يُمثل قرار المحكمة الدستورية العليا الفلسطينية، تمهيداً حقيقياً لفرض وقائع الانفصال بين الضفة الغربية و القدس الشرقية وبين قطاع غزة ، وذلك من خلال الإعلان عن حل المجلس التشريعي، وهذا ما يُمهد لإجراء الانتخابات خلال ست أشهر في الضفة والقدس دون غزة، في حال تعنتت حركة حماس ورفضت تمكين حكومة الوفاق الوطني من عملها داخل القطاع، وعدم رغبتها في المشاركة بالانتخابات القادمة، لقد أصبح المجلس التشريعي الفلسطيني منذ الإعلان عن حله ضربا من الماضي ويجب العمل والاستعداد للمرحلة المقبلة، فما عهدناه من الرئيس عباس هو الصدق في تنفيذ قراراته وعدم التراجع عنها، وما سبق من فرض إجراءات عقابية وعقد المجلس الوطني وتجديد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وتجديد اللجنة المركزية لحركة فتح، رغم الرفض الفلسطيني الا انه قام بكل ذلك متحدياً الجميع.

التخوف الحقيقي الان ليس في حل التشريعي بل هو الإعلان عن قطاع غزة إقليم متمرد بعد أن نزع شرعيه المجلس التشريعي واستفرد بالحكم لتهيئة الظروف الدولية والعربية للمزيد من العقوبات تجاه غزة وهو ما يعزز التفرد الإسرائيلي ضد القطاع في حال اندلاع المواجهة، لذا يجب أن تكون هناك خطة فصائلية وشعبية في غزة لرفض الانتخابات في ظل الانقسام والتي تعزز الانفصال، والعمل على عقد لقاءات فلسطينية لفصائل غزة من أجل تطويق الموقف، ورهن الانتخابات بضمانات عربية ودولية على انهاء الانقسام والحفاظ على النظام السياسي الفلسطيني، وأن تتم تلك الانتخابات متزامنة ما بين الرئاسة والتشريعي،

يُعد قرار المحكمة الدستورية مُلزماً، ولكنه في حقيقة الأمر هو بمثابة هزيمة للديمقراطية التي فشل النظام السياسي الفلسطيني في الحفاظ على أهم مكوناتها، وهي تؤسس لحالة جديدة تكون فيها الكلمة للديكتاتورية والعصبية والمصالح الحزبية على حساب إنجازات الانتخابات، التي يقرر فيها الشعب من يحكمه، تلك الخطوة التي رافقت حل المجلس التشريعي كان لابد أن تتبعها خطوة بحل السلطة الفلسطينية، والتنصل من اتفاق أوسلو والإعلان عن تطبيق قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، من خلال رزمة من القرارات الوطنية تُعيد لمنظمة التحرير الفلسطينية هيبتها وقوتها على أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

لقد أٌصيبت الثورة وأنظمتها السياسية بحالة من الركود، وتمرر بمنحنيات وتعرجات ومحطات تاريخية، فهزيمة الديمقراطية الفلسطيني من خلال تنحية النظام التشريعي الفلسطيني جانباً ي فتح الباب أمام تسلط السلطة التنفيذية في الحكم بقوة الدكتاتورية، وعدم منح الأغلبية المطلقة في المجتمع الفلسطيني صوتاً تمثيلاً في نظام الحكم سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.

لا بواكي على المجلس التشريعي الذي ساهم في الانقسام وعززه، ولكن البواكي على هامش الديمقراطية والحرية التي تم انتزاعها واغتصابها، من أحضان الشعب، فمن جاء به الشعب عبر صناديق الاقتراع لابد أن يذهب أيضا من خلال إحلال بدائل عنه عبر صناديق الاقتراع.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد