تقليصات برنامج الأغذية العالمي على مساعدات الفقراء تدخل حيز التنفيذ في غزة

تقليصات برنامج الأغذية العالمي في غزة

دخلت التخفيضات التي أعلنها برنامج الأغذية العالمي (WFP) على المساعدات التي يقدمها للفقراء المواطنين من غير اللاجئين في قطاع غزة قبل شهر حيز التنفيذ، أمس، مع أول حصة مساعدات يحصل عليها الفقراء في السنة الجديدة.

وبلغت نسبة التقليصات التي طالت مشروع بطاقة القسائم الشرائية الذي تنفذه وزارة التنمية الاجتماعية نحو عشرين في المائة.

ورصدت  صحيفة الأيام حالة من الفوضى والغضب سادت المحال التجارية المعتمدة من قبل "البرنامج" لصرف القسائم بعد ان علم المواطنون الذين توجهوا منذ صباح اول من أمس وامس، لاستلام القسائم بالتقليصات الجديدة.

وارتفع صراخ المواطنين الذين احتشدوا داخل وخارج المحال التجارية مطالبين إدارة البرنامج بالعودة عن قرارها والذي أدى الى خسف حصصهم التموينية لتصل الى 30 شيكلاً فقط للفرد الواحد في الشهر.

وواصل هؤلاء التظاهر والاحتشاد أمام المحال التجارية رفضاً للقرار الذي يفاقم من سوء أوضاعهم الاقتصادية في ظل انعدام فرص العمل وتراجع دور الجمعيات المحلية الاغاثية كما يقول منير عيد والذي طالب باعتصام وعصيان امام مقر البرنامج في قطاع غزة.

وقال عيد ويعيل اسرة من ثمانية افراد انه لم يكن يتوقع ان يقدم البرنامج على خفض قيمة القسيمة الشرائية التي يحصل عليها اسبوعياً.

وأضاف عيد انه وجميع المستفيدين كانوا بانتظار ان يزيد البرنامج من قيمة القسائم الشرائية التي تستخدم لشراء المواد التموينية الضرورية فقط ومن خلال محال تجارية منتقاة من قبل إدارة "البرنامج" في قطاع غزة.

فيما يرى المستفيد محمد جميل أن إقدام البرنامج على هذه الخطوة دون وجود أية احتجاجات قوية سيشجعه على التمادي اكثر في التقليصات خلال الأشهر القادمة.

وطالب جميل من المحتشدين التوجه والاعتصام امام مقر إدارة البرنامج في مدينة غزة لاجباره على التراجع عن قراره.


نقص المواد التموينية
ولوحظ النقص الواضح في المواد التموينية التي يحصل عليها المستفيدون والتي تقدر اعدادهم بعشرات الآلاف.

وطالبت الارملة ثريا سعد التي جاءت منذ ساعات الصباح الأولى لاستلام قسيمتها وزارة التنمية الاجتماعية من احد المحال التجارية في جباليا لتعويضها وتعويض المتضررين عن التقليصات الجديدة.

وقالت لـ"الأيام": لا يمكننا تغطية العجز في القدرة على شراء المواد التموينية الرئيسية دون تدخل عاجل وسريع من وزارة التنمية التي تقوم بدور المنفذ لجزء من المشروع.
وأضافت سعد في أواخر الاربعينات من عمرها أنها ستجد صعوبة كبيرة في تغطية العجز الذي احدثه قرار التقليص الأخير ما لم تتحرك مؤسسات كبيرة او وزارة التنمية للقيام بذلك.

وكان برنامج الأغذية العالمي الذي ينفذ مشاريعه الاغاثية بغزة من خلال وزارة التنمية الاجتماعية وعدد من المؤسسات الأجنبية الأخرى قد اعلن قبل عدة أسابيع عن قراره بتخفيض المساعدات التي يقدمها للمواطنين من غير اللاجئين في الضفة والقطاع بسبب نقص التمويل الدولي.


قرار مسيَّس
وفي تعقيبه على قرار التخفيض قال وكيل وزارة التنمية الاجتماعية داود الديك إن قرار تقليصات برنامج الأغذية مسيّس وهدفه الابتزاز السياسي خصوصاً بعد وقف الولايات المتحدة الأميركية تمويل المؤسسات الدولية التي تقدم خدماتها للشعب الفلسطيني، مطالباً المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء تلك التقليصات التي تطال برنامج الأغذية العالمي.


وأكد الديك، أن التقليصات مع عدم توفر بدائل لها، ستؤثر على الأسر الفقيرة وقدرتها على تلبية احتياجاتها الغذائية العاجلة، وسيزيد من هشاشتها وخاصة الأطفال، كما ستؤثر على المستوى البعيد على رأس المال البشري الفلسطيني، وستلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، كونها تنفذ عن طريق شبكة تضم 185 متجراً في قطاع غزة والضفة الفلسطينية تتعاقد مع هذا البرنامج.

كما أكد الديك خلال حديث لـ"الأيام" صعوبة تغطية التقليصات محلياً بسبب صعوبة الوضع المادي للحكومة التي تعاني من حصار مالي شديد، مشيراً إلى أن وزارته تبذل جهوداً كبيرة لدى المؤسسات الدولية والاممية من اجل توفير اللازم لاستمرار عمل البرنامج.


تكرار التقليصات
وأوضح الديك: "ليست المرة الأولى التي يُخفض البرنامج مساعداته في فلسطين، فمنذ أربع سنوات يشهد البرنامج سلسلة من التقليصات تستهدف عدد المستفيدين من البرنامج وقيمة البطاقة الشرائية الالكترونية".

وأشار الى أن التقليص الجديد خفض من قيمة المساعدات والسلع الأساسية للفرد الواحد خلال الشهر من 10 دولارات إلى ثمانية.

ولفت الديك الى أن برنامج الأغذية العالمي يغطي 360 ألف شخص في الضفة والقطاع من غير اللاجئين، ويوفر الأمن الغذائي للأسر الفقيرة والمحرومة.

فيما يرى الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة د. سمير أبو مدللة أن تقليصات البرنامج، ستلحق الضرر بالأسر المحتاجة التي تعتاش على البرنامج، وأصحاب المحلات التجارية والمؤسسات الغذائية وقطاع الصناعات الزراعية، ومنتجي الألبان المحليين، والمزارع الصغيرة التي تعتمد على 90% من مبيعاتها على البرنامج في الضفة والقطاع.

وأشار أبو مدللة خلال حديث لـ"الأيام" إلى أن مشروع المساعدات الذي يموله برنامج الأغذية العالمي وتنفذه وزارة التنمية الاجتماعية يسد احتياجات نحو 120 ألف شخص في قطاع غزة بالمواد الأساسية، عبر نظام القسائم الشرائية. 
وأكد أبو مدللة أن وقف البرنامج أو تقليصه سيزيد من نسبة انعدام الأمن الغذائي التي تصل في قطاع غزة إلى 70%، وسيزيد فقر الدم في صفوف الأطفال ولدى النساء الحوامل وسيعمق من ازمة البطالة في قطاع غزة والتي تصل نسبتها نحو 54% مقارنة بـ18%.

وأوضح أبو مدللة أن 53% من سكان القطاع فقراء بينما 80% يتلقون مساعدات من مصادر مختلفة، مبيناً أن ما يقدم لبرنامج الأغذية نحو 57 مليون دولار هو مبلغ بسيط بالنسبة للمانحين وبإمكان الأمم المتحدة تغطيته. 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد