عندما إنطلق الصاروخ من غزة الى تل أبيب فجر الإثنين , وكان الصاروخ الأشرس من بين الصواريخ , حيث تسبب في هدم منزل بالكامل وبالإضافة الى سبع إصابات , كانت مهمة الجميع في معرفة هوية وهدف الصاروخ صعبة للغاية , لأنه إنطلق في توقيت حساس جداً , ودون دليل على مطلقيه ودون إعتراف أي جهة تقف خلفه أيضاً , ومن هنا يجب أن تكون مسألة تحديد هوية مطلقي الصاروخ ظنية وإفتراضية , ومن ثم نبني عليها معرفة الهدف في كلا الأحوال , بمعنى أننا نفترض أن فلان هو من أطلق الصاروخ , وثم نبني الآراء على هذا الإفتراض , فلو إفترضنا أن حماس وراء هذا الصاروخ , فهذا يعني أن إطلاقة في هذا التوقيت الذي يشهد مساعي تسوية بينها وبين إسرائيل بوساطة مصرية , هو عبارة عن ورقة ضغط لإنجاح هذه المساعي , وإرتفاع سقف المطالب لصالح حماس , ومن هنا يكون هذا الصاروخ ليس أكثر من أدات دفع لعملية التسوية بين حماس وإسرائيل , ولو إفترضنا أن مطلقي الصاروخ هم من إحدى فصائل غرفة العمليات المشتركة , كسرايا القدس مثلاً , أو كتائب شهداء الأقصى , أو كتائب أبو على , أو الألوية ... إلخ , فهذا يعني أن بعض فصائل الغرفة المشتركة غير راضين عن عملية التسوية بين حماس وإسرائيل , ولكنهم في نفس الوقت لا  يريدون الخروج عن الإجماع الوطني بشكل معلن , ويتركون الأمر لما يترتب من تداعيات هذا الصاروخ , فهي كفيلة أن تقلب الطاولة فوق الجميع , ولو إفترضنا أن مطلقي الصاروخ هم من المجموعات السلفية الجهادية المتواجدة في غزة , فهذا أمر طبيعي جداً , لأن هذه المجموعات تعمل ليلاً نهاراً على إفشال كل ما تقوم به حماس في غزة  , وهذا التوقيت قد يكون مناسباً جداً لهدة المجموعات بأن تطلق صاروخاً يكون صاحب القرار في وقت السلم والحرب .

بغض النظر عن من أطلق الصاروخ وما هدفه , فالصاروخ هو صاحب القرار على أرض الواقع , لأن إطلاق الصواريخ من غزة تعني شلل كامل في حياة إسرائيل , ومن هنا تسارع إسرائيل بالرد المباشر وتهيئة الأجواء الى حرب على غزة , وبناء على ذلك يتم الرد أيضاً من باقي الفصائل , وهكذا تكون الحرب مفروضة على الجميع بفعل صاروخ واحد .

بعد ساعات من التصعيد وأجواء الحرب يأتي دور المخابرات المصرية لتعيد الجميع الى المربع الأول وهو "الهدوء مقابل الهدوء" ومع بقاء مساعي عملية التسوية في غزة مقابل رفع الحصار , وما بين مؤيد ومعارض لهذه العملية , تستمر أدوات دفع هذه العملية والتي تتمثل في مسيرات فك الحصار والإرباك الليلي والبالونات الحارقة وفعاليات زيكيم وغيرها ..

برأيي أنه لم ولن تكون هناك حرب رابعة على غزة , لأن سياسة نتنياهو أصبحت واضحة , وهي ضمان سكوت غزة ببعض المال والتسهيلات الإقتصادية , والتفرغ الكامل لتهويد الضفة الغربية والتي تشكل الخطر الإستراتيجي الأكبر علي مستقبل إسرائيل , وأيضاً إقتراب موعد الإنتخابات في إسرائيل , فنتنياهو لن يقدم على أي خطوة مفصلية قبل إنهاء الإنتخابات , وفي المقابل حركة حماس لاتريد حرب للحفاظ على بقاؤها في غزة كلسطة , وأهل غزة أيضاً لا يرغبون في حرب رابعة لأنها لن تغير شيئ في حياتهم , بالإضافة الى الكوارث التي ستترتب عليها , وحتى الصواريخ المسيسة التي تنطلق من غزة لتكون صاحبة القرار في السلم والحرب , رغم أنها تشعل فتيل الحرب بسرعة , لكن تتم السيطرة وضبط النفس بمجرد تدخل المخابرات المصرية , وبدليل موافقة حماس وباقي الفصائل بشكل سريع على التهدئة , ولا زالت إسرائيل تضرب أهداف وتماطل في تثبيت التهدئة , منتظرة ما سيصدر عن نتنياهو بعد عودته من الولايات المتحدة الى إسرائيل , وذلك بسبب أنها تنظر الى الموضوع بنظرة إستعلاء وعنجهية , فهي تريد إثبات أنها الطرف الأقوى , وهي من ستحدد ساعة وقف إطلاق النار .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد