هل تعي أوروبا حجم التهديد الاسلامي؟بقلم: بن كاسبيت

إذا قلت ان الشيطان قد تحرك مستخدماً كل ما أوتي من أسلحة في مداد كلمات هذا الكاتب ليبث كل ما أضمر من شر ومكر وحقد أسود ضد المسلمين في هذا المقال؛ فإن وصفي هذا لا يفي شره تعبيراً.


تحريض لأوروبا ضد المسلمين والعرب دون تمييز، بل وتحريض واضح ضد الاسلام كدين وضد أتباعه أياً كانوا ومهما فعلوا لأنهم لا يستحقون أن يكونوا في مصاف البشر الذين تنطبق عليهم حقوق الانسان وقوانين الشرعية الدولية، إنهم مثل النازيين واليابانيين في الحرب العالمية الثانية، سيبرر التاريخ استخدام القنبلة الذرية في قتلهم كما فعل لهيروشيما ونجازاكي.


ومن هنا ينطلق الى جرائم جيشه في قطاع غزة ليبررها بوضع حماس والمقاومة الفلسطينية في سلته الشيطانية، مبرراً أمام محكمة الجنايات الدولية قتلهم الأطفال والشيوخ والنساء، بحجة ان حماس وداعش والقاعدة يستندون في معاداة الآخر الى ذات الشريعة الاسلامية التي لا تقبل بالآخر ولا معتقداته أو نمط حياته.


ويخشى الرجل على أوروبا، وإمعاناً في التحريض، بأن تتأخر في فهم الواقع، لتجد نفسها في المستقبل القريب ضعيفة في مواجهة حتمية مع الإسلام الطامح في إقامة الخلافة العالمية "وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ".

قبل عدة سنوات، وقبل اندلاع الربيع العربي في المقاطعات الشرق أوسطية، وتحوله الى شتاء رمادي ماطر؛ تحدثت مع مسؤول سابق في دائرة الأمن الاسرائيلي العام، وهو شخص أمضى كل حياته في محاربة الإرهاب وبناء العلاقات الودية الشخصية والمتواصلة مع الإسلام المتطرف.

 "إسرائيل" قال لي حينها "ستصبح في وقت ما من العقد القادم أحد الأماكن الآمنة في الشرق الأوسط، ومن بعدها ستصبح واحدة من أكثر الأماكن أمناً في أوروبا "، طلبت منه تفسيراً "نحن نواجه الاسلام المتطرف منذ أجيال" قال لي "نحن مستعدون وواقعيون وفاهمون، ونعرف من الذي يواجهنا، أما هم فلا".


"من هم هؤلاء؟" سألته "هم أولاً جميع الأنظمة العربية التقليدية ولكن ليس هم فقط، الأقلية الإسلامية في أوروبا سترفع رأسها يوماً ما" قال لي "وعندما يحدث ذلك لا أريد أنا شخصياً ان أكون هناك، فإن أبواب جهنم ست فتح على الأوروبيين الذين ما يزالون منقوعين بحوار حقوق الانسان خاصتهم، ولا يفهمون ان الاسلام المتطرف يعيش واقعاً آخر وبقواعد أخرى على كوكب آخر".


عاموس بيدر مان أحد رسامي الكاريكاتير الاسرائيليين الأكثر نجاحاً في الفترة الحالية (هآرتس) نشر يوم (8 يناير) عاموداً على الصفحة الأولى للصحيفة تحت عنوان ("أنا خائف"، "لقد انتصروا") كتب بيدر مان، واعترف بأنه لا يقترب من قضايا الإسلام أو محمد (صلى الله عليه وسلم) منذ عاصفة الرسوم الدنماركية (2005)، "الأصدقاء السيئون انتصروا، أما نحن فقد استسلمنا" كتب بيدر مان "أوروبا بأجمعها ترتعد منهم، وأمريكا أيضاً، لا يوجد الآن في العالم كله رسام كاريكاتير أو ناشر سيجرؤ على الاقتراب منهم".


المذبحة في منظومة "شارلي ايبدو" في باريس في الـ 7 من يناير ضبطت اسرائيل في ذروة جدل شديد وحساس حول قرار المدعي العسكري العام العقيد داني عفروني للقيام بسلسلة من التحقيقات الجنائية حول عدد من المعارك الفظيعة لعملية "الجرف الصامد"، وعلى رأسها أحداث الأول من أغسطس 2014 يوم اختطفت جثة هدار جولدن، وعلى إثرها نفذ الجيش الاسرائيلي "عملية هنيبعل" في المنطقة التقريبية التي وقع فيها الاختطاف جنوبي قطاع غزة.


"عملية هنيبعل" هي عملية تنقيب عسكرية، وفقها يطلق الجيش الاسرائيلي النيران الثقيلة الكثيفة باستخدام جميع الأدوات القتالية التي بحوزته على المنطقة التقريبية بهدف منع الخطف بأي ثمن عند محاولة اختطاف أحد الجنود أو الضباط الإسرائيليين.


في الأول من أغسطس قتل العشرات من الفلسطينيين، ومعظمهم من المدنيين، نتيجة نيران الجيش الاسرائيلي الثقيلة، والذي كان يهدف الى منع الاختطاف، وبالمناسبة فقد تم منع الاختطاف فعلاً ضابط شاب من كتيبة "جفعاتي" خاطر بحياته ودخل الى النفق الذي اختفى بداخله جولدن، ونجح في إحضار أشلاء من جثته وإنقاذ إسرائيل من قضية "جلعاد شاليط" أخرى، والتي خلقت صدمة قومية حارقة جديدة، وغيرت نظام الحياة الاسرائيلية بشكل لم نعرف له مثيل.


الاعلام الاسرائيلي غطى هذا الأسبوع (2 يناير) التماسات ونداءات ضباط وجنود يعارضون التحقيقات الجنائية ضد الذين يذهبون الى الحروب بالزي العسكري الاسرائيلي ويقاتلون من أجل أمن الدولة والمواطن "إن الذي يوافق على التطوع للقتال ضمن وحدة مقاتلة ويخرج الى الحرب في مواجهة حماس في غزة ثم يجد ان ليس هناك من يشجعه وانه سيكون متهماً جنائياً بعد انتهاء المعركة" قال لي هذا الأسبوع ضابط مسؤول في قيادة الجنوب "قوتنا في التضامن، وعلمنا بأن الشعب الاسرائيلي كله يقف من ورائنا كمقاتلين، الآن وعندما يتضح بأن القانونيين أيضاً يقفون ويسجلون علينا جميع أنواع الأخطاء التي وقعت في خضم المعركة فإن الكثير من الناس سيفكرون مرتين".


من الجهة الأخرى؛ فإن هناك تفاصيل مقنعة بنفس الدرجة، ذلك ان الفلسطينيين وقعوا على ميثاق روما ويستعدون لتقديم شكوى في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ضد اسرائيل بسبب ارتكابها جرائم حرب نفذتها على مدار عمليتها العسكرية في غزة، فمن شأن تحقيق عسكري ان يعطي النائب العام في لاهاي المبرر للإعلان ان لا حاجة إلى تدخل الجنايات الدولية كون الجيش الاسرائيلي هو جيش دولة ديمقراطية تحقق بنفسها في الأحداث ذات الطابع الجنائي.


في خضم هذا الجدل جاءت المذبحة في باريس، "آمل ان يفهم الأوروبيون الآن كم هم معزولون عندما يتحدثون عن حقوق الانسان قوانين الحرب والمبادئ الأخلاقية العليا، جميعها لا يعترف الاسلام المتطرف بها، من هذه الناحية فإن حماس لا تختلف عن داعش أو القاعدة، شريعتهم هي ذات الشريعة، والطموح بالخلافة الإسلامية في الشرق الأوسط، ومن ثم في بقية أنحاء العالم، هو ذات الطموح لدى جميعهم، ووحشيتهم الأصيلة هي ذاتها لدى جميعهم" يقول مسؤول عسكري اسرائيلي رفيع يشغل منصباً حساساً.


"كفاحنا ضد حماس ينتمي الى ذات الإطار الذي بدأ الأوروبيون الآن يفهمون من خلاله ان عليهم ان يكافحوا القاعدة وداعش على أرضهم، عندما تقاتل عدواً كهذا عليك استخدام الأدوات المناسبة، في الحرب العالمية الثانية لاءم الأوروبيون وحشيتهم مع ما قام به النازيون، لم يكن هناك سبيل آخر للسيطرة على هذا الشر، بنظرة مجردة كانت مذبحة مدينة درسدن جريمة حرب ولكن التاريخ لم تسمها كذلك، السياق حول درسدن ومن بعدها إسقاط القنابل النووية على هيروشيما ونجازاكي إلى أحداث ضرورية استهدفت إنقاذ حياة البشر واختصار زمن الحرب" يقول الضابط المسؤول.
نعم يوجد في إسرائيل الآن شماتة بضائقة الأوروبيين، ولكن أيضاً يوجد قلق استقرار تأييد أوروبا التلقائي الى جانب العرب تقريباً في كل مواجهة أو جدال مع اسرائيل حوّل أوروبا تقريباً الى اسم مستنكر في الشارع الإسرائيلي، من هذه الزاوية فإن الكثيرين في إسرائيل ينظرون الى المذبحة الوحشية في باريس كقناة مائية تمكن ان يحدث تغييراً استراتيجياً في نظرة الأوروبيين لوضعهم، "هذا يذكرني نوعاً ما بالهجوم الياباني على بريل هاربر في الحرب العالمية الثانية" قال لي أمس مصدر سياسي رفيع "إلى ذلك الحين حاول الامريكيون البقاء خارج الحرب وحاولوا صرف أنظارهم الى اتجاه آخر والتصرف كأن الأمر لا يعنيهم، بريل هاربر فجرت الواقع في وجوههم وغيرت وجه الحرب، ويمكن ان يحدث ما جرى في باريس تغييراً مشابهاً في أوروبا".


القليلون في إسرائيل يأملون ان هذا ما سوف يحدث، وعلى الأرجح ان تقع أمور معاكسة، الاعلام الاسرائيلي مثقل بقصص مؤثرة من أوروبا، بما في ذلك حلقات متسلسلة للمحلل الشعبي للشؤون العربية في القناة العاشرة تسفي يحزكيلي الذي سافر الى أوروبا وعاد ومعه مواد إعلامية مزعزعة حول السيطرة الاسلامية على رموز أوروبية والتأثير الاسلامي على نمط الحياة الأوروبية الذي قد يتغير من حيث لا ندري في السنوات القليلة القادمة.


الاسرائيلي البسيط لا يولي الكثير من الاهتمام لنظيره الأوروبي، فهو يرى فيهم جبناء أدمنوا حياة الرفاهية، يكنسون المشاكل الحقيقية تحت السجادة ويغضون الطرف عن كل العلامات الواضحة التي يسوقها الواقع لهم، "من الناحية الأخرى" قال لي هذا الأسبوع سفير إسرائيلي سابق مخضرم خدم في الكثير من الوظائف في أوروبا "سيأتي يوم تنتهي في هذه الأمور، الإسلام لا يعترف بالديانات الأخرى، وفيه نواة صلبة عنيفة هي كونه لا يقبل الآخر، ولا معتقداته أو نمط حياته، وعندما يحين موعد المواجهة الكبرى – آمل ومن أجل الأوروبيين – ألا يأتي هذا اليوم متأخراً جداً، بحيث يكونوا أضعف من ان يواجهوا وينتصروا في الحرب الدموية التي تتربص بهم".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد