العدو لا يهزم الإنسان إنما ظلمه لمن يعتبره أخا له، كل إنسان له كبرياؤه وكرامته وعزة نفسه، وكل ما حصل ويحصل في غزة زائد عن حده، ومن لا يدرك الحكمة لا يمكنه أن يصل الى الحكم، والوطن إن لم يحكم بالعدل والإيمان بحقوق الناس وحرياتهم والعيش الكريم والمساواة وعدم التمييز، فسوف ينهار حكمه مرة واحدة وللأبد. حتى وإن أثخن السيف في رقاب الناس وعمق جروحهم، فالقوة هي التمتع بالحكمة التي تسحق الظلم وتحترم المظلوم وحرياته وتصون كرامته وتعيد له الحقوق.

لم يعد الناس يتحملون الظلم والفقر والقهر، ونفذ صبرهم وقدرتهم على الإحتمال، وعاجلاً أم آجلاً سيخرج جميع الناس في وجه حماس ، وان فشلوا هذه المرة في مطالبهم بحياة كريمة، ولم يعد يعنيهم ان الرئيس محمود عباس سواء فرض عقوبات على غزة، او حرض هو وحركة فتح او لم بحرض.

فالظروف الذاتية والموضوعية بدأت في نضوج الانفجار في وجه حماس، وحجج التحريض والفتنة والمندسين وتدخل مخابرات رام الله وابتزازها للناس للانتفاض في وجه حماس مكررة.

حتى وإن دعمت حركة فتح الحراك الشعبي "بدنا نعيش" فهذا حقها كحركة سياسية من حقها ان تنخرط في الحياة السياسية والمطالبة بالحقوق، لكن في ظل غياب القيم وتفسخ العلاقات الوطنية واصبح الاخ عدو والشريك ولم يعد خصما سياسياً يقارع بالحجة والفكرة، بل الفجور والمناكفات وعزم قبول الاخر.

حماس لا تزال تعتقد ان القوة والعنف هو الذي يقوي اواصر حكمها وتنطلق من قاعدة رسختها مع ذاتها وفِي صفوف أعضائها انها تمتلك الشرعية، وانها لم تمكن من الحكم وكأنها تنسى ان الشرعية لا تكتسب من الخارج او من صندوق الانتخابات فقط، فمصدر الشرعية بالأساس في حالتنا الفلسطينية يأتي بالتوافق ومن خلال العقد الاجتماعي بين الدولة او السلطة الحاكمة والمجتمع.

وحماس تحاول ان تحصل على الشرعية الداخلية بالقوة والشرعية الخارجية بتثبيت حكمها بالعلاقات مع بعض الدول التي لا تزال تنطر اليها على انها حركة إسلامية، ومطلوب منها تقديم تنازلات للاعتراف بها. وعلى الرغم من بعض التحليلات او ما يشاع لدى بعض المسؤولين في حماس انها مقبلة على انفتاح مع بعض دول الإقليم والدول الأوربية خاصة بعد مسيرات العودة.

وتعتقد حركة حماس ان هذا الانفتاح في بعض العلاقات الخارجية سوف يمنحها شرعية دولية، وتكون المشكلة عندما تتعامل مع ابناء شعبها بعقلية المؤامرة وان الحراك الشعبي "بدنا نعيش" هو ليس حراكا شعبيا انما هو بتحريض من حركة فتح للتشويش على الانفتاح على الخارج.

حركة حماس تعيش حالة انكار وهي بالمناسبة ليست جديدة على المجتمع الفلسطيني وقمع الحراك الشعبي، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الناس، بالضرب والتهشيم والتكسير والمنع والحبس والتعذيب ومنع التغطية الصحفية واحتجاز الصحافيين وعرض المحتجزين على القضاء العسكري لم يكن الاول ولم يكن الاخير.

حركة حماس اطلقت العنان للأجهزة الامنية والشرطة ومناصريها لمنع الحراك والحق في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير وعدم احترام كرامة الناس.

وحالة الإنكار ظهرت بشكل جلي في صمت قيادتها ومسؤوليها، وتركت الساحة الفلسطينية بدون اي توضيح او ادانة لما جرى من انتهاكات واعتداءات بحق المتظاهرين، وتركت المجال للحديث عن توجيه الاتهامات والتحريض. 

وبعد ان اطمأنت الحركة انها افشلت الحراك الشعبي، توصلت لقناعة انها سيطرت على الحراك، أصدرت بيان مخيب للآمال ولم يكن على مستوى المسؤولية الوطنية بالاعتذار العلني، او حتى الإيعاز للنائب العام بالتحقيق، او كما فعلت في مرات سابقة، ولم تتحرك كتلة التغيير والإصلاح والنائب الاول في المجلس التشريعي بعقد جلسة او إعداد تقرير او مساءلة للمسؤولين والاجهزة الامنية، والتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان ومحاسبة المسؤولين.

ووفقا لمصادر في حركة حماس ان خلافا وقع بشأن البيان الباهت الذي صدر تحت ضغط من بعض المسؤولين فيها، وخرج بهذا الشكل واكتفت بمطالبة الاجهزة الامنية بتعويض المتضررين. وكأن الاجهزة الامنية هي التي تتحمل المسؤولية وحدها.

وتنصلت الحركة من مسؤوليتها حتى ان رئيس الحركة ابو العبد هنية الذي تحدث في خيمة العزاء للشهيد عمر ابو ليلى التي إقامتها الحركة في حديقة الجندي المجهول لم يتطرق ولو بكلمة واحدة حول الأحداث التي شهدتها غزة، وكأن ما جرى من انتهاكات واهانة كرامات الناس جرت في الطرف الاخر من الارض.

حماس هي المرجعية السياسية والقانونية للأجهزة الامنية وهي التي يجب ان تشكل لجنة تحقيق والاعتذار للضحايا وتعويضهم عن الانتهاكات وليس الاجهزة الامنية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد