بالصور: أطفال غزة : شهداء في ثلاجات الآيس كريم ومجسمات في المعارض الفنية
تسعى الفنانة دعاء قشطة من مدينة رفح جنوب قطاع غزة لتوظيف موهبتها في الفن التشكيلي؛ لإيصال معاناة الفلسطينيين إلى العالم، حيث أقامت معرضا فنيا يحاكي عجز مستشفيات مدينتها خلال الحرب الاخيرة عن احتضان جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين لم تتسع لهم ثلاجات الموتى.
وتتمحور فكرة الفتاة قشطة على 7 أطفال وضعوا في ثلاجات الآيس كريم، عقب استهداف الاحتلال لمستشفى أبو يوسف النجار بمدينة رفح خلال حرب 2014، ما نجم عنه شح ثلاجات الموتى وتكدس جثث الشهداء نتيجة القصف المستمر والعنيف.
وأطلقت العشرينية قشطة على معرضها الفني اسم "آيس كريم العودة"، في قاعة "محترف شبابيك" بمدينة غزة.
وتمارس العشرينية قشطة منذ نعومة أظافرها هواية الفن، جاهدة بذلك اقتناص الأفكار ذات التأثير الفعال خاصة وهي تعيش في يؤرة مقرونة بالأزمات والصعوبات الناجمة عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، علما بأن الإيمان برسالة الفن الراسخة في ذهنها، يتمخض عنها وجوب بحث الفنان عن القضية وتجسيدها للعالم برمته.
الفنانة قشطة، مارست أنواعا جمة من الفنون منها: "فن الرسم الكلاسيكي الواقعي، وفن الرسم التأثيري، بالإضافة للعمل الفني المفاهيمي، وليس أخيرا تجربتها بفن النحت المعاصر، والذي خلص عنه معرض هذا اليوم"، كما تقول.
ثلاجات الآيس كريم
وتضيف قشطة لـ"سوا" أنها استنبطت فكرة المعرض الذي يركز على قضية الأطفال السبعة من خلال ورشة عمل سابقة، قائلة إنها "أتاحت لي فرصة كسر الجمود وحاجز الخوف ما بيني وبين المعدات الفنية".
ويحتوي معرض الفنانة، ذو المشاهد السريالية، على سبعة مجسمات فنية "مقارنة بعدد الأطفال اللذين تم وضعهم في ثلاجة الآيس كريم"، صنعتها على شكل قوالب من خامة الشمع.
ويعود سبب استخدام الفنانة قشطة لتلك الخامة، إلى مدى التناسق ما بين صفاتها وصفات الشهداء الأطفال، حيث النعومة والرقة والهشاشة.
وبرز انقطاع التيار الكهربائي المستمر كأبرز المعيقات التي واجهتها لحظة عملها المنحوتات بحيث تعرضت للخطر نتيجة حريق نجم عن عودة الكهرباء بشكل مفاجئ، ما أحدث خللا أجبرها على أن تُعاود العمل تارة أخرى.
وتطمح قشطة إلى استهداف باقي شعوب العالم التي تتعرض للحروب والقمع، من خلال تسليط الضوء على سيكولوجية وسلوك تعاملهم مع الأزمة"، بالإضافة إلى مساعيها التي ترنو للمشاركة بمعارض دولية تتواءم مع قدراتها.
احتضان الفن
شريف سرحان المدير الفني، لمحترف شبابيك، دائرة الفنون البصرية، للاتحاد العام للمراكز الثقافية، "الجهة الحاضنة للمعرض"، يوضح أن هذه المعارض تهدف لتوفير بيئة حاضنة للفنانين المعاصرين.
ويقول سرحان لـ"سوا: "خلال العشر سنوات التي مضت من عمر "شبابيك"، تمكنًّا من منح مساحة للفنانين كي يعرضوا ويقدموا أعمالهم للجمهور المحلي.
ويضيف: اعتمدنا برنامج المنح والإقامات الفنية، الذي يتيح لكل فنان مساحة خاصة كي يبدع دون معاناة فنية أو مادية.
وفي ختام حديثه بعث سرحان برسالة واضحة للمعنيين والجهات الرسمية فحواها أن الفنانين ينتجون وبأقل الإمكانيات.
ويؤكد سرحان على ضرورة تعزيز فرص الإنتاج لهم، ومساعدتهم وتطوير أدواتهم كي يواكبوا العالم ويلحقوا بركبه.
ويعبر أيمن الحصري أحد زوار المعرض، عن مدى سعادته العارمة واعجابه بالفكرة، مؤكدا أن الوظيفة الأساسية للفن الذي هو جزء من الثقافة، هي ترسيخ ما يدور على أرض الواقع وتجسيده للعالم.
وعلى الرغم من صغر أعمال المعرض وحجمه، إلا أن معانيه ومضامينه كانت واسعة، ما يجبر المشاهد على الإبحار في مفاهيمه وتخيل جماله بحسب ما قال الحصري لوكالة "سوا".
يذكر أن الطواقم الطبية اضطرت خلال الحرب الأخيرة وتحديدًا يوم المجزرة التي سُميت "الجمعة السوداء"، في الأول من أغسطس 2014، لوضع جثث الشهداء في ثلاجات الآيس كريم، لعدم وجود ثلاجات كافية للشهداء.