قال الأول: (إن ثمانين في المائة من الإعلام عدوٌ لدود للشعوب!)، قال الثاني: (الإعلاميون لن يُقرروا مَن يحكمنا)!!

أما الأول، فهو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أما الثاني فهو رئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو.

الاثنان عززا صداقتهما، ليس فقط بالأيديولوجيا العقدية، والفكرية، والرأسمالية، بل باستخدام عدوٍ خارجي، يتربَّص بهما، وهو الإعلام، على الرغم مِن أن الزعيمين ينتميان إلى بلدين هما من أكثر دول العالم تغنيَّا بالديموقراطية والحرية، دولتاهما تطاردان كل الدول في العالم بحجة؛ غياب الديموقراطية، وهما في الحقيقة عدوان لدودان للديموقراطية.


ترامب، ونظيره، نتنياهو يدَّعيان بأنهما يتعرضان لحملة تشهير إعلامية بسبب تفوقهما، وبراعتهما. هما يتماثلان في آليات تعاملهما مع الإعلام؛ فقد اصطفى ترامب من بين الإعلاميين مليارديرا يملك شبكة، فوكس نيور، هو روبرت مردوخ، واستثنى معظم وسائل الإعلام الأخرى، كذلك فعل نظيره، نتنياهو فقد اصطفى صحيفة الملياردير شيلدون أدلسون، مؤسس صحيفة "إسرائيل هايوم"! كذلك، استخدم الاثنان التويتر والفيس بوك ليعلنا عن آرائهما، استفاد نتنياهو من تجاربه الطويلة، واستخدام عدة وسائل لمحاولة فرض السيطرة على الإعلام، أبرزها: استقطاب ناشري الصحف وإغراؤهم، ورشوتهم بالثروة، على غرار ما فعله في ملف شركة بيزك، وموقع واللا الإخباري، وهو الملف الذي أصبح ملفَ اتهامٍ ضده، رقم أربعة آلاف، واستخدم أيضا سلاح الرشوة، في ملف ألفين، حيث قدم رشوة لمالِك صحيفة يديعوت أحرونوت، أرنون موزس، بشرط أن يُصدر نتنياهو قانونا يمنع توزيع صحيفة، "إسرائيل هايوم" مجانا، ليزداد توزيع صحيفة يديعوت أحرونوت، وأن يمنع موزس نقد نتنياهو في الصحيفة!


تفوَّقَ نتنياهو على ترامب في أنه جعل شعار حزبه الانتخابي شعارا ضد الصحافيين الذين ينتقدونه، فقد علَّق حزبُ الليكود شعارا انتخابيا في مدينة تل أبيب، يحتوي على صور الإعلاميين الذين ينتقدونه، منهم الإعلامي، بن كاسبيت، أمنون أبراموفتش، رافيف دروكر، وغي بيلج، كُتب فوق صورهم: "هؤلاء لن يُقرروا مَن يحكمنا"!!


حاول نتنياهو تفكيك سلطة البثِّ الرسمية وتحويلها إلى هيئةٍ، في محاولة منه لإعادة تنقيتها من الإعلاميين المعارضين له، بادعاء أن معظم الإعلاميين يساريون، ولغرض الإطاحة بمعارضيه، وعلى رأسهم، الإعلامية في القناة الأولى، غيئولا ساعر زوجة خصمه الليكودي، جدعون ساعر التي واظبت على نقد زوجة نتنياهو، سارة، لم يكتفِ بذلك بل أسهم في الحملة الإسرائيلية ضد إذاعة الجيش، تساهل، عندما بثَّتْ الإذاعةُ قصيدةَ محمود درويش، "سجل أنا عربي"، يوم 21-7-2016 فأوعز إلى وزيرة الثقافة ميري ريغف، وإلى وزير الجيش، ليبرمان بأن يشُنَّا حملة على الإذاعة، وهَّدد بإغلاقها.


 حرَّض نتنياهو على الإعلامية، أوشرات كوتلر في القناة الثالثة عشرة، وانتقد أقوالها في شهر آذار 2019  حين قالت: "يعود الجنود الإسرائيليون إلى بيوتهم وحوشا بشرية!!
كما أن نتنياهو أبرز عنصريته، وعداءه للإعلام الحُر، عندما نشر آخر تغريداته في التويتر يردُّ على الإعلامية، عارضة الأزياء روتم سيلع، 10-3-2019م لأنها طالبتْ بالمساواة بين كل سكان إسرائيل، وبخاصة السكان الفلسطينيين، قالت: "متى ستقرر الحكومة بأن إسرائيل دولة لكل مواطنيها؟"!! ردَّ عليها نتنياهو بعنصرية: "عزيزتي روتم، تعديل... إسرائيل ليست دولة لكل مواطنيها، بل هي دولة قومية للشعب اليهودي فقط"!!


هذه العنصرية، للأسف، لم تحظَ بالنشر، والترويج، والمتابعة المطلوبة حتى في كثيرٍ من وسائل الإعلام الفلسطينية!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد