بدأ الزمن يتقلص، يوماً بعد يوم، منذ أن تم قبول فلسطين، كدولة في محكمة لاهاي الدولية، وبعد زهاء خمسين يوماً، تصبح فلسطين، دولة كاملة العضوية في تلك المحكمة، وبالتالي يجوز لها أن تتقدم بدعاوى وقضايا.. تمارس ضغوطاً منذ الآن على فلسطين، بألاّ تتقدم بأية دعوى، وبالتالي يصبح وجودها في تلك المحكمة من عدمه واحداً. بمعنى أدق وأشمل، تصبح فلسطين في تلك المحكمة، كصورة وشكل بلا أية جدوى وفعالية. الضغوط علنية وواضحة، تأتي من الولايات المتحدة، التي تهدد بتقليص مساعداتها للشعب الفلسطيني، ومن إسرائيل التي تهدد السلطة، بعواقب خطيرة، وعقوبات تصل إلى التفكير بحلها!!
تلك التهديدات تصبح في قناة، الإبقاء على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومحاولة لجم الضحية عن الدفاع عن نفسها، وبما يتوافق وقواعد القانون الدولي والإنساني.
من الواضح، أن الموقف الرسمي الفلسطيني، الذي تقدم بكل شجاعة وجرأة وقانونية، لمحكمة لاهاي الدولية، يصرّ على التقدم لمحكمة لاهاي الدولية، بقضايا مدروسة ومحكمة، في سبيل حريته واستقلاله، ولعل أولى القضايا، قضيتا الاستيطان والعدوان المتواصل على غزة .
قضية الاستيطان، هي قضية واضحة تماماً، وهناك قرارات دولية عديدة سبق وأن صدرت بشأنها، إضافة لما ينص عليه القانون الدولي، المتضمن عدم جواز تغيير الأراضي المحتلة على الصعيدين الديمغرافي والجغرافي.
ما قامت به إسرائيل، هو الاستيطان، والإمعان في تغيير الجغرافيا والديمغرافيا في الضفة الغربية، وعدم الاستجابة للقانون الدولي، بوقف الاستيطان، أو التفاوض بشأن إنهائه.
الاستيطان الإسرائيلي، يمثل عدواناً مستمراً، على الفلسطينيين، وعلى أمانيهم الوطنية بإقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة، فوق أرضهم، بل التمادي في العدوان، وإقامة جدار الفصل العنصري، وتقسيم الأرض، وهو ما تدينه قواعد القانون الدولي ـ الإنساني.
ملف الاستيطان، هو ملف واضح لا لبس فيه ولا إبهام، وسيكون هو الملف الأول، الذي تتقدم به فلسطين لمحكمة لاهاي الدولية. الملف الثاني، هو ذلك العدوان المتواصل على القطاع، ويتمثل بفرض حصار جائر عليه، واستلاب خيراته كافة، بما فيها البحر، وممارسة العدوان العسكري عليه وعلى سكانه، وتدمير ممتلكاته كافة.
ما جرى في غزة ليس حرباً، بل هو عدوان مدروس يصل إلى درجة جرائم الحرب. لا يوجد جيش منظم في غزة، لا طائرات ولا بوارج حربية ولا غيرها من معدات الجيوش، ومع ذلك استخدمت إسرائيل طاقاتها العسكرية المتفوقة، دون حساب ولا تقدير، فدمرت المنازل وقتلت الأبرياء.
فلسطين، ستمارس حقها القانوني والطبيعي في محكمة لاهاي الدولية، رغم التهديدات، ورغم الضغوط، تماماً كما مارست حقها في التقدم الرسمي إلى تلك المحكمة. هناك من يشكك في ذلك، تماماً كما سبق وأن شكك في إرادة الفلسطينيين، التوجه إلى تلك المحكمة. لكن تلك الشكوك والتشكيكات ستبقى أصغر وأدنى بكثير، من الإرادة الوطنية الفلسطينية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية