يُقدم الفنان الفلسطيني سامي ستوم رائعة من روائع الأداء المسرحي في مسرحية "الملك هو الملك" للكاتب والمؤلف السوري الراحل سعد الله ونوس، تدور أحداث المسرحية حول قصة ملك ضجر بحكمه وسلطانه وقوته، فيُقرر هو ووزيره أن يتنكرا في البحث عن الترفيه والتسلية بين عامة الناس.

يلتقي الملك في أحد الأيام بأحد الرجال وهو قد سبق له أن كان تاجراً ولكنه أفلس وأصبح يقضي وقته بين الهذيان وشرب الخمرة، وتراوده فكرة أن يكون ملكاً، فأراد الملك أن يُحقق له أمنيته ويلبسهُ ثوب الملك ويجعله ملكاً ليوم حتى يضحك على هذا المشهد، تقلد الرجل المخمور ملابس الملك، وألبس صبيه لباس الوزير، وبدأ الجميع أمامه صغارا حتى حارس القصر وخادم الملك، لم يشعروا بتغير الملك، لعدم قدرتهم على رفع رؤوسهم ورؤية شكل وملامح الملك هل تغيرت أم أن ملابس الملك توحي بأنه الملك، تصور الملك الحقيقي أن هذا الهذيان انقلب الى حالة جدية، فقرر أن يُنهي المشهد سريعاً فأراد من وزيره أن يكشف اللعبة أمام الرجل المخمور، ولكن الملك تدارك الموقف وأرسل لزعيم الجند وقال له هذا الرجل يُريد أن يُطيح بحكمي ويُحيك مؤامرة ضدي فاقطع رأسه، لقد رسخ الملك فكرة أن "الملك هو الملك".

الواقع التنكري يتجسد في تلك المسرحية التي توحي بإيماءات سياسية تتجسد معالمها في شخصيات فلسطينية أجادت اللعبة السياسية على أنها الملك وأن ما حولها هم الرعاع الذين ينتظرون فتات الملك وخيراته وحسناته.

ربما تتزامن حالة الهزل المسرحي بمسرحية الملك هو الملك بواقع سياسي مماثل في أرضنا الفلسطينية مع اختلاف النهج والممثلين، ولكن الطاغي على الموقف الفلسطيني هو صناعة الملك الذي فضل أن يتحكم بالحكم من خلال ديكتاتورية الجغرافيا، واضفاء شرعية جديدة لملكة وحُكمه، عن طريق التفرد بصناعة السياسة التي تُمكنه من الحكم لأطول فترة ممكنة، فنحن نعيش على عتبات الانقسام السياسي بين شطري الوطن، ونُطالب بإجراء انتخابات جديدة لاختيار ملك جديد، ولكن الواقع يقول أن الانتخابات الأخيرة أفرزت حالة لم يتم التعايش معها دولياً، في حين أن المجتمع رفض الحالة القديمة التي وصفت في ذلك الوقت بمجموعة من الفاسدبن، فلماذا الانتخابات، وما هي الافرازات الجديدة التي يطمح لها المواطن في غزة ، لا يوجد بديل عن الحالتين، سواء حالة الفاسدين من وجهه نظر المواطنين، أو حالة المرفوضين دولياً واقليمياً.

نحن أشبه بذلك الواقع الذي عاشه رجل النوادر "جحا" عندما اشترى عشرة من الحمير، عندما يركب احدهم ويعدها يجدها تسعة، وعندما ينزل يُعيد العد يجدها عشرة، ففضل أن يمشي على قدميه وتبقى حميره عشرة وألا يركبها وتصبح تسعة، فصائلنا ليست أفضل حالاً من جحا فهي لا تريد أن تتوافق على رؤية جديدة وملك جديد يُجيد الحسابات الدولية والإقليمية والعربية ويُخرجها من دوامة الانقسام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد