تركي الفيصل يكشف طبيعة علاقة السعودية بأمريكا بعد قتل خاشقجي
كشف رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الأمير تركي الفيصل عن طبيعة علاقة السعودية بأمريكا بعد أزمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي في تركيا.
وأكد تركي الفيصل، أن العلاقة الأمريكية - السعودية متينة جدًّا، ولا يمكن أن تضعف أو تفشل، مشددًا على أنه يعتقد أنه سيتم تجاوز أزمة مقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول.
واعتبر الفيصل في كلمته أمام المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية - العربية في واشنطن أمس الأول الأربعاء، إخضاع علاقة السعودية بالولايات المتحدة لهذه القضية أمرًا غيرَ صحي على الإطلاق.
وأوضح أنه يجب أن تعمل السعودية والولايات المتحدة بجدٍّ ودَأَب للحفاظ على هذه الثقة المتبادلة؛ فهذه العلاقة ممتدة ومتعددة المجالات، وتشمل الدبلوماسية والتجارة والنفط والسلاح والاستثمار والمال والتعليم والتدريب، والعلاقة بين الشعبين.. ليس هذا فقط، بل العمل البيني لسنوات طويلة بين البلدَيْن لإحلال السلام العالمي والسلام في الشرق الأوسط، واستقرار الاستثمار العالمي، واستقرار أسعار النفط، ومواجهة الإرهاب والتشدد إقليميًّا ودوليًّا، حسب تعبيره.
وأشار الأمير تركي إلى أن السعودية دفعت ثمنًا غاليًا خلال هذه السنوات الطويلة من أجل سمعتها في العالم العربي من خلال تعاونها مع السياسات الأمريكية، وتحملت تلك التكلفة لأنها تؤمن بقيمة صداقتها مع الأمريكان. مبينًا أن السعودية تقدّر علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وتأمل بالحفاظ عليها.
وأوضح أنه يأمل بأن تستمر أمريكا في مبادلة السعودية في هذا المسعى، وأن تظلَّ أمريكا والسعودية صديقتين، وأن يتم السعي لتعزيز علاقتهما.. وقال: "في عصر الالتباس الاستراتيجي والشعبوية والاصطفاف فإن الحديث عن العلاقة الأمريكية - السعودية يشكِّل تحديًا.. فمنذ سبعة عقود والولايات المتحدة والسعودية تجمعهما علاقة خاصة، وتحالف خدم المصلحة الوطنية للبلدين خلال 70 عامًا.
وأردف: هذه العلاقة المهمة استمرت وازدهرت في ظل 13 رئيسًا أمريكيًّا و6 ملوك للسعودية؛ فهم أقرُّوا بالمصلحة المشتركة للطرفين رغم وجود بعض المنغصات، مثل أزمة النفط في عام 1973م، واليوم المأساوي الذي عصف بنا في 11 سبتمبر؛ وهو ما أثَّر على العلاقة بعض الشيء، لكن رغم الهجمة الإعلامية المكثفة على السعودية من خلال السياسيين ومراكز البحث وأساطين الإعلام في حينها إلا أن العلاقة تعافت وتوسَّعت.
وأضاف: في هذه الأيام العلاقة السعودية - الأمريكية تتعرض مرة أخرى للتهديد. إن الجريمة المأساوية وغير المبررة التي حدثت في القنصلية السعودية في إسطنبول، وأزهقت روح جمال خاشقجي - رحمه الله - هي موضوع هذه الهجمة، وشيطنة السعودية بالطريقة ذاتها التي حصلت بها الأزمات السابقة بين البلدين. كما أن كثافة وفظاظة هذه الهجمة غير منصفة وخبيثة. وأنا أؤكد أن السعودية ملتزمة بجلب الجُناة في هذه القضية للمثول أمام العدالة لمحاكمة القتلة الذين خالفوا القانون.. والعدالة ستأخذ مجراها.
وذكر "الفيصل" أن العالم اليوم يتغير ويتبدَّل، والركائز التي أرست علاقة السعودية - بالولايات المتحدة يتم تحدِّيها، ولكن أهمية السعودية لم تتغير؛ فهي القطب الروحي وحجر الزاوية في العالم الإسلامي، وأكثر من 1.5 مليار مسلم حول العالم يتوجهون صوب مكة المكرمة خمس مرات يوميًّا، كما أن السعودية تلعب دورًا استراتيجيًّا مهمًّا، إقليميًّا ودوليًّا، للوصول إلى السلام والازدهار من خلال العمل مع الولايات المتحدة الأمريكية والحلفاء الآخرين؛ وذلك لوضع حد للنزاعات في الشرق الأوسط.
وتابع: نحن نوفر ما نسبته 4 % مقارنة بالناتج المحلي مساعدات للبلدان الفقيرة. ومنذ ساعات فقط شطبت السعودية 6 مليارات دولار من الديون عن الدول الفقيرة. وبطبيعة الحال فإن قتال السعودية ضد قوى الظلام مستمر، بجانب الوقوف ضد مطامع الهيمنة الإيرانية ومكافحة الإرهاب.
واستغرب الأمير تركي تجاهل القيم العالمية على يد أولئك الذين يحاولون إبعاد الولايات المتحدة عن السعودية، مؤكدًا أنه يجب على البلدان التي عَذَّبت وسجنت أبرياء، وقتلت الآلاف من الناس في الحروب بسبب معلومات مفبركة، أن تتواضع في معاملتها مع الآخرين، وأيضًا الدول التي اضطهدت وأخفت الصحفيين وأفرادًا آخرين لا ينبغي أن تدَّعي البطولة في الدفاع عن حرية التعبير، حسب تصريحه. مستنكراً عدم وجود حملات إعلامية مكثفة تطالب بمثول المجرمين الذين يقتلون الأطفال الفلسطينيين العزّل كل يوم من جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام العدالة، أو الذين قتلوا 11 يهوديًّا في كنيس ببطرسبورج.
وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بعد اختطافه في القنصلية السعودية باسطنبول أوائل شهر أكتوبر الماضي، حيث أقرت السعودية بمقتله.
وتعرضت السعودية عقب مقتل خاشقجي لموجه واسعة من الانتقادات.