فقراء غزة يعضون على جوعهم بانتظار الوعود .. المؤجلة
يشتكي مستفيدو الشؤون الاجتماعية في فلسطين من عدم انتظام صرف مساعداتهم المالية في موعدها المقرر بواقع دفعة مالية كل ثلاثة أشهر.
وتستهدف مساعدات الشؤون الفئات الاجتماعية الأكثر فقراً وعديمي الدخل وذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الأمراض المزمنة، وتصرف بتمويل من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي بنسبة 45% ومساهمة وزارة المالية الفلسطينية بنسبة 55% لنحو 108 ألاف أسرة بواقع 71 ألف مستفيد في قطاع غزة و37 ألفا آخرين في الضفة الفلسطينية، وتتراوح كل دفعة للعائلة الواحدة من (750) شيكل ما يعادل (210) دولاراً إلى (1800) شيكل ما يعادل (500) دولار كل ثلاثة أشهر حسب عدد أفراد الأسرة والوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي.
وتنتظر تلك الفئات الاجتماعية بحرقة وبصيص أمل موعد صرف مخصصات "شيكات" الشؤون الاجتماعية مع بدء صرف رواتب موظفي حكومة السلطة الفلسطينية في بداية كل شهر، حيث كانت بداية نيسان (إبريل) موعداً متوقعاً لصرف تلك الدفعة المالية، ولكن عدم صرفها خيب آمال المستفيدين من شيكات الشؤون رغم أن مستحقيها لم يستلموا دفعاتهم السابقة منذ شهر كانون أول (ديسمبر) 2018.
وتواصل وزارة التنمية الاجتماعية، حسب ما وصل "سوا"، تأخير صرف شيكات المساعدات جراء الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، بينما تواصل وزارة المالية وقف الدفعات عن مستحقيها بتقارير كيدية تارة، وتارة أخرى بعدم أحقيتهم لعدم انطباق الشروط عليهم، في ظل حالة ركود اقتصادي صعبة تطال قطاع غزة مع تواصل الحصار الإسرائيلي الخانق لعامه الثالث عشر بالتزامن مع الإجراءات العقابية التي تفرضها السلطة الفلسطينية ضد القطاع للعام الثاني على التوالي.
شهادات حية
تتحدث أم أحمد عوض من حي الزيتون بمدينة غزة والدموع تذرف من عينيها قائلة: "تأخر صرف شيك الشؤون الذي بالكاد يكفي جزءاً يسيراً من تكاليف أعباء الحياة المرتفعة، ولا يوجد أي مصدر دخل لنا، في هذه الظروف اللي الكل يعرف بحالتها، الأبواب مغلقة في وجوهنا، حتى البطالة (التشغيل المؤقت) لا نحصل عليها، والسبب أننا مسجلون على برنامج الشؤون الاجتماعية"
حال أبو حسن من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة لا يختلف كثيراً عن أم أحمد، مضيفاً: "لا أعرف ماذا أتحدث، نعيش في أوضاع اقتصادية صعبة ومريرة مع تأخر صرف شيكات الشؤون، نطالب المسؤولين بالتحرك السريع وتحمل مسؤولياتهم اتجاهنا، انخنقنا".
ويتحدث الشاب الثلاثيني أبو يوسف من مخيم جباليا شمال قطاع غزة بحسرة "أرى الفواكه أمام عينيَّ ولا أستطيع شرائها، كوني لا أملك ثمنها، أصبح الحال صعباً جداً ولا أحد يحس بنا". ويقول الأربعيني أبو زكي: "الوضع صعب للغاية، أذهب لسوق مخيم الشاطئ في آخر النهار مع بدء إغلاقه لأشتري الخضار والفواكه الأقل جودة (البرارة)".
ويتابع حديثه: "لا نستطيع شراء اللحوم والأسماك والدجاج الطازج ونكتفي بالمجمد".
المواطن أبو محمد يجلس أمام بيته في منطقة التوام شمالي القطاع، دائم السؤال عن موعد صرف شيكات الشؤون الاجتماعية، قائلاً: "الديون كثيرة، وما إن يُعلن عن موعد صرف المساعدات تأتيك الاتصالات من كل صوب وحدب تطالبني بسداد الدين المتراكم عليَّ، الجميع أوقف كافة الديون حتى صاحب الميني ماركت للذين يتلقون مخصصات "الغلابة".
المساعدات في رمضان
بدورها، عقبت وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، على تأخر صرف شيكات الشؤون الاجتماعية 2019 في الضفة والقطاع على لسان وكيلها داوود الديك في اتصال هاتفي، بالقول: "سندفع مساعدات الشؤون في شهر رمضان ، ولم نحدد تاريخ محدد لصرفها، وننسق مع وزارة المالية".
ودعا وكيل الوزارة الجميع إلى التوقف عن التلاعب في أعصاب الفقراء والمحتاجين بتحديد مواعيد صرف شيكات الشؤون الاجتماعية في حين لم تُحدد من قبل الوزارة.
وقال الديك: "قامت وزارة التنمية بما هو مطلوب خلال الفترة الماضية لتأمين الدفعات المالية". مستدركاً: "لكن تعثر صرف شيكات الشؤون يعود للأزمة المالية الخانقة التي تمر بها السلطة الفلسطينية؛ نتيجة عدم استلامها أموال "المقاصة" من الجانب الإسرائيلي، مما أعاق دفع المستحقات المالية بانتظام، في مواعيدها المحددة بواقع دفعة مالية كل ثلاثة أشهر".
وتابع الديك حديثه: " إن وزارة التنمية تدفع أربع دفعات مالية نظامية في العام الواحد، إلا أنها خلال عام 2018 لم يتبق سوى دفعة واحدة فقط، وبذلك تكون دفعة مؤجلة عن عام 2018 ودفعة أخرى خلال عام 2019".
ويتأثر مواطنو قطاع غزة بعدم صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية أكثر من نظرائهم في محافظات الضفة نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بحياتهم المعيشية جراء ارتفاع نسبة البطالة بين من هم في سن العمل لنحو 52% وفي صفوف الخريجين لـ68% ونسبة الفقر لـ46% واعتماد نحو 80% من مواطني القطاع على المساعدات الإنسانية وندرة فرص الحصول على عمل، وفق إحصائيات رسمية.
يذكر أن وزارة التنمية الاجتماعية لم تصرف الدفعات النقدية لمستحقيها في قطاع غزة والضفة الفلسطينية في آخر دفعتين ودون تحديد موعد محدد لصرفها خلال شهر رمضان القادم، في ظل الحديث عن أزمة مالية تعصف بالسلطة الفلسطينية؛ جراء اقتطاع الاحتلال الإسرائيلي لأموال "المقاصة".