حكومة انتقالية برئاسة عمر البشير تلوح بالأفق - اخبار مظاهرات السودان اليوم

مظاهرات السودان اليوم

توقعت صحيفة الانتباهة السودانية، اليوم الخميس، تشكيل حكومة انتقالية في السودان برئاسة عمر البشير من أجل السيطرة على المظاهرات التي تشهدها البلاد.

وقال الصحيفة إنه لا خلاف في أن المظاهرات التي اجتاحت مدن البلاد ومازالت، قد أربكت حسابات الحكومة بشكل لا تخطئه العين، مما جعلها تعيد التفكير بشكل جدي في كيفية التعامل مع الثورة الشبابية بغية إخمادها بوسائل إطفاء هادئة دون جلبة وبعيداً عن وسائل العنف والقمع.

وأضافت:" لطالما تأكد لها أن (القمع) سيؤدي إلى مزيد من الاشتعال وتدويل القضية وانتزاع ملفها بواسطة أيدٍ دولية مازالت تنتظر الفرصة المناسبة للتدخل، في وقت سارعت فيه بعض القوى السياسية إلى إعلان تأييدها الاحتجاجات وتوجيه كوادرها بالانخراط في صفوف الثوار، الأمر الذي أوجد صراعاً وتنازعاً بين القوى السياسية لقيادة الاحتجاجات".

وشكلت وفاة الأستاذ أحمد الخير علامة فارقة في مسيرة الاحتجاجات وتعامل الحكومة معها بما وجدته من استنكار محلي ودولي على نحو أحرج الحكومة. 

ومن هنا بدأت السلطات تعيد النظر في كثير من سياساتها، فأصدرت عدة قرارات وتوجيهات للقوات النظامية بعدم إطلاق الرصاص الحي، وعدم اقتحام المنازل والامتناع عن إطلاق الغاز المسيل للدموع داخل البيوت، ومنع العربات بدون لوحات، واستنفار وكلاء النيابات للمراقبة، وما إلى ذلك من التوجيهات والقرارات، وقد حدث ذلك تحت ضغوط داخلية وخارجية في ظل محاولات مكثفة من القوى السياسية لتبني الثورة الشبابية.

بعد ظهور قوى إعلان الحرية والتغيير واندياحها مع تجمع المهنيين، وعندما بدت هذه القوى بصورة أو أخرى وكأنها الأب الشرعي والموجه لحركة الشباب المتظاهرين، في هذه الأثناء تحسست الحكومة موضع قدميها لتحسب خطواتها التالية بدقة، وتتخذ من الخطوات التي من شأنها تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة على الأرجح وهي:

الأول: امتصاص غضب الشارع.

الثاني: قطع الطريق أمام المعارضة للحيلولة دونها واختطاف الحراك الثوري، وذلك عن طريق اتصالات وتفاهمات وترتيبات نحو التسوية السياسية.

الثالث: سد الثغرات أمام القوى الدولية التي يمكن أن تتذرع بقتل المتظاهرين السلميين للتدخل في الشؤون الداخلية. 

وبات جلياً أن الحكومة مازالت تتحسس المخارج الآمنة للخروج من عنق الزجاجة الذي أدخلت فيه البلاد جراء بعض السياسات التي أدت لهذه الأوضاع الاقتصادية المأسوية، وبدا واضحاً أن أولى هذه المحاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه كان خطاب الرئيس البشير يوم الثاني والعشرين من الشهر الماضي الذي حرك كل البرك الساكنة وأربك الساحة السياسية  بنحو فتح كل الاحتمالات، مما أثار كثيراً من التكهنات والتخمينات بشأن حقيقة هذه الخطوة التي اتخذها الرئيس البشير، وتساءل البعض عن أهداف هذه الخطوة، هل هي حقيقية أم تاكتيك ومناورة سياسية لتحقيق الأهداف الثلاثة التي سبقت الإشارة إليها ومحاولة لكسب الوقت… فيما تساءل آخرون عما إذا كانت خطوة الرئيس البشير تلك تُعد انقلاباً على حزبه (المؤتمر الوطني)؟ أم أن الخطوة حيلة من حيل المؤتمر الوطني للالتفاف على ثورة الشباب؟.. أم أن الرئيس البشير يريد إعلان فطام المؤتمر الوطني الذي ظل على نحو ثلاثين عاماً يرضع من ثدي السلطة، وهو أمر ظل محل استنكار، ويثير الغبن لدى القوى السياسية، وأن إجراء فك الارتباط قد يهيئ الساحة للتفاهمات مع القوى السياسية.
لقاء الرئيس بقادة المعارضة

وترددت أمس على نطاق واسع الأخبار التي رشحت عن لقاء مرتقب يجمع الرئيس البشير وقادة أحزاب المعارضة، وهو على ما يبدو استجابة للدعوة التي أطلقها زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي التي طالب فيها بلقاء يجمع الرئيس بزعماء المعارضة لإيجاد مخرج للبلاد من الأزمة الراهنة، ومعلوم أن القوى السياسية المعارضة بات الآن مطلبها واحداً وهو ما سمته بـ (الرحيل السلس) للنظام، والتفاكر حول اتفاق يفضي إلى تكوين حكومة انتقالية تشرف على الانتخابات، وسبقت هذه الخطوة التي تتعلق بإمكانية اللقاء المرتقب الذي يجمع بين الرئيس البشير والقوى السياسية المعارضة، ترتيبات ولقاءات غير معلنة، منها لقاء جمع حسب معلومات أوردتها صحيفة (السوداني) قوى سياسية معارضة ومسؤولين حكوميين بمنزل الدكتور منصور خالد بالخرطوم شرق، وكشفت المعلومات ذاتها عن اتصالات رفيعة المستوى يقوم بها مسؤولون بارزون بالقصر الجمهوري ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول أمن  صلاح قوش مع زعماء الأحزاب المعارضة البارزين وتحالف نداء السودان بزعامة الصادق المهدي ورئيس حزب المؤتمر السوداني جلال الدقير ورئيس كتلة التغيير، وذلك للوصول إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة السياسية القائمة.

فرص نجاح اللقاء

لا شك أن القوى السياسية المعارضة تفاكرت ودرست وقيمت كل ما جاء في خطاب الرئيس البشير، خاصة في ما يتعلق بما سماه الوقوف على مسافة واحدة  بين كل الأحزاب، الأمر الذي حفز بعضها لالتقاط القفاز والتحقق مما جاء بالخطاب، كما أن إعلان الرئيس فك ارتباطه بالمؤتمر الوطني وتفويض نائبه أحمد هارون خطوة شجعت بعض القوى السياسية للقاء الرئيس البشير، الأمر الذي يعزز فرص نجاح اللقاء المرتقب ويخلق أرضية مهيأة للتفاكر والوصول لتسوية سياسية عنوانها البارز الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية برئاسة البشير بأجل محدد مهمتها إدارة الانتخابات، وهو ما أشار إليه بعض رموز القوى السياسية في مبادراتهم التي توالت أثناء الحراك.    
سيناريوهات وفرضيات

ورغم أن بعض القوى السياسية طالبت بلقاء الرئيس مثل الصادق المهدي وعثمان رزق، ورأت أن ما جاء في خطاب البشير محفز لخلق وضع انتقالي لإخراج البلاد من الأزمة، إلا أن هناك بعض القوى السياسية مازالت متشككة حيال ما حواه خطاب الرئيس، ففي الساحة السياسية هناك من يرى ضرورة إعطاء الحكومة فرصة للحوار معها على أساس أن ما قام به من خطوة مثل فك الارتباط بين الدولة والحزب ونحوه هي خطوة حقيقية وليست مناورة، وهؤلاء يؤسسون هذه الفرضية على  ثلاثة مرتكزات تبدو على النحو التالي:

(1) أن الخلاف بين البشير وحزبه بلغ منتهاه، وأن البشير فقد الثقة في قيادات المؤتمر الوطني، ويريد ان يفطمه من ثدي الحكومة، ويثبت للجميع انه اقوى من الحزب الذي لا يقوم إلا على ارضية السلطة التي يترأسها البشير.

(2) وهذه الفرضية تعني أيضاً أن البشير يحمل المؤتمر الوطني وكوادره مسؤولية الفشل والفساد والأزمات الراهنة، وأنه على استعداد كامل لمعالجة كل الاختلالات ومحاسبة المفسدين.

(3 ) وتعني كذلك أن ما حدث انقلاب عسكري شكلاً وموضوعاً، وأن البشير سلم السلطة للجيشً فعلاً حرصاً منه على أمن وسلامة البلاد، وهو بهذا في نظر هؤلاء قدم المصلحة العليا للبلاد على المصلحة الحزبية.

مناورة سياسية

طائفة من القوى السياسية ترى أن ما حدث واحدة من المناورات السياسية التي أدمنها حزب المؤتمر الوطني، ويرى هؤلاء أن خطاب الرئيس نفسه محاولة للالتفاف وكسب الوقت، ويرون أن كثيراً من  المؤشرات وقرائن الأحوال تشير إلى ان ما حدث (مسرحية) ومحاولة للالتفاف على الثورة الشبابية، ويشيرون إلى كثرة الحيل ومحاولات الالتفاف التي اتسم بها المؤتمر الوطني طيلة الثلاثين سنة الماضة، وهؤلاء يؤسسون هذه الفرضية على ثلاثة مرتكزات أساسية أيضاً:

 (1) ان هناك اتفاقاً بين الرئيس وقادة حزبه لامتصاص غضب الشارع، وان ما حدث مسرحية أعادت إلى الأذهان مسرحية الترابي والبشير الشهيرة (اذهب للقصر رئيساً وسأذهب للسجن حبيساً).

(2) أن النظام أوجد لما حدث غطاءً خارجياً ومباركة من بعض القوى الدولية والإقليمية، ثم مضى في هذه الخطوة.

(3) أن النظام اتفق مع الجيش على عدم ممارسة سلطاته الممنوحة له بقانون الطواريء، لأن في ذلك مغامرة خطيرة قد تزيد حالة الاحتقان في الشارع.

سيناريوهات محتملة

ومع استمرار الثورة وفشل الحكومة في توصيل رسالتها للمحتجين، يُتوقع أن تلجأ الحكومة لخطوات أكثر إثارة خلال الأيام القادمة لإقناع قادة الحراك بجديتها في فك الارتباط بالمؤتمر الوطني، وذلك ربما  باللجوء إلى اعتقال بعض قيادات المؤتمر الوطني التي قد يصدر منها ما يعيق الاتجاه الذي تمضي فيه الحكومة الآن، وربما تشهد الأيام المقبلة اعتقال ومحاكمة بعض القيادات التي تحوم حولها شبهات فساد.

تخفيف الغليان

الحكومة كما يبدو باتت تتلمس طرقاً عديدة لعلاج الأزمة وتخفيف حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع وامتصاص غضبه، وتسعى في الوقت نفسه لكسب الوقت، ولعل ذلك يبدو جلياً في ما اتخذته من إجراءات حتى الآن، فضلاً عن الإمعان في فك الارتباط بالحزب الذي احتكر السلطة واستأثر بموارد الدولة ثلاثين عاماً.

وكثير من المعطيات تشير إلى أن بعض المسؤولين في تصريحاتهم وأفعالهم  يعملون على ترسيخ مفهوم الانفصال بين الدولة والحزب، وتقوم الحكومة بتلك الإجراءات باعتبار أن عملية (الفطام) لطفلها المدلل المؤتمر الوطني ستخفف ولو قليلاً من ضغط الشارع، بينما مازال المد الثوري يتمدد يوماً بعد يوم.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد