التأكيد على ضرورة المضي في مقاضاة قادة الاحتلال الإسرائيلي على جرائم الحرب
غزة / سوا/ أكد ممثلو قوى سياسية ومنظمات أهلية وحقوقيون وإعلاميون بأهمية توقيع دولة فلسطين إلى ميثاق روما الخاص بتشكيل المحكمة الجنائية الدولية على طريق انجاز العدالة وإنصاف الضحايا وملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي على جرائم حرب ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني .
وشددوا على أن قرار انضمام فلسطين إلى ميثاق يشكل عنوانا أخرا لنزع الشرعية عن الاحتلال ويجب التمسك بالوحدة الوطنية من كافة الجهات حني يتم زج الاحتلال أمام محكمة الجنايات الدولية ومحاسبتها على كل جرائمها مرحبين بقرار محكمة الجنايات الدولية فتح تحقيق أولي حول جرائم الحرب المرتكبة في فلسطين.
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية والتي ناقشت "قضية انضمام فلسطين إلي ميثاق روما المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية" وتداعيات ذلك، والتي استضافت كل من الأستاذ راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان والأستاذ عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان
وفي كلمة رئيس الهيئة الإدارية للشبكة الترحيبية محسن أبو رمضان أكد أن فلسطين حصلت على عضو مراقب بالأمم المتحدة وبذلك أصبحت فلسطين مؤهلة للانضمام إلي المنظمات الدولية والتوقيع على المعاهدات الدولية ومنها ميثاق روما المنشأ لمحكمة الجنايات الدولية، حيث قدمت السلطة الفلسطينية مشروع اقتراح إلي مجلس الأمن ورغم أنه يتجاوز العديد من الثوابت الفلسطينية في المقدمة منها القدس واللاجئين والاستيطان إلا انه لم يحظ على موافقة ال 9 أعضاء إلى جانب أن الولايات المتحدة استخدمت الفيتو.
وأشار أبو رمضان أن قرار الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية كان عبر التوقيع على ميثاق روما استجابة للمواقف الشعبية والسياسية والمجتمعية وهو قرار جرئ ومطلوب ويجب دعمه وتشجيعه.
وأوضح أبو رمضان إن إسرائيل منزعجة وقلقة من هذا القرار الذي سيعمل على جر قادتها وجنودها إلي المحكمة الدولية وقد تم التعبير عن هذا الانزعاج عبر التلويح بالابتزاز المالي ومنع تحويل المقاصة والتهديد حيث صرح ليبرمان بأنه سيعمل على حل المحكمة الدولية وكذلك قامت الولايات المتحدة بمساندة إسرائيل واعتبرت خطوة الانضمام بإنهاء تراجيديا هزلية.
ونوه أبو رمضان إن المعركة فتحت ويجب استثمارها بصورة جيدة لمعاقبة مجرمي الاحتلال الأمر الذي يستلزم عملا مهنيا وقانونيا منظما تقوم به الآن منظمات حقوق الإنسان علما بأن المحكمة هي محكمة أفراد والدولة ذات مسؤولية مدنية.
وبدوره تحدث مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني إن هذه الورشة مهمة جدا حيث نجتمع اليوم بمناسبة تذكرنا بالشهداء والجرحى وممن دمرت منازلهم وكل من انتهك حقه من قبل ممارسات الاحتلال بحق الإنسانية حيث إن هذه اللحظة هي لحظة الحقيقة جاء اليوم لكي يستيقظ به الضمير الأممي والانضمام لمحكمة الجنايات هو الخطوة الأولى المطلوبة لكِ تقف دولة الاحتلال أمام جرائمها التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني.
وأشار الصوراني أن دولة فلسطين قد قررت هذه المرة بخلاف المرة السابقة الانضمام للمحكمة كطرف في اتفاقية روما وبالتالي السعي نحو تفعيل ولاية المحكمة وفقا لأحكام نظامها الأساسي وليس تفعيلها استثناء بشكل مؤقت .
وأكد الصوراني أن مؤسسات حقوق الإنسان مازالت مستمرة في ملاحقة مجرمي الحرب وكل من ساهم بممارسة الإجرام وكل من هو متورط وستقف أمام المحكمة لعرض كافة القضايا بدا من ملف دماء الشهداء والجرحى وتدمير البيوت وغيرها من القضايا، مشيرا إلي إن عمل المؤسسات الحقوقية لم يبدأ بعد ونحن في دور الإعداد والتجهيز.
وأوضح الصوراني ان جرائم الاحتلال مستمرة من الاستيطان وهو أكثر الانتهاكات خطورة بحقوق الإنسان بدءً من مصادرة الأراضي وانتهاء بالأجساد المشوهة التي أحلت شعب مكان آخر.
وقال الصوراني أن الشرعية لا تصنع العدالة، بل يجب توظيف كل الممكنات لنجعل من الشرعية ومن حقيقة أننا ضحايا طريقا لعدالة وبحجم الدم الذي سال ولازال على الأرض الفلسطينية، أما وقد توافق الجميع وجرى التوقيع على وثيقة الانضمام للمحكمة، فإن هناك جملة من القضايا القانونية والفنية وجب إلقاء الضوء عليها في محاولة لعقلنه خطاب الانضمام للمحكمة والمتوقع منها.
وحذر الصوراني من الضغوطات السياسية والدولية وتحديدا الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل مؤكدا ضرورة العمل المشترك سواء منظمات حقوق إنسان أو منظمات مجتمع مدني وقوي سياسية ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة دون استثناء مؤكداً إذا حدث أي خلل لعرقلة الانضمام سندفع الثمن باهظا وكبيرا جدا وسنرجع إلي مربع الصفر.
وفي ورقته أكد مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس أن قرار الانضمام يأتي في ظل واقع شديد الخطورة، فالضحايا الفلسطينيين هم اليوم أبعد ما يكونون عن الوصول للعدالة، أما المساءلة والمحاسبة عن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإنهما أيضا أكثر ابتعاداً عنها حيث يجري التضحية بهما وبقيم العدالة وقواعد القانون الدولي لصالح إفلات مجرمي الحرب الإسرائيليين من العقاب، حتى لتبدو العدالة في خصام مزمن مع الأراضي الفلسطينية وسكانها من الضحايا الفلسطينيين.
وأوضح يونس أن دولة الاحتلال على مدى سنوات احتلالها للأراضي الفلسطينية، ارتكبت وبشكل منظم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقامت في سباق محموم مع الزمن بتغيير معالم الجغرافيا والديمغرافيا في الأراضي الفلسطينية في سياسات وإجراءات لا تعرف كللا ولا رادع لها، لطمس هويتها العربية، الإسلامية والمسيحية، بالاستيطان وتهويد المدينة المقدسة وإقامة جدار من الفصل العنصري.
وأكد يونس أن الاحتلال قام بشن ثلاثة عدوانات على غزة في أقل من ستة سنوات وهي التي ترزح أصلا تحت حصار مشدد، تحللت خلالها من القواعد القانونية والأخلاقية وتجاوزت كل الخطوط الحمراء، قتلت خلالها آلاف المدنيين ودمرت منازلهم على رؤوسهم و أزالت مناطق عن الخارطة وتسببت في تشريد آلاف العائلات وقصفت مستشفيات ودور عبادة ومدارس ومرافق حيوية كثيرة.
وأشار يونس إلى أن قرار الانضمام بما يحتمل من فرص يجب أن يشكل عنوانا أخرا لنزع الشرعية عن الاحتلال وخطوة أخرى مهمة تقربنا أكثر نحو العدالة، فالعدالة في سياق الصراع المفتوح مع الاحتلال لن تتحقق بالضربة القاضية بل بمجموع النقاط وهو ما يستوجب أن يحظى القرار وأخواته من أدوات الفعل المنظم وعناصر الاشتباك السياسي والقانوني بدعم من الكل الفلسطيني وأن توظف له كل الممكنات من الإسناد والدعم الفني والسياسي.