مركز دراسات يصدر تقديرا استراتيجيا حول مستقبل مسيرات العودة
صدر عن مركز "الزيتونة للدراسات والاستشارات" في بيروت، اليوم السبت، تقديرٌ استراتيجي حول مستقبل "مسيرات العودة"، في محاولة لتقييم الدور الذي لعبته مسيرات العودة بعد مرور عام على انطلاقتها.
وقد طرح التقدير في مقدمته تساؤلاً جوهرياً وهو: هل ترقى مسيرات العودة إلى مستوى أن تشكّل تحوّلاً استراتيجياً في مسار المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، أم أنها مجرد متغيّر نضالي وسياسي عابر؟.
وأكد التقدير، بأنه بالرغم من إمكانية أن الإجابات على السؤال قد تتباين، إلا أنه من المؤكد أن المسيرات مثّلت تطوّراً نوعياً، ومحطة فارقة في الصراع مع الاحتلال، وكان لها تداعياتها وانعكاساتها المهمّة فلسطينياً وإسرائيلياً وإقليمياً ودولياً.
وقيّم هذا التقدير، الذي يتزامن صدوره مع إحياء يوم الأرض والذكرى السنوية الأولى لانطلاق مسيرات العودة الكبرى، مدى نجاح المسيرات في تحقيق أهدافها، وقراءة السيناريوهات المتوقعة لمسارها المستقبلي.
وبدأ التقدير الاستراتيجي بقراءة انطلاقة مسيرات العودة، التي أتت متزامنة مع متغيّرات مهمة محلياً وإقليمياً ودولياً، والتي شكّلت مبررات ودوافع لانطلاقتها وديمومتها وتصاعدها.
ومن أبرز تلك المعطيات:
- تزايد حدّة الحصار المفروض على قطاع غزة ، وتفاقم انعكاساته الإنسانية والمعيشية، وتشديد السلطة الفلسطينية إجراءاتها العقابية بحق القطاع.
- مواصلة إدارة ترمب جهودها لتمرير مشروع " صفقة القرن " وفرضها على الشعب الفلسطيني.
- إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على قرار الاعتراف ب القدس عاصمة لـ "إسرائيل"، ومُضِي الإدارة الأمريكية قُدُماً في تنفيذ قرار نقل السفارة الأمريكية إليها، وبالتزامن مع ذلك السعي لشطب حق العودة عبر وقف الإسهام في تمويل وكالة الأونروا والضغط على دول أخرى لاتخاذ ذات الموقف.
- تصاعد خطير في مسار الاختراق والتطبيع الإسرائيلي مع العديد من الدول العربية.
- تزامنت مسيرات العودة مع الذكرى 43 ليوم الأرض، ومع مرور 70 عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948.
أما بالنسبة للأهداف فقد أشار التقدير بأن مسيرات العودة بدأت كفكرة شبابية نضالية سلمية؛ بهدف تحقيق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأرض المحتلة سنة 1948.
كما ذكر بأن الأهداف تركزت في محاولة للضغط على الطرف الإسرائيلي وعلى البيئة الدولية؛ للتأكيد على التمسك بحق العودة ولكسر الحصار وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة العربية والإسلامية، كما هدفت هذه المسيرات حسب التقدير إلى مواجهة "صفقة القرن" واستحقاقاتها.
وقرأ التقدير نتائج وتأثيرات مسيرات العودة على المستويات الفلسطينية والإسرائيلية والإقليمية والدولية، حيث أسهمت فلسطينياً في تخفيف حدة الحصار عن قطاع غزة، وعززت مكانة المقاومة، أما إسرائيلياً فقد كشفت مسيرات العودة هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وأحرجت المسيرات موقف سلطات الاحتلال دولياً، ومن ناحية إقليمية ودولية فقد أحرجت مسيرات العودة الدول العربية التي تورطت بالتطبيع مع الاحتلال، ونجحت في تحقيق تعاطف وتفاعل دولي متزايد مع نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال.
وبالرغم ممّا حققته مسيرات العودة، إلا أن التقدير الصادر عن مركز الزيتونة يضع بين يدَيّ القارئ مجموعة من المعوقات والتحديات التي واجهت هذه المسيرات، مثل: قوة الاستهداف العنيف من قوات الاحتلال لمسيرات العودة، واستمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني، وانحياز إدارة ترمب الصارخ لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وضعف مستوى التفاعل والإسناد العربي الشعبي لمسيرات العودة، وضعف الموقف الرسمي العربي، والانقسامات العربية.
ووقف التقدير على أربعة سيناريوهات مستقبلية لهذه المسيرات كما يلي:
- استمرار الوتيرة الحالية للمسيرات مع تذبذب محدود صعوداً وهبوطاً.
- تصاعد المسيرات والمواجهة مع الاحتلال بصورة قوية.
- تراجُع المسيرات وتوقفها دون تحقيق إنجازات مهمة فلسطينياً.
- نجاح الجهود المصرية في التوصُّل إلى اتفاق تهدئة طويل الأمد، ينهي الحصار المفروض على قطاع غزة.
واستفاض هذا التقدير في شرح ومناقشة ووصف هذه السيناريوهات وشروط تحققها، كما استعرض النتائج المتوقعة من كل سيناريو، ليخلص في النهاية إلى ترجيح السيناريو الأول الذي يتوقع استمرار الوتيرة الحالية.
واختتم تقدير مركز الزيتونة بتقديم مجموعة من التوصيات التي قد تسهم في ترشيد صناعة القرار الوطني الفلسطيني.