يملك مجلس النواب الأردني هامشاً واسعاً من التحرك السياسي، وإرادة مستقلة، ودعماً رسمياً وشعبياً ليكون في صُلب الحدث بما يلبي مصالحنا الوطنية، وقناعاتنا القومية، ومبادئنا الإسلامية والأممية، بتقديم مبادرة تستحق المجازفة، استناداً إلى ما يتوفر لديه من القدرة والمكانة، فقد سبق لمجلس النواب أن سجّل موقفاً مشرفاً بدعوته لعقد اجتماع طارئ للاتحاد البرلماني العربي في الرباط يوم 18 / 12 / 2017؛ رداً ورفضاً لقرار الرئيس الأميركي ترامب، الذي وقّع واعترف يوم 6 / 12 / 2017، بأن القدس عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، ونقل سفارة بلاده إليها، فكانت مبادرة مجلس النواب بدعوته للبرلمانيين العرب وإصدار موقف وبيان ينسجم مع مبادرة وزير الخارجية بعقد مؤتمر طارئ لوزراء الخارجية العرب، يوم 10 / 12 / 2017، في القاهرة، للسبب نفسه، وامتداداً للمبادرة الأردنية التركية المشتركة بعقد اجتماع طارئ للقمة الإسلامية في إسطنبول، يوم 13 / 12 / 2017، وها هو الرئيس ترامب يرتكب جريمة سياسية ثانية تتعارض مع حقوق العرب ومصالحهم، وبما يتعارض مع الشرعية الدولية، بتوقيعه قرار الاعتراف بضم الجولان السوري لخارطة المستعمرة الإسرائيلية.


كما سجّل مجلس النواب ورئيسه موقفاً مشرفاً في رفض أي شكل من أشكال التطبيع مع المستعمرة الإسرائيلية ومؤسساتها المختلفة، وقد وجد هذا الموقف الاحترام والتقدير من قبل الأغلبية البرلمانية العربية في اجتماعها، يوم 3 / 3 / 2019، بعمّان، وإطلاق شعار "القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين"، وفرض التراجع على موقف بعض الأطراف العربية التي لا تحبذ صيغة رفض التطبيع، وتبحث عن صيغ تضليلية، تُسهّل لها مهام التطبيع وتسويقه وإشاعته.


برلمان المستعمرة الإسرائيلية سبق له أن أصدر قراراً بضم مدينة القدس لخارطة الاحتلال يوم 20 / 6 / 1980، وقراراً مماثلاً بضم الجولان السوري يوم 26 / 12 / 1981، للخارطة التوسعية، ما يؤكد أن البرلمان الإسرائيلي يتمسك بسياسات استعمارية، ويتخذ قرارات تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة وشرعيتها، ما يستوجب ممارسة الضغط من قبل برلمانيي العالم على برلمان المستعمرة الإسرائيلية، للتراجع عن قراري ضم القدس والجولان، وإذا لم يفعل ذلك يتم طرح اقتراح بديل يقوم على تعليق عضويته لدى الاتحاد البرلماني الدولي حتى يتم تصويب قراراته وفق القيم الدولية وشرعية قرارات الأمم المتحدة. 


في اجتماع الدوحة المقبل في قطر، للاتحاد البرلماني الدولي، الذي سيحضره البرلمان الإسرائيلي، يمكن أن يتحول إلى جلسة محاكمة سياسية برلمانية من برلمانيي العالم وممثلي شعوبها المنتخبين لبرلمان المستعمرة الإسرائيلية على قراريه بضم القدس 1980 والجولان 1981، وكذلك سائر القرارات والقوانين العنصرية التي شرعها، وفي طليعتها قانون قومية الدولة اليهودية، الذي شرعه يوم 19 / 7 / 2018، والذي بموجبه يحرم الشعب الفلسطيني برمته من حقه في المواطنة على أرضه ويعتبر أرض فلسطين بأكملها حقاً وجوبياً مقتصراً على اليهود دون الفلسطينيين، بما يتعارض مع كل قرارات الأمم المتحدة 181 و194 و242 و1515 و1397 و2334.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد