهل يُعقل أن نصوم شهراً كاملاً ونحن قاطعين لأرحامنا وجيراننا؟! أما زلنا مصرين على الاسراف على أنفسنا بالمعاصي؟! أما زلنا نهجر القرآن الكريم والمساجد؟! أما آن الأوان لن فتح صفحة جديدة مع الله ومع الناس؟!


إخواني وأخواتي: تعالوا بنا نكون في هذا الشهر مختلفين عن أي وقت مضى، تعالوا بنا نقبل على الله بتوبة صادقة لا تردد فيها، فالعُمر قصير، والموت يأتي بغتة، تعالوا نبتهل إلى الله بالدعاء: "اللهمّ بلغنا رمضان.. اللهمَّ سلّمنا إلى رمضان وسلّم رمضان لنا وتسلمه منا متقبلاً".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد