الاحتلال يواصل سياسته في خنق الاقتصاد المقدسي
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياستها القديمة الجديدة بحق المواطنين الفلسطينيين في القدس ، إذ لا تتركُ وسيلةً من شأنها أن تخنق السكان وتثقل كاهلهم، عبر فرض الضرائب على التجار وسياسات الإغلاق المتواصلة بحق المحال والمنشآت التجارية تحت ذرائع وحججٍ واهية، وذلك بهدف ضرب النشاط التجاري فيها وتهجير أهلها من خلال تضييق الخناق عليهم.
وتفرض سلطات الاحتلال العديد من القوانين التهكمية على تجار البلدة القديمة من القدس المحتلة، وتنفيذ إغلاق المحال التجارية بشكل سريع دون مراجعة صاحب المنشأة، حيث أن ما نسبته 29% من المحال التجارية مغلقة.
تجار القدس باتوا ينتظرون كل عام شهر رمضان المبارك، فهو ملاذهم الوحيد لتعويض الضرائب التي تفرض عليهم، عبر تحقيق بعض من الأرباح، حيث هو موسم التجارة والربح، نظرا لتوافد الزوار والأجانب من كل حدب وصوب.
وأوضح المدير العام للغرفة التجارية الصناعية في القدس لؤي الحسيني لـ"وفا"، أن المحلات التجارية في منطقة القدس بشكل عام، لم تعد تشهد حركة نشطه للزبائن للتسوق بعد الانتفاضة الثانية، ومعظم أصحاب المحلات التجارية يعملون خلال موسم رمضان فقط.
وأشار إلى تراجع النشاط الاقتصادي في القدس بفعل عوامل مرتبطة بحواجز الاحتلال والتضييق على المواطنين بتقليل حرية التنقل، إضافة إلى الضرائب التي تفرضها بلدية الاحتلال على المقدسيين بشكل خاص.
وأشار إلى أن عدد المحلات في البلدة القديمة من القدس وصلت إلى 2067 محلا، منها 601 مغلق أي ما نسبته 29%، مبينا أن بعض المحلات يتم اغلاقها بصورة مستمرة ما عدا شهر رمضان بسبب انتعاش الحركة السياحية فيه.
وقال الحسني إن نسب اقبال الزبائن على الشراء في القدس موسمية ونسبية، مضيفا أن ما نسبته 75% من السياح الذين يزورون البلد يأتوا إلى القدس، و3 آلاف سائح منهم فقط يمرون من البلدة القديمة بالقدس.
وأكد أن مجموعة من الدكاكين في شارعي صلاح الدين والسلطان سليمان، كانت تعتبر تاريخا مركزا للتسوق، لكن لم يعد يأتيها الناس كالسابق في معظم أيام السنة.
ورأى الحسيني أن من أبرز الأسباب التي تجعل المقدسيين يغلقوا محالهم التجارية، تكلفة البضائع بالنسبة للضرائب، إضافة الى طرق تحميل وتنزيل البضاعة، وعدم وجود مصف سيارات أمام المحلات التجارية، كما أن حواجز الاحتلال تساعد في تقليل عدد الزائرين.
من جهته، قال التاجر محمد ال نابلس ي (27 عاما) من سكان البلدة القديمة لـ"وفا" إن الضريبة التي يفرضها الاحتلال قللت من حركة الزبائن بشكل كبير، وأصبحت الحاجة إلى ضرورة بيع الكثير من البضائع لتعويض الخسارة مقابل الضرائب الباهظة، لكن هذا ليس بالأمر السهل.
ويرى النابلسي الذي يعمل في مجال بيع وتوزيع الملابس، أن الاجراءات التي تفرضها سلطات الاحتلال في القدس، تحول دون تحقيق أرباح عالية، مشيرا الى ان العديد من المقدسيين يغلقون محالهم التجارية بصورة موسمية.
من ناحيته، قال عبدالله الخطيب (25 عاما)، ويعمل في محل بيع ملابس بمنطقة باب حطة، "أعمل فقط في شهر رمضان، أما باقي الأشهر يتم إغلاق المحل"، لافتا إلى أن حواجز الاحتلال تفرض نفسها في تقليل النشاط التجاري بالقدس.
ومن بين المحلات التي تشهد حركة نشطة في رمضان؛ مطعم أبو علي بشارع صلاح الدين، الموجود منذ أكثر من 67 عاما أي قبل احتلال إسرائيل للمدينة المقدسة، وتوافدت عليه الناس من شتى البقاع، بات مهددا من قبل الاحتلال.
وكانت بلدية الاحتلال في القدس أغلقت المطعم مطلع الشهر الجاري، بحجة وجود عامل لديه يحمل الهوية الفلسطينية (بلا تصريح).
وقال صاحب المطعم المقدسي رشدي اشتيه (48 عاما) لـ"وفا"، "توارثت العمل في المطعم منذ 30 عاما، من والدي، وفي ظل تلك الفترة كان المطعم يقدم 25 وجبة متنوعة من المأكولات، من ضمنها المقلوبة والدجاج المشوي والكبدة والشاورما، إلى أن تحول مجال المطعم إلى المأكولات الخفيفة مطلع الألفية الثالثة وتدنت نسبة البيع إلى النصف بفعل الحواجز.
وأضاف أن علاقات المطعم ما زالت قوية مع العديد من الزوار الذين يرتادونه، مشيرا الى أن العديد من العمال الذين كانوا يعلمون في القدس ومناطق أخرى من الضفة الغربية و غزة كانوا يرتادون المطعم بشكل يومي، وما زال البعض منهم يزوره في شهر رمضان، إضافة الى السواح الأجانب.
ويواجه اشتيه حياة صعبة من دفع الضرائب التي تفرضها بلدية الاحتلال والتي تتمثل في "الارنونا"، و"التأمين الوطني" وغيرها، مشيرا إلى أنه يقوم بدفع مبلغ 500 شيقل يوميا لبلدية الاحتلال في القدس تحت بند ضرائب، وذلك بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية.
وتشهد مدينة القدس العديد من قرارات بلدية الاحتلال العنصرية، بالإغلاق أو الهدم للمنشآت التجارية والصناعية، ما يسفر في نهاية الأمر القضاء على الطابع الاقتصادي العربي في القدس.