انهيار القوة الشرائية في الأسواق الفلسطينية

غزة / أحمد أبو عامر/ خاص سوا/ "المتفرجون أكثر من الذين يشترون"، بهذه الكلمات عبر التاجر "م.ع" صاحب محل لبيع الملابس عن حالة الركود في أسواق غزة بسبب عدم تلقي الموظفين في غزة لرواتبهم بعد أن قامت إسرائيل بحجز أموال الضرائب الفلسطينية، والتي تذهب غالبيتها لدفع رواتب الموظفين في الضفة وغزة.


فملامح الاحباط التي تعتري وجه التاجر "م.ع" تكاد تجدها في وجوه غالبية التجار، فموسم كفصل الشتاء هو من أفضل الفصول في السنة للتربح، في ظل اضطرار المواطن لشراء الملابس الشتوية التي تقيه من البرد القارص، ولكن فراغ الجيوب يحول دون ذلك.


ركود غير متوقع


ويوضح التاجر لوكالة (سوا) الإخبارية أنه قام باستيراد كميات معقولة من الملابس لأنه يعلم أن الأوضاع الاقتصادية لسكان القطاع صعبة جدا ًلا سيما بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، ولكن لم يتوقع أن يصل الركود الشرائي إلى هذه الدرجة.


أما المواطنون الذين لسعهم برد الشتاء، فيضطرون لشراء ما يحتاجونه من أمور حياتية مهمة كالأطعمة ووسائل تدفئة لا تعمل بالكهرباء في ظل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، ويؤجلون رغماً عنهم شراء الأمور الأخرى، حيث أصبحت قائمة الكماليات لدى الغزي أكثر من الأساسيات.


شح الأموال


المواطنة دعاء (38) عاماً رأت أن همها الأكبر الآن هو تخزين بعض المواد التموينية في البيت في ظل انحباسهم في البيت بسبب البرد القارص، مشيرةً إلى أن ما لديها من أموال هي ما تدخره منذ أشهر، فزوجها الموظف في السلطة الفلسطينية لم يتقاضى راتباً هذا الشهر.


ولفتت في حديث لوكالة (سوا) أنها تعودت في الآونة الأخيرة على تأخر راتب زوجها، لذلك تلجأ إلى رفع جزء يسير جداً لهكذا ظروف، متمنيةً أن تشهد الأيام القادمة انفراجاً في قضية الرواتب وأن يتلقى زوجها وكافة الموظفين رواتبهم.


وبينت أنها تتجول في السوق وتسأل عن أسعار بعض الأشياء والبضائع التي تريد أن تشتريها ولكن قلة الأموال التي بين يديها يحول دون شرائها، مبديةً في الوقت ذاته حزنها على عدم تلبية بعض طلبات صغارها.


تأخر الرواتب


أما الموظف "هاني نصار" (51) عاماً فأكد أن تأخر الراتب أثر على التزاماته تجاه أسرته وبعض الجهات التي تريد منه بعض الديون، مشدداً على أن الكثير من المواد التموينية التي يجلبها لأسرته هي دين من السوبر ماركت.


وأشار نصار في حديث لـ(سوا) أن ما يجعله يتألم هو عدم قدرته على شراء "شمسية" لأطفاله الصغار الذين يحتاجونها أثناء ذهابهم للمدرسة في ظل فصل الشتاء، متمنياً أن تصرف رواتبهم قريباً.


مشاكل متعددة


من جانبه، اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة "معين رجب" في حديث لوكالة (سوا) أن تأخر رواتب الموظفين تعد جانب من مشكلة الركود التي تعاني منها أسواق غزة، وذلك لأن السيولة ضرورية للتعاطي في الأسواق.


وبين أن الأجواء الباردة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية منذ أسبوع تقريباً تساهم في حالة الركود تلك، متوقعاً أن تشهد الأيام القليلة المقبلة انفراجاً في قضية رواتب الموظفين.


وأوضح أن التاجر يحاول التأقلم مع هذه الأوضاع عبر أخذه بالحسبان احتمالات الطلب التي يمكن أن تتحقق، منوهاً إلى أن الأجواء السائدة تدفع باتجاه زيادة الطلب على السلع الغذائية والتموينية.


وحول الحلول التي يراها المحلل رجب للخروج من مشكلة تأخر الرواتب التي تطل برأسها بين الفينة والأخرى، رأى أن تقوم السلطة بوضع سياسات مالية تتناسب مع هكذا ظروف، فإسرائيل تستخدم أموال المقاصة كعقاب لنا، ولا بد من احتياطي لدى السلطة لمواجهة هذه الأزمات، بحيث ألا يبقى الموظف رهينة لمثل هذه الأحداث.


وعانت السلطة الفلسطينية مراراً من خلل في انتظام صرف رواتب موظفيها في الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب حجز إسرائيل لأموال الضرائب، علماً أنها تحتاج نحو 150 مليون دولار شهريا للقيام بذلك.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد