توصيات بإنشاء الدليل الوطني للمخاطر التي تُواجه "غزة"
أوصى باحثون ومختصون فلسطينيون بضرورة إنشاء الدليل الوطني للمخاطر التي تواجه قطاع غزة ، وتعزيز الموارد البشرية بموارد بالتخصصات النوعية وفق احتياجات الجهات المختصة في مجال السلامة والصحة المهنية.
واقترح الباحثون، حسب ما وصل وكالة "سوا" الإخبارية، زيادة إجراءات السلامة والوقاية في محطات الوقود والغاز، مؤكدين في ذات السياق على ضرورة تقديم برامج إعلامية وتوعوية متخصصة ومركزة لتحسين الوعي المجتمعي بأهمية إدارة المخاطر والتقليل من آثارها، وتحسين الصورة الذهنية لدى طرفي الإنتاج عن طبيعة عمل مفتشي الأمن والسلامة والصحة المهنية.
جاء ذلك خلال يوم دراسي، عقدته المديرية العامة للدفاع المدني بالتعاون مع مركز إدارة الأزمات والكوارث في الجامعة الإسلامية تحت عنوان "نحو منهجية علمية لإدارة المخاطر في قطاع غزة".
وشارك في اليوم الدراسي الذي عقد في قاعة المؤتمرات بمبنى القدس في الجامعة الإسلامية كل من مدير عام الدفاع المدني ناصر مصلح، وعميد كلية العلوم في الجامعة أسعد أسعد، وزياد أبو هين مدير مركز إدارة الأزمات والكوارث في الجامعة، ومدراء الإدارات والضباط في الدفاع المدني ولفيف من الباحثين والمختصين والمهتمين.
ظروف صعبة
بدوره، استعرض مصلح المخاطر التي تُواجه عمل طواقم الدفاع المدني أثناء تأدية واجباتهم المختلفة، مشيراً إلى تعرض طواقم الجهاز لأضرار جسمية ونفسية نتيجة عملهم في ظروف صعبة خلال عمليات الإطفاء والإسعاف والإنقاذ حيث قدَّم الجهاز خلال مسيرة عمله 38 شهيداً و125 جريحاً بينهم حالات بتر.
ودعا طواقم الجهاز للتقيد بتعليمات الأمن والسلامة، شاكراً في ذات السياق كل من ساهم في إنجاح فعاليات اليوم الدراسي من اللجان التحضيرية والعلمية ومركز إدارة الأزمات والكوارث وشركة الغصين لرعايتها الدائمة لفعاليات الدفاع المدني.
من جانبه، تحدث أبو هين عن أهداف اليوم الدراسي والأبحاث وأوراق العمل المقدمة خلاله، معرباً عن أمله في أن تكون نتائج وتوصيات تلك الأبحاث دليلاً علمياً ومعرفياً في إدارة المخاطر في غزة.
وقال: "نهدف من خلال هذا اليوم الدراسي للتأكيد أن عملية التخطيط لإدارة المخاطر ليست عشوائية بل تقوم على أسس منهجية علمية بحيث يُقابل كل مستوى من المخاطر طرق وأساليب للعلاج للتعامل معها".
وأكد أن مركز إدارة الأزمات والكوارث التابع للجامعة الإسلامية يسعى بالتعاون مع الجهات المختصة لترسيخ منهجية علمية لإدارة الأزمات والكوارث في قطاع غزة باعتبارها منطقة من أخطر مناطق العالم بسبب الاحتلال واعتداءاته المتكررة.
أبحاث متخصصة
وقد اشتمل اليوم الدراسي على جلستين تضمنت عدة محاور وأوراق عمل وأبحاث متخصصة، حيث أدار أبو هين الجلسة الأولى والتي تضمنت عرض 4 أوراق عمل شملت بحثا بعنوان "عرض مؤشرات التقرير السنوي لإنجازات الدفاع المدني" قدَّمه الباحث أحمد السرحي، وبحثا بعنوان "إدارة المخاطر في محافظة شمال غزة" قدَّمه الباحث أكرم البريم، وبحثا بعنوان "المسح الوقائي للمنشآت الخطرة" قدَّمه الباحث محمد أبو جلمبو، وبحثا بعنوان "إدارة المخاطر في محافظة رفح" قدَّمه الباحث نزار البرديني.
فيما تضمنت الجلسة الثانية التي أدارها محمد المغير عرض 5 أوراق عمل شملت بحثا بعنوان "مخاطر المنشآت الصناعية الكيميائية "مصانع المنظفات في غزة" قدمته الباحثة منى أبو السعود، وبحثا بعنوان "إدارة المخاطر في محطات الوقود والغاز باستخدام نظم المعلومات الجغرافية" قدَّمه الباحث يحيى العطار، وبحثا بعنوان "تحليل واقع إدارة المواد الخطرة في غزة من وجهة نظر العاملين في السلامة والصحة المهنية" قدَّمته الباحثة صباح أبو شرخ، وبحث بعنوان "واقع إدارة الموارد البشرية لدى الجهات العاملة في السلامة والصحة المهنية بغزة" قدَّمته الباحثة سماح الغزالي، وبحثا بعنوان "تقييم جودة نظام الاتصالات وأثرها على جودة الخدمات الإسعافية في وحدة الإسعاف والطوارئ في الصحة" قدَّمه الباحث محمد المغاري.
واستعرض الباحثون خلال اليوم الدراسي عدة نتائج للمخاطر في قطاع غزة من أهمها عجز كبير في التخصصات الفنية والمهنية في الإدارات المختصة في الوقاية من المخاطر والتفتيش على المنشآت (إدارة الأمن والسلامة، الإدارة العامة للتفتيش وحماية العمل)، و قصور في التشريعات الفلسطينية المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية، وخاصة لوائح اشتراطات السلامة في بعض القطاعات الاقتصادية من مثل المطابخ، وصالات الأفراح والمسابح.
كما تطرقوا ضعف الاهتمام الحكومي في تعين الموارد البشرية منذ العام 2014 وحتى الآن في الإدارات المختصة في الاستجابة العاجلة، وحاجة العاملين في إدارات السلامة والصحة المهنية لإدراك نوعية المواد الأولية الخطرة التي تدخل من المعابر وآليات نقلها وتخزينها.
ولفت الباحثون إلى أن محطات الوقود والغاز تُعد من المخاطر الكامنة ذات التأثير القوى على البيئة المحيطة ويختلف نطاق التأثير الجغرافي للخطر وفق عدة عوامل أهمها العوامل الجوية، كما يحتاج العاملون في السلامة والصحة المهنية إلى تطوير منظومة السلامة العامة والإجراءات الوقائية لسرعة الاستجابة لعلاج حالات الطوارئ.
ونوهوا إلى تأثير الاعتداءات الإسرائيلية على العديد من جوانب الحياة (الاقتصادية– الاجتماعية – العمرانية - الديمغرافية وغيرها)، حيث أن استهداف الاحتلال المواطنين خلال الاعتداءات العسكرية والتي لم تراعي أدنى مقومات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
توصيات
وأوصى الباحثون المشاركون في اليوم الدراسي بإعداد وتنفيذ برامج تدريبية متخصصة لتطوير قدرات العاملين في الاستجابة للحوادث، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية لمنظومة السلامة والصحة المهنية من خلال تزويد العاملين في مجال السلامة والصحة المهنية بالأجهزة والمعدات والوسائل اللوجستية اللازمة للقيام بعملهم، وهو ما يذلل بدوره عقبات العمل ويرفع نسبة الرضا الوظيفي لديهم.
وأكد الباحثون على ضرورة تحمل الحكومة كافة مسؤولياتها تجاه توفير الحوافز الوظيفية والعلاوات وبدلات المواصلات للعاملين في مجال السلامة والصحة المهنية، وخاصة العاملين في الشق الميداني، وهو ما يساهم في رفع نسبة الرضا الوظيفي لدى العاملين وبالتالي تذليل العقبات التي تواجه الإدارة العليا في إداراتهم.
كما طالبوا بتحييد العمل الصحي عن الوضع السياسي الراهن في قطاع غزة، إلى جانب العمل على إنشاء غرفة عمليات مركزية تربط جميع مقدمي الخدمات الصحية في الميدان والمستشفيات.
وطالب المشاركون في اليوم الدراسي بالعمل على تحديث مركبات الإسعاف والإطفاء بما يتناسب مع معايير مركبات الإسعاف والإطفاء عالمياً، والعمل على المتابعة والمراقبة القانونية للقائمين على الخدمات الصحية في الحكومة.
وأوصوا بتوفير الاحتياجات من قِبَل وزارة الصحة من أجهزة اتصالات حسب الحاجة، وبما يضمن تقديم خدمة إسعافية للمواطن الفلسطيني، وتأمين الموارد المادية والبشرية لكافة مزودي خدمات الطوارئ بشكل مستمر, لضمان تقديم الخدمات بمستوى لائق.
وأكد المشاركون في اليوم الدراسي أهمية العمل على إنشاء غرفة عمليات خاصة تربط جميع مزودي خدمات الإسعاف والطوارئ والاستجابة العاجلة المنتشرة في جميع محافظات قطاع غزة لتسهيل التواصل وقت الأزمات والكوارث حيث أن الاتصالات العادية ممكن أن تنقطع كما حدث في العدوان الإسرائيلي عام (2014).
في ذات السياق، أوصى الباحثون في ختام اليوم الدراسي بضرورة توفير كادر متخصص في مجال نظام الاتصالات في حالات الطوارئ، مؤكدين كذلك على متابعة المخالفات للوائح التنفيذية لقانون الدفاع المدني من قبل الإدارة العامة للصيدلة وذلك لضمان السلامة العامة.
وأشار المشاركون إلى أهمية توفير قنوات اتصال وتواصل بين العاملين الجهات المختصة في السلامة والوقاية وأطراف الإنتاج الثلاثة، مؤكدين ضرورة وجود كود (code) رقمي عن المواد الخطرة للعاملين في السلامة والصحة المهنية.
واقترح الباحثون في اليوم الدراسي عمل محاكاة للحوادث الطارئة المحتملة أثناء نقل المواد الخطرة، لزيادة الخبرة بالاستعداد والتأهب لحماية مركبات النقل من المخاطر على الطرق، وزيادة معرفة مفتشي السلامة والصحة المهنية بطرق النقل الآمن للمواد الخطرة.
كما أوصوا الجهات المختصة بعمل دورات متخصصة في مجال إدارة المخاطر للعاملين في المصانع وآليات التعامل في حالات الطوارئ.
وطالبوا بتشديد العقوبات الجزائية على مخالفي إجراءات السلامة والوقاية والتلاعب بأرواح المواطنين، وضرورة مراقبة ومتابعة هذه المصانع التي تصنف على أنها منشآت خطرة ولكن دون فرض مزيد من الرسوم لما تعانيه هذه المنشآت نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة.
ولفت الباحثون إلى أهمية تدريب الكوادر البشرية (مدني + عسكري) على كيفية التعامل مع المخاطر، والتنسيق مع الصليب الأحمر والجهات المعنية لتحديد مناطق إيواء آمنة وتأمين المواطنين فيها، بالإضافة لتوفير المواطنين للتجهيزات الضرورية وحقيبة إسعافات أولية.
وناشد الباحثون بضرورة رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة وتوفير كافة المعدات الوقائية والسلامة للعاملين في مؤسسات الطوارئ.
وفي ختام اليوم الدراسي كرمت قيادة الدفاع المدني وكلية العلوم في الجامعة الإسلامية اللجنتين التحضيرية والعلمية والباحثين المشاركين في أوراق العمل.