حكم دعاء "اللهم بحق ليلتنا هذه ومولودها" في ليلة النصف من شعبان
يتبارى البعض في نشر تحذيرات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي من إحياء ليلة النصف من شعبان وتخصيصها بمزيد من العبادة بدعوى أن ذلك بدعة، على الرغم من أن جمهور علماء الأمة قد اجمعوا على جواز إحياء مثل هذه الليالي بصنوف العبادات المختلفة والدعاء بل واستحبوا ذلك.
والمتتبع لحال الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والتابعين والسلف الصالح من بعدهم يجد أنهم كانوا يولون ليلة النصف من شعبان عناية كبيرة ويتبارون في إحيائها بالطاعات من قراءة للقرآن الكريم وقيام الليل والذكر والدعاء.
وورد في الحديث الشريف الذي رواه الإمام ابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "إذا كانت ليلة النِّصْفِ من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن اللَّهَ ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفرٍ لي فأغفر له، ألا مسترزقٌ فأرزقهُ، ألا مبتلى فَأُعَافِيَهُ، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر".
وروى الإمام البزار عن سيدنا أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا فيغفر لعباده إلا ما كان من مشرك أو مشاحن لأخيه".
وليلة النصف من شعبان من الليالي المباركة التي يتقبل فيها الدعاء، فيقول عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما: "خمس ليال لا تردُّ فيهن الدعاء ليلة الجمعة وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلتيِ العيدين".
ولذلك نجد الكثير من العلماء والفقهاء قد أشاروا إلى فضل إحياء هذه الليلة في كتبهم، ومن بينهم الإمام الشافعي الذي قال في كتابه "الأم": "بلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلةَ جمعٍ، وليلةُ جمع هي ليلة العيد لأن في صبحها النحر"، ثم قال الإمام الشافعي: "وأنا أستحبُّ كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا".
وعن مظاهر إحيائها كذلك نقل الإمام ابن رجب الحنبلي أن ليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، ووافقهم على تعظيمها طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم.
وكان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتحلون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك ووافقهم في ذلك إسحاق بن راهويه على ذلك وقال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ببدعة، نقله عنه حرب الكرماني في مسائله.