بيت لحم

بيت لحم

مدينة بيت لحم يعود اسمها الى مدينة جنوب القدس عرفت باسم بيت إيلو لاهاما أي بيت الإله لاهاما أو لاخاما وهو إله القوت والطعام عند الكنعانيين وكانت عند الآراميين بيت الخبز ومن هنا جاءت التسمية كما ان لبيت لحم اسم قديم هو أفرات أو أفراته وهي كلمة آامية تعني الخصب والثمار.

تقع مدينة بيت لحم بين مدينتي الخليل والقدس عند التقاء دائرة عرض 31.42ْ شمالاً وخط طول ْ35.12 شرقاً، وتمتد على هضبتين يصل أعلاهما إلى 750م فوق مستوى سطح البحر، وهي جزء من الجبال والهضاب الوسطى في فلسطين التي تنتشر موازية لغور الأردن والبحر الميت.

مدينة بيت لحم مدينة كنعانية قديمة سكنها الكنعانيون منذ حوالي سنة 2000 قبل الميلاد، ثم توالت عليها مجموعات قبائل مختلفة في معتقداتها، وفي حالة من الصراع والتناحر فيما بينها، ومن بين هذه القبائل القبائل اليهودية الكنعانية، وهي قبائل لا تربطها بالصهيونية الحالية أي روابط تاريخية أو عقائدية؛ لأن مسألة الشعوب والأمم جاءت في حقب متأخرة من مراحل التاريخ البشري بعد أن أقيمت الدول ورسمت الحدود وتطورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ونالت بيت لحم شهرتها العالمية بعد ميلاد المسيح فيها.

في القرن الحادي عشر قبل الميلاد تمكن الفلسطينيون من دخول المدينة بعد أن قتلوا شاؤول، ثم تمكّن داود عليه السلام من استرداد المدينة، وتولّى بعده الحكم ابنه رحبعام الذي حوصر في المدينة عام 937 ق.م، ثم بعد ذلك دخلت بيت لحم تحت الحكم الروماني، حيث بنى فيها الحاكم الروماني هيرودوس قلعة يلجأ إليها زمن الحرب، ثم بنى فيها الإمبراطور الروماني عام103 م معبداً للإله أدونيس فوق كهف السيد المسيح، ويقال أن هذا الإمبراطور قد اعتنق المسيحية سراً، وخشي على الكهف أن يندثر قبل أن تنتشر الديانة المسيحية، وفي عام 314م سمح الإمبراطور الروماني قسطنطين بحرية العبادة والأديان.

وفي عام 330م قامت الإمبراطورة هيلانة ببناء كنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة القيامة في القدس، ثم تعرضت كنيسة المهد للهدم على يد السومريين، فجاء الإمبراطور جوستينان الأول وقام ببناء الكنسية من جديد، كما بنى سوراً حول المدينة وبقي هذا السور حتى عام1448م، حيث أمر السلطان المملوكي بهدمه، أما الكنيسة فباقية إلى اليوم.

تعرضت المدينة إلى الغزو الفارسي عام 614م، ولم يهدموا الكنيسة لوجود صورة للمجوس وهم ساجدون أمام السيد المسيح على لوحة من الفسيفساء.

في سنة 648م دخلت المدنية تحت الحكم الإسلامي، وزارها الخليفة عمر بن الخطاب وصلّى داخل كنيسة المهد، وكتب سجلاً للبطريرك صفرونيوس بأن لا يصلي في هذا الموضع (كنيسة المهد) من المسلمين إلا رجلاً بعد رجل، ولا يجمع فيها صلاة، ولا يؤذن فيها، ولا يغير فيها شئ.

وعاش أبناء الديانتين المسيحية والإسلامية في هذه المدينة بروح من الإخاء والتعاون، ومارس أتباعهما شعائرهم  الدينية بحرية.

 يعدّ زمن هارون الرشيد 786-809م والدولة الفاطمية 952-1094م، من أكثر عهود بيت لحم ازدهاراً؛ حيث نشطت التجارة، واستتب الأمن، وأطلقت الحريات، ورمّمت الكنائس وأماكن العبادة.

في عام 1099م دخلت المدينة تحت الحكم الصليبي بعد أن دخلها الجيش الصليبي بقيادة تنكرد، الذي دمّر المدينة وأحرقها، ولم يتبق منها إلا كنيسة المهد، وقد دام الحكم الصليبي لبيت لحم حتى عام 1187، حيث عادت بيت لحم لأصحابها، بعد انتصار المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي على الصليبين في معركة حطين.

وفي عام 1229م عادت مدينة بيت لحم لحكم الصليبين بموجب الاتفاقية التي وقعت بين ممثلي الخليفة الكامل فخر الدين وأمير أربيل صلاح الدين، وممثلي الإمبراطور فريدريك.

وفي عام 1244 تمكن المسلمون بقيادة نجم الدين من استعادة المدينة بشكل نهائي، قام بعدها الظاهر بيبرس بدخول المدينة عام 1263 ودمّر أبراجها وهدم أسوارها، وفي عام 1517 دخلت المدينة تحت الحكم العثماني.

 وبعد تطور وسائل النقل والمواصلات، تحوّلت المدينة إلى مركز جذب هام للحجاج القادمين من أوروبا، انعكست أثاره على أوضاع سكان المدينة وازدهرت صناعة الصوف، والخزف وغيرها، إلا أن سوء الأوضاع الاقتصادية دفع بالكثير من أبناء المدينة إلى الهجرة خارجها.

وفي عام 1917م دخلت بيت لحم مع باقي مدن فلسطين تحت النفوذ البريطاني بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى، واتخذها الإنجليز مركزاً لضرب الثوار الفلسطينيين الذين قاوموا الاحتلال الإنجليزي والعصابات الصهيونية.

في 27/3/1948م نشبت في موقع الدهيشة معركة كبيرة بين الثوار الفلسطينيين، ومجموعة من المستوطنين الصهاينة تتألف من 250 عسكرياً و54 سيارة تدعمهم أربع مصفحات، وتمكن الثوار الفلسطينيون من التغلب عليهم وأجبروهم على الاستسلام، وفي أعقاب حرب عام 1948 م تمّ إجبار أكثر من مليون فلسطيني على الهجرة من ديارهم، لجأ إلى المدينة قرابة الخمسة آلاف فلسطيني استقروا في ثلاثة مخيمات هي: الدهيشة، وعايدة،  والعزة. وفي عام 1949م. ودخلت بيت لحم تحت الحكم الأردني بعد توقيع اتفاقية الهدنة لعام 1949م، واستمرّت كذلك حتى عام 1967م عندما وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي.

المساحة:

تبلغ مساحة محافظة بيت لحم 575 كم مربعاً، وتضم خمسة مدن رئيسية، وسبعين قرية، وثلاث مخيمات للاجئين الفلسطينيين. أما مساحة مدينة بيت لحم والتي تخضع ضمن حدود المخطط الهيكلي للمدينة؛ فتبلغ ثمانية آلاف دونم، وتقسم المدينة إلى العديد من الأحياء والأسواق التجارية.

السكان:

بلغ عدد سكان مدينة بيت لحم 6658 نسمة حسب إحصاء عام 1922م، ارتفع العدد إلى 7320 حسب إحصاء عام 1931م، وقدر عدد السكان بـ 9780 نسمة عام 1948م، وارتفع العدد إلى 14860 نسمة عام 1949م بعد لجوء أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين إليها وأخذ سكان المدينة في التزايد فيما بعد، ثم تعرّض سكان المدينة إلى الانخفاض عام 1967م وبلغ عدد سكان مدينة بيت لحم 21673 في عام 1997م، ثم ارتفع العدد إلى 25266 نسمة في عام 2007م حسب  الجهاز المركزي للإحصاء  الفلسطيني.

النشاط الاقتصادي:

تشتهر بيت لحم بالمصنوعات الخشبية والصدفية والتحف التذكارية وأعمال التطريز التي تباع للسياح والحجاج الذين يزورون المدينة بالإضافة إلى صناعة الحجر والرخام والصناعات المعدنية. ولأهمية بيت لحم الدينية والتاريخية الأثر الكبير في زيادة وتفعيل النشاط السياحي، إذ تعدّ الصناعات السياحية فيها من المصادر الأساسية للدخل القومي؛ لوجود الأماكن الدينية والأثرية في المحافظة منها كنيسة المهد، ويعمل في هذا القطاع حوالي 28% من السكان.

 النشاط الثقافي:

نالت بيت لحم قسطاً وافراً من التعليم منذ زمن بعيد، حيث أقيمت أولى المدارس فيها منذ أكثر من 200عام وذلك بسبب الطابع الديني الغالب على المدينة، ووجود إرساليات وأديرة أقامت الكثير من المدارس الخاصة منذ زمن بعيد، وتطور التعليم، حيث وصل عدد المدارس عام 1978 إلى 31 مدرسة يدرس فيها 8300 طالب.
كما أقيمت في المدينة جامعة بيت لحم لتضم عدداً من الكليات لتعليم العلوم، والآداب، والتمريض، والمعلمين، والفنادق، وغيرها.

أبرز المعالم السياحية و الدينية في المحافظة:

من أبرز المعالم السياحية الدينية في المحافظة كنيسة المهد التي اكتمل بناؤها في العام 339م، وبرك سيحان "برك المرجيع"، وقلعة البرك " قلعة مراد"، ودير الجنة المقفلة، والعين "عين أرطاس"، وتل الفريديس "هيروديون"، ووادي خريطون، وآبار النبي داود، ومتحف بيتنا التلحمي القديم، ودير القديس ثيودوسيوس، ودير مار سابا، ودير مار إلياس. كما يوجد في بيت لحم أربعة متاحف ودار مسرح ودارا سينما. 

كنيسة المهد:

كنيسة المهد أقدم كنيسة في العالم، فبعد أن أصبحت المسيحية الديانة الرسمية للدولة الرومانية الشرقية في عهد الإمبراطور قسطنطين عام 324، أمرت والدته الملكة هيلانة في عام 335 ببناء كنيسة المهد في نفس المكان الذي ولد فيه السيد المسيح عيسى عليه السلام في مدينة بيت لحم.

وتضم الكنيسة كهف ميلاد المسيح عليه السلام، وأرضيات من الرخام الأبيض، ويزين الكهف أربعة عشر قنديلاً فضيا، والعديد من صور وأيقونات القديسين.

وقد انتهى بناء الكنيسة عام 339م، وجاء على النمط البازلكي وهو نمط معماري مقتبس من المعابد الرومانية.

والكنيسة عبارة عن مجمع ديني كبير، تحتوي على مبنى الكنيسة بالإضافة إلى مجموعة من الأديرة والكنائس الأخرى التي تمثل الطوائف المسيحية المختلفة، وهي: الدير الأرثوذكسي في الجنوب الشرقي، والدير الأرمني في الجنوب الغربي، والدير الفرانسيسكاني في الشمال الذي شيد عام 1347م لأتباع طائفة الفرانسيسكان.

مغارة الحليب:

تقع إلى الجنوب الشرقي من الكنيسة وهي المكان التي أرضعت فيه مريم العذراء يسوع الطفل عندما كانت مختبئة من جنود هيرودس أثناء توجهها إلى مصر. ويقال أن بعض قطرات من حليب العذراء قد سقطت على صخرة مما أدى إلى تحول لون الصخرة إلى الأبيض.

دير ابن عبيد:

بناه ثيودوسيوس في العام 500 للميلاد، ويقع الدير شرقي قرية العبيدية، التي تبعد تسعة كيلومترات عن بيت لحم. ويقال أن الرجال الحكماء استراحوا في هذا الدير بعد أن حذرهم الله -في الحلم- من العودة إلى هيرودوس.

دير مار سابا:

بناه القديس سابا اليوناني في العام 482 بعد الميلاد، على موقع يطل على وادي قدرون، ويبعد (11) كيلومترا إلى الشرق من دير بن عبيد.  وعندما توفي القديس سابا في العام 531 دفن في نفس الدير وتم نقل رفاته فيما بعد إلى القسطنطينية، ولاحقا إلى فينيسيا في ايطاليا على يد الصليبيين، ومن ثم تم إعادة رفاته إلى ديره في العام 1965، حيث تم وضعه في صندوق زجاجي. ويحافظ الدير على نفس نمط الحياة الذي كان سائدا في عهد قسطنطين، حيث لا يسمح للنساء بالدخول إلى الدير.

آبار النبي داوود:

تقع هذه الآبار إلى الشمال من بيت لحم وقد سميت بهذا الاسم بسبب القصة الشهيرة في الكتاب المقدس من نبوءة صموئيل الثانية 23:14-حين شرب النبي داوود من هذه الآبار بينما كان الفلستيين يطاردونه. 

دير مار الياس:

يقع دير وكنيسة مار الياس على بعد كيلومترين إلى الشمال الشرقي من الطنطور. ويقع هذا الدير على تلة تطل على القدس وبيت لحم وبيت ساحور.

مسجد بلال (قبر راحيل):

يعتقد هذا المبنى الصغير العلامة التقليدية لقبر راحيل، وهي زوجة يعقوب التي ماتت في بيت لحم بعد ولادة ابنها بنيامين. وهذا الموقع يقدسه  المسيحيون والمسلمون واليهود. وقد تم بناء الحرم الحالي والجامع خلال الفترة العثمانية،  ويقع على طريق القدس – الخليل، قرب المدخل الشمالي لبيت لحم.

دير الجنة المقفلة:

يقع هذا الدير في قرية أرطاس والتي تقع على بعد كيلومترين من برك سليمان. وقد قام ببناء الدير مطران مونتيفيديو عاصمة أروجواي في أمريكا الجنوبية في العام1901م، وتقوم الراهبات بإدارة هذا الدير.

كنيسة العذراء:

تقع في بيت جالا، وتتبع للروم الأرثوذكس.

كنيسة القديس نقولا:

تقع في بيت جالا، وتتبع للروم الأرثوذكس.

حقل الرعاة للروم الأرثوذكس:

يقع إلى الشرق من مدينة بيت ساحور، حيث ظهر فيه ملاك الرب إلى الملائكة وأخبروهم بالنبأ السعيد وهو مولد يسوع، وحينها هللت ملائكة السماء " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وللناس المسرة".

عندما أتت القديسة هيلانة إلى بيت لحم؛ بنت كنيسة المهد وكنيسة أخرى على مغارة الرعاة والتي هدمت وأعيد بناؤها ثلاث مرات.

كنيسة حقل الرعاة لللاتين:

تقع كنيسة حقل الرعاة لللاتين على بعد600م إلى الشمال من كنيسة حقل الرعاة للروم الأرثوذكس. وقد اشترى الآباء الفرنسيسكان الأرض المبني عليها الكنيسة في منتصف القرن التاسع عشر. ويمثل هذا المكان الموقع الذي ظهرت فيه الملائكة للرعاة، وأخبروهم بالنبأ السار وهو ميلاد يسوع المسيح.

أما الكنيسة الحالية فقد بنيت في العام 1954، على صخرة كبيرة يقال أنها قاعدة لكنيسة قديمة مدمرة. وقد قامت كندا بتمويل بناء الكنيسة والتي جاءت على شكل خيمة، وسميت ملائكة الرعاة. وقد كانت الكنيسة آخر عمل فني للمهندس المعماري الإيطالي أنطونيو بورلوستو.

 برك سليمان:

تحتوي برك سليمان على ثلاث برك ضخمة مستطيلة الشكل، تتسع ل (160.000) متر مكعب من مياه الأمطار التي تسقط على الجبال المحيطة. ويحيط بالبرك أشجار الصنوبر، وقد ذكر في الإنجيل بأن الملك سليمان الحكيم بنى هذه البرك لزوجاته. وفي السابق كانت مياه البرك تضخ إلى بيت لحم والقدس.

حقل الرعاة للبروتستانت:

عند زيارة السائح كنيستي حقل الرعاة للروم الأرثوذكس واللاتين يتجه شرقا فإنه يجد مرجًا مليئاً بأشجار الصنوبر، وفي وسط هذا المرج يوجد مبنى جمعية الشبان المسيحية.

وعلى الجانب الشرقي من المبنى يوجد مغارة فيها الكثير من البقايا الفخارية. وتذكر هذه المغارة طائفة البروتستانت بالرعاة الذين خبروا بميلاد يسوع المسيح.

قصر هيرويون:

بني على تلة تبعد ستة كيلومترات إلى الجنوب من بيت لحم. وتحتوي هذه القلعة على بقايا لقصر ضخم بناه الملك هيرودوس لزوجته في العام 37 قبل الميلاد. وقد تم إحضار الماء إلى القلعة من برك سليمان. وكان القصر يحتوي على أبنية فخمة وأسوار مدورة وغرف محصنة وحمامات وحدائق.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد