حكومة وحدة وطنية بديلاً عن حكومة التوافق الوطني، حكومة فصائلية بديلاً عن حكومة تكنوقراط، تستبدل الحكومات ولا تغيير في المهام والمسؤوليات الملقاة عليها. في طليعة هذه المهام الموكلة لها، الإعداد للانتخابات، وهذه المرة، انتخابات برلمانية للمجلس التشريعي دون انتخابات رئاسية ومنظمة التحرير الفلسطينية «المجلس الوطني».


سؤال «الحكومة» يبقى طاغياً هذه الأيام على كل ما عداه، حول التكليف والتشكيل، بتجاوز المسألة الأكثر أهمية، كيفية الخلاص من الوضع الآخذ بالمزيد من التأزم وانسداد الأفق أمام مصالحة وطنية فلسطينية حقيقية، تمكننا من مواجهة مشاريع التصفية التي تتعرض لها قضيتنا الوطنية.


في تقديري، أننا لسنا بحاجة في هذا الوقت بالذات، إلى أي تغيير حكومي، وتشكيل حكومة جديدة، بصرف النظر عن عنوانها ومهامها، ليست أولوية بالنسبة لمقتضيات العمل الوطني الفلسطيني، فالأولوية المطلقة يجب أن ترتكز على دفع عملية المصالحة وإجراء حوار وطني فلسطيني شامل، يهيئ لانتخابات شاملة، برلمانية ورئاسية ومجلس وطني. حكومة جديدة، لن تستطيع إحراز تقدم على المسار الوطني دون تلك الأولويات التي تنطلق من أهمية التوافق والحوار والمشاركة.


حكومة فصائلية، تغيب عنها فصائل أساسية هامة، من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية لا يمكن أن تكون حكومة فصائلية فعلاً، وستظل عاجزة عن إجراء انتخابات شاملة في كافة مناطق السلطة الوطنية، قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، حتى لو اقتصر الأمر عليها، أي انتخابات برلمانية للمجلس الوطني دون انتخابات رئاسية ومجلس وطني، وفي هذه الحال، يبدو أن الأمر يتعلق بإجراء انتخابات برلمانية في الضفة الغربية فقط، وهذا يعني التوقيع على عملية الفصل بديلاً عن الانقسام وشهادة وفاة للوحدة الوطنية المرجوّة.
من حيث الشكل، فإن منظمة التحرير الفلسطينية، وفي هذا السياق، اللجنة التنفيذية هي صاحبة الولاية، وكان من الأجدر أن تتخذ هذه الأخيرة القرار حول الحكومة الجديدة، وليس اللجنة المركزية لحركة فتح، وحتى في هذه الحال الأخيرة، فإن مهمة المشاورات حول تشكيل الحكومة الجديدة، تقع على رئيس الحكومة المكلف، وليس على طاقم من اللجنة المركزية لحركة فتح، مع الاعتراف أن ذلك كان معمولاً به طوال الوقت، لكن ذلك لا يمنح هذا السلوك شرعيته الدستورية، ويحد من مكانة ومسؤولية رئيس الحكومة المكلف الذي يجد أمامه حكومة ليست من تشكيله من الناحية العملية.


وعادةً ما تستقيل الحكومة، إثر الانتخابات التشريعية، وليس قبلها، خاصة وأن أمام هذه الانتخابات أقل من خمسة أشهر، حكومة تسيير الأعمال، حكومة الحمد الله، كان بإمكانها التحضير للانتخابات التشريعية، بدلاً من استبدالها بحكومة جديدة، من المتوقع أن لا تشكل في وقت قريب، ما يعني، الاقتراب أكثر من موعد إجراء الانتخابات البرلمانية.


ومن حيث الشكل، أيضاً، من المتوقع أن تتشكل الحكومة الجديدة، وهي بالتأكيد ليست حكومة وحدة وطنية، فصائلية، أن تضم عدداً من الوزراء المحسوبين جغرافياً على قطاع غزة، والذين يقيمون في الغالب في الضفة الغربية، إلاّ ان ذلك لا يغير من الواقع شيئاً، ذلك أن تمثيل القطاع ـ إن صحّ هذا القول ـ يجري من خلال التشكيل الفصائلي والحزبي في اطار التشاور الكامل والحوار الجدّي في سياق الشراكة، وفي سياق الحراك الشكلي، أيضاً، فإن «زيارة» رئيس لجنة الانتخابات إلى قطاع غزة بهدف التهيئة للانتخابات، لا يغير من واقع انزياح القطاع عن هذه الانتخابات، ليس فقط لاعتراض حركة حماس ، ولكن لمعارضة الفصائل الأساسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذه الزيارة، طابعها فني تكتيكي شكلي، لن يؤثر كثيراً أو قليلاً على النتائج المتوقعة لهذه «الزيارة»!


في تقديرنا، أن الانتخابات ليست مدخلاً لإنهاء الانقسام، بل العكس هو الصحيح، ذلك أنه وبدون إزالة أهم الملفات العالقة أمام المصالحة، لن تكون هناك انتخابات برلمانية عامة في القطاع والضفة الغربية، بما فيها القدس!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد