هآرتس: ما تنجح إسرائيل بفعله في سوريا تعجز عنه في غزة

جنود الاحتلال الإسرائيلي

قالت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم السبت، إن ما تنجح إسرائيل بفعله في سوريا تعجز عنه في قطاع غزة ، في إشارة لنجاحها  باستعادة رفات الجندي زخاريا باومل الذي فُقد منذ اجتياحها لبنان في 1982.

وذكر المحلل العسكري في هآرتس عاموس هرئيل:" أكثر من خمس سنوات احتجزت حماس جلعاد شاليط، إلى أن وافق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على إطلاق سراح 1027 أسيرًا فلسطينياً مقابل إعادة الجندي الأسير".

وأضاف أنه "وفي حالة الإسرائيليين وجثتي الجنديين سيأتي الحل كما يبدو من خلال صفقة أوسع ستجبر إسرائيل في إطارها على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين".

وأكد أن هذا يبقي نتنياهو في وضع لا خيار له فيه، مشيرا إلى أن حل مسألة الأسرى والمفقودين في غزة سينتظر حتى تشكيل الحكومة الجديدة، إذا تم تشكيلها.

وفيما يلي مقال هآرتس كاملا:

يكتب عاموس هرئيل في "هآرتس" انه عندما ذهب زخاريا باومل ويهودا كاتس وتسفي فيلدمان، جنود الاحتياط الشباب من كتيبة شارون، إلى معركة السلطان يعقوب في لبنان في حزيران 1982، كان العقيد أ. ابن ست سنوات.

قبل لحظة من العطلة الكبيرة التي يأتي بعدها ذهابه إلى الصف الأول. هذا الأسبوع استكمل أ. الذي هو الآن ضابط كبير في الاستخبارات العسكرية الفصل الأخير في العملية التي قادها، «النغمة الحزينة»، التي تم فيها إحضار جثة الرقيب أول باومل إلى البلاد بطريق متعرجة. أمس (الخميس) شارك في الجنازة في المقبرة العسكرية.

المحادثة مع أ. التي جرت مساء أول أمس (الأربعاء) كانت ممتعة لكنها مخيبة للآمال، ما زال يسري عليه الكثير من القيود ولا يمكنه التوسع في الحديث حول الطرق الاستخبارية التي استخدمت للعثور على المفقودين الثلاثة. بسبب توجيهات رقابية استثنائية حظر عليه في اليوم الأول إعطاء تفصيلات عن مشاركة «دولة ثالثة» في القضية.

التوجيهات أضيئت بضوء مضحك بدرجة ما، وفي اليوم التالي عندما اكتشف أن السر ليس سراً: رئيس الحكومة نتنياهو سافر للالتقاء مع الرئيس الروسي بوتين وشكره على تدخل روسيا في إعادة الجثة.

أ. قال للصحيفة إن تركيز العملية وصل إلى يديه في السنوات الأخيرة، لكن نشاطه كان استمراراً لجهود كل أذرع الاستخبارات الإسرائيلية خلال 37 سنة مضت. «في السنوات الأخيرة وجدت فرصة استثنائية جداً، قمنا باستغلالها ومكنتنا أخيراً من العثور على جثة زخاريا»، قال.

حسب أقوال أ. «الهزة الإقليمية»، هو يرمز إلى الحرب الأهلية السورية، «تخلق عدداً لا نهائياً من الفرص. الأشخاص في الميدان لهم مصالح وجودية واقتصادية. وعندما تعمل في نشاط عسكري فإن المنطقة ترد عليك وهكذا تتكون لديك معلومات جديدة.

بذلنا الكثير من الجهود في كل الوحدات. وفي النهاية نجحنا في تركيز الجهود في المنطقة التي تتواجد فيها الجثة. وبدمج بين الإبداعية والجرأة الفكرية وصلنا أخيراً إلى حل اللغز. المنطقة التي تم دفن الجثة فيها كانت معروفة لنا، وإن كانت هناك فرضية أخرى مشروعة قالت إن المفقودين دفنوا قرب ساحة المعركة".

بعد اتفاقات أوسلو نقل رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات نصف بطاقة الجندي باومل لإسرائيل، التي نقلت إلى عائلته. ولكن في جهاز الأمن لم يعتقدوا أن الفلسطينيين يقولون كل ما لديهم بشأن هذه القضية. أ. قال إنه «خلال السنين كانت هناك عمليات تحايل من قبل عرفات وفلسطينيين آخرين، حول مكان الجثث".

"بواسطة معلومات استخبارية وتحليلات نجحنا في متابعة نشاطهم الاحتيالي." وهو يقدر أن «قلائل جداً في النظام السوري يعرفون مكان الدفن الدقيق. وجزء من الأشخاص لم يعودوا موجودين»، على ضوء أحداث الحرب الأهلية.

"سأحاول الحديث بدون شعارات»، أضاف أ. «من ناحيتنا هذه تعتبر مهمة قومية وأخلاقية. دائماً فكرت بعائلات الجنود، لكن لم يكن لي اتصال مباشر معها. لأنني حاولت عدم التعمق في ذلك. لم أرغب كثيراً في مواجهة حياتهم اليومية وفضلت أن أكون متركزاً في المهمة». أ. يدرك ماذا ستفعل البشرى التي جاءت أول أمس لحياة العائلات. «كيف يمكن إيجاد الاطمئنان عندما يصعب عليك تصديق أنهم ليسوا على قيد الحياة.

وأنت حقاً لا تعرف ماذا حدث لمصيرهم. قلنا لأنفسنا، العائلات ستعرف بعد يومين وهذا سيغير روتين حياتهم. عندما شخصنا الزي العسكري وحذاء زخاريا ذرفنا الدموع، هذا شعور لا يمكن وصفه".

التشخيص الذي يتحدث عنه أ. تم في الأراضي السورية. الزي العسكري والحذاء أعيدا أمس (الخميس) في طائرة رئيس الحكومة الذي عاد من موسكو. من أجل العثور على الجثة التي دفنت في موقع غير مرتب، سبقها عدد من المحاولات التي قام بها الروس في السنتين الأخيرتين والتي انتهت بالفشل. على الأراضي السورية كان مقاتلون روس، وإسرائيل وفرت غطاء استخبارياً للعملية عن بعد. بوتين قال أمس (الخميس) في المؤتمر الصحافي مع نتنياهو إن السوريين ساعدوا في العملية. في إسرائيل لا يقومون بتأكيد هذا الادعاء. هذا يمكن أن يكون محاولة روسية متأخرة لإخفاء الآثار.

إعادة الجثة

بني غانتس، رئيس حزب أزرق أبيض، اتهم أمس (الخميس) نتنياهو باستخدام الجيش الإسرائيلي سياسياً في قضية إعادة الجثة. في الخلفية سمعت ادعاءات بأن الأصداء التي سيثيرها في سوريا نشر أنباء إعادة جثة باومل ستصعب العثور على جثث المفقودين الآخرين. في محيط رئيس الحكومة نفوا هذه الاتهامات. والمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي العميد رونين منلس، قال «أرفض ادعاء أن موعد إعادة الجثة مرتبط بالانتخابات»، وأضاف بأن التوقيت كان صدفياً.

مع ذلك، يبدو أنهم في الحكومة أملوا في خلق ضجة كبيرة حول الحادثة. وأكدت عدد من المصادر للصحيفة أنه في الأيام الأخيرة تم بحث خطة لعقد احتفال رسمي في مطار بن غوريون عند عودة نتنياهو من روسيا بمشاركة مئات الأشخاص. ولكن عائلة باومل عارضت ذلك وألغيت الخطة. «ربما بعد فترة قصيرة ستهبط هذه الفكرة مثلما صعدت»، قال مصدر مطلع على الاتصالات.

جثة باومل تم تشخيصها من بين عدة جثث وأجزاء جثث نقلت إلى إسرائيل الأسبوع الماضي. جنازته أجريت أمس بمشاركة رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس الأركان. «نحن نعرف أن ليس هذا هو نهاية جهود البحث»، قال أ. «ما زلت أعتقد أنه يمكن أن نعثر أيضاً على يهودا وتسفي".

بين سوريا وغزة

ما تنجح إسرائيل في فعله في سوريا تجد صعوبة في فعله تحت أنفها، في قطاع غزة. أكثر من خمس سنوات احتجزت حماس جلعاد شليط، إلى أن وافق نتنياهو على إطلاق سراح 1027 أسيرًا فلسطينياً مقابل إعادة الجندي المخطوف. وفي حالة المواطنين الإسرائيليين وجثتي الجنديين سيأتي الحل كما يبدو من خلال صفقة أوسع ستجبر إسرائيل في إطارها على إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.

هذا يبقي نتنياهو في وضع لا خيار له فيه، حل مسألة الأسرى والمفقودين في غزة سينتظر حتى تشكيل الحكومة الجديدة، إذا تم تشكيلها. في هذه الأثناء زادت آمال الحكومة في أن تجتاز بسلام فترة الانتخابات، بدون اشتعال حقيقي في القطاع. الجهد الكبير الذي استثمرته مصر والأمم المتحدة وقطر أدى إلى كبح المظاهرات على الجدار نهاية الأسبوع الماضي. هذا الأسبوع أيضاً توقفت المظاهرات الليلية التي تم فيها إلقاء العبوات الناسفة من خلايا تابعة لحماس والقنابل في محيط الجدار.

المقابل الذي تلقته حماس لا بأس به، فتح محدد للمعابر وتوسيع منطقة الصيد بـ 15 ميلاً عن الشاطئ، وهو رقم قياسي في العشرين سنة الأخيرة. مع ذلك، من الواضح للجميع أن النقاش الحقيقي سيبدأ بعد الانتخابات، وحماس تتوقع خطوات اقتصادية بعيدة المدى لإعادة إعمار البنى التحتية في غزة وتسهيلات في الحصار مقابل هدوء طويل المدى. نهاية أسبوع متوتر آخر ما زال أمامنا كما يدل على ذلك الانتشار الكبير للقبة الحديدية.

استخبارات: الحرب في سوريا ساهمت في نجاح إعادة الجثة… ولم تنجح في غزة!

في مقابلة مع راديو «كان» قال نتنياهو إن «كل الخيارات على الطاولة» في غزة، لكنه قال أيضاً إنه لا فائدة من احتلال القطاع لأنه «لن يكون هناك من نسلمه المفاتيح». يبدو أن قيادة حماس تفهم جيداً الردع المبرر لنتنياهو من عملية برية كبيرة في القطاع. وتركيز القوات الإسرائيلية في الجنوب الذي لم يكن مقروناً باستعدادات عملياتية جدية بما فيه الكفاية لعملية برية، فهم في غزة كتهديد فقط. لذلك، حماس تقوم بشد الحبل هذه المرة على أمل أن تحصل من إسرائيل على تسهيلات أخرى. مع ذلك، الظروف الأساسية في غزة سيئة جداً إلى درجة أنه بدون تسوية واسعة بعد الانتخابات سيتجدد الانزلاق نحو مواجهة شاملة.

حدث في نهاية الحملة الانتخابية لليكود احتفل به أمس في موسكو. ليس من الغريب عدم تبني نتنياهو اقتراح رجال هيئة حملته في عقد اجتماع كبير في ميدان رابين قبل الانتخابات، وهذا ليس بسبب العبء التاريخي المرتبط بالمكان، وليس بسبب الخوف من أن الميدان في تل أبيب لن يمتلئ بالنشطاء، ولكن بدلاً من ذلك ثمة مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الروسي في موسكو؟ ومثلما في الأسابيع السابقة، فإن نتنياهو هو الذي يحدد قواعد اللعبة في الحملة الانتخابية، يستطيع الخروج في الأيام الأخيرة إلى عدد من المقابلات بعد أن حرص في السنوات الأربع الأخيرة على عدم إجراء المقابلات مع أي قناة اتصال لا يسيطر عليها بشكل كامل.

الدعوة من بوتين تكمل… في أقل من أسبوعين. زيارة لدى ترامب الذي أعطاه كهدية اعتراف أمريكا بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان (التأثير تم تعميمه قليلاً عندما أجبرته حماس على تقصير الزيارة في أعقاب التصعيد)، استضافة الصديق الجديد رئيس البرازيل بولسونارو في إسرائيل، وأمس قمة في موسكو، بعد لحظة من إعادة جثة باومل. روسيا تذهب مع المنتصر الذي يظهر في الانتخابات في إسرائيل وهي مستعدة لمساعدته في حدود مصالحها. وهي لا تطرد إيران وحزب الله من هضبة الجولان السورية وتواصل الاستعداد لنقل صواريخ اس300 المتطورة إلى سيطرة سورية كاملة. ولكن إذا كانت إسرائيل تريد القليل من المساعدة في مسائل إنسانية فلم لا. يمكن الاعتماد على بوتين الذي سيهتم في وقت ما أيضاً بالحصول على مقابل مناسب ثمناً لسخائه.

الرسالة التي يريد الليكود بثها من خلال هذه اللقاءات واضحة. فالمستشفيات تئن تحت الاكتظاظ والمواصلات العامة عرجاء والأمن الشخصي في غلاف غزة مهزوز. ولكن عندما تتوجه إسرائيل إلى الساحة الدولية فليس لنتنياهو وتجربته وعلاقاته أي منافسين آخرين. فقط بيبي يستطيع. أقوال مشابهة، بالمناسبة، هل سمعت في نهاية الولاية الثانية لسلفيه اريئيل شارون وإيهود أولمرت. الأخير استند إلى موجات التأييد لزعماء أجانب التي رافقته طوال طريقه إلى المحكمة والسجن.

سجل نتنياهو في الساحة السياسية ـ الأمنية ليس الكارثة المطلقة التي يصفها خصومه. رئيس الحكومة استطاع أن يفهم الأخطار الكامنة في الربيع العربي. وقد وطد العلاقات مع الدول السنية، من مصر وحتى الخليج، ونجح (بشكل عام) في عدم المخاطرة في الحرب الأهلية السورية وعلى الأغلب كان حذراً في عدم الانجرار إلى حروب زائدة في غزة. أيضاً في عملية الجرف الصامد لم يستجب نتنياهو لضغوط الحكومة التي دعت إلى احتلال القطاع.

الاتفاق النووي مع طهران الذي عارضه نتنياهو، تبلور من قبل إدارة أوباما بدرجة كبيرة كرد على تهديد إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. في حين أن انسحاب ترامب من الاتفاق في السنة الماضية بحث من صديقه في القدس ، لم يثمر في هذه الأثناء الكارثة التي حذرونا منها. العقوبات الأمريكية الجديدة أثرت أيضاً على شركات أوروبية وزادت الضغط الاقتصادي على النظام، لكن في هذه الأثناء لم تعمل على تقويض الاتفاق نفسه، كما أراد نتنياهو. الادعاء المقنع تجاهه في مجال السياسة يمس العجز المطلق في الساحة الفلسطينية. الاحتمالات للتوصل إلى تسوية نهائية ضئيلة (حسب رأي منافسه بني غانتس)، لكن تجميد العملية السلمية إلى جانب البناء الواسع في المستوطنات، تغلق الدائرة تدريجياً على حلم الدولتين الذي تبناه نتنياهو للحظة بضغط من أوباما قبل عشر سنوات.

ولكن الادعاء الرئيسي لإنهاء ولاية نتنياهو الطويلة يمس بسلوكه في الساحة الداخلية وليس الخارجية. يكفي بالقضايا الجنائية التي أثيرت فيها نحوه شكوك صعبة، وبالهجمات المتناسقة لليكود على الموظفين العامين وعلى المس المنهجي بسلطة القانون من أجل التوصل إلى استنتاج أن لنتنياهو دوراً رئيسياً في إفساد المجتمع الإسرائيلي في العقد الأخير.

في الأشهر الأخيرة عملت الاستطلاعات دورة كاملة من الأمل الضئيل إلى الانتصار من قبل منافسيه بعد الاتحاد بين لبيد ـ غانتس. عودة إلى التفوق الواضح لكتلة اليمين. إذا لم تخطئ الاستطلاعات مرة أخرى فإنها ستعبر كما يبدو عن مواقف كثير من الإسرائيليين حول زعيمهم: في الشرق الأوسط مطلوب شخص ماكر. خطورة المخالفات الجنائية التي اتهم بها توازي الأمن الذي يصبه في مؤيديه أمام الأخطار الخارجية. في هذا الامتحان، غانتس، الرسمي والعقلاني، لا يصل إلى المنسوب الاحتيالي الأساسي.

ما كشف مؤخراً حول قضية الأسهم التي حصل عليها من ابن عمه، نتان ميلكوفسكي، يمكنه تعميق تورط نتنياهو. على هامش الساحة ما زالت تنتظرنا قضية الغواصات والسفن التي أجرى حولها المستشار القانوني والشرطة تحقيقات محدودة. الرائحة النتنة للسفن والخيوط التي ربما مدت منها نحو صفقات الغاز لم يتم التحقيق فيها بشكل كبير. حسب الإشارات التي ينقلها نتنياهو في مقابلاته الأخيرة فإن الجهد التشريعي لوقف ساعة التحقيق ضده يتوقع أن يتجدد بعد الانتخابات. النتائج متعلقة بالعمود الفقري للمستشار القانوني للحكومة، وبسلوك شركاء نتنياهو في الائتلاف وبقدرة صمود قضاة المحكمة العليا.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد