غزة تُودّع 2014: حِصار ورُكام و" فُتات مصالحة "
غزة / حلا الحوت / يودع نحو مليوني غزيّ عام 2014، بعد أن فتكت بهم آلة الحرب الاسرائيلية صيفًا، فأضحوا فوق اطنان من الركام، وكثير من المأساة " دون إعمار"!!. ويستقبلون عامهم الجديد بـ " بقايا مصالحة " كانت قد انعشت آمالهم بانفراجه تخرجهم من دوامة مشاكلهم، لكن الحال بات اسوأ بكثير مما كان عليه قبل ذلك.
ففي 23 أبريل/نيسان أعلنت حركتا حماس و فتح من مخيم الشاطئ إنهاء الانقسام الذي استمر سبع سنوات، وتشكيل حكومة وفاق وطني خلال خمسة أسابيع، ما اعتبرته اسرائيل بمثابة إطلاق "رصاصة الرحمة" على المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية التي أُعلن أصلًا عن فشلها في الايام الاخيرة من مارس/ اذار.
أخيرًا وفي طٍي صريح لصفحات الانقسام المريرة، تشكلت حكومة التوافق برئاسة رامي الحمد الله في 2 يونيو/حزيران 2014، وحُددت مهامها بإعادة إعمار القطاع، وإنهاء الحصار المفروض عليه منذ نحو ثماني سنوات، وتهيئة الأجواء لانتخابات تشريعية ورئاسية ، وإنهاء ملف المصالحة المجتمعية، هذا الحدث جدد آمال الغزيين بتحسن أوضاعهم خلال النصف الثاني من السنة، لكن العدوان الاسرائيلي في يوليو/ تموز دمرها عن آخرها.
فابرز مشهد عاشه الغزيون خلال عام 2014، تمثل بالعدوان الشرس الذي شنته قوات الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة في 7 يوليو/ تموز، الهجمة التي استمرت نحو خمسين يومًا وبدت كأنها نتيجة لاتهام اسرائيل لحركة حماس باختطاف ثلاثة مستوطنين في الضفة الغربية حصدت أرواح ما يقارب 2200 فلسطيني، وأصابت أكثر من 10000 بجروح، بحسب ما أفادت به وزارة الصحة الفلسطينية.
آلة الحرب الاسرائيلية دمرت في هجومها الاعنف والاطول ـ بالمقارنة مع العدوانين السابقيّن ـ ما يزيد عن 17000 منزل، ما أدى إلى تشريد آلاف الغزيين وبقائهم بلا مأوى، بدورها ردت المقاومة الفلسطينية على العدوان ـ الذي سُمي اسرائيليًا بالجرف الصامد واطلقت عليه حركة حماس اسم " العصف المأكول " ـ بآلاف الصواريخ التي طالت عدة بلدات ومدن اسرائيلية من بينها تل أبيب و القدس .
في 26 اغسطس/ آب أعلنت الفصائل الفلسطينية التوصل لوقف شامل ومتبادل لإطلاق النار بعد مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي في القاهرة، وتضمن الاتفاق فتح المعابر بما يُحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية ومستلزمات الإعمار، وزيادة مساحة الصيد لستة أميال بحرية، على ان تُستأنف المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن المطالب الفلسطينية المتمثلة ببناء مطار وميناء بحري خلال شهر من بدء تثبيت وقف إطلاق النار.
لكن سكان القطاع لم يشهدوا وقفة " ولو مؤقتة " لدولاب وَجعِهم، فسرعان ما بدا جليًّا لهم ان ما اتُفق عليه في القاهرة لم يكن أكثر من حبر على ورق، حيث لم تلتزم اسرائيل بفتح معابرها مع القطاع، واغلقت السلطات المصرية معبر رفح عقب أحداث سيناء، لتبقى مأساة المسافرين العالقين على جانبيه وككل سنة عنوانًا لأبرز أوجاع الغزيين، فلم يحتكرها عام 2014، ولم تنهيها الأيام القليلة التي كان المنفذ الجنوبي مفتوحًا خلالها أمام حركة تنقلهم من وإلى القطاع.
اما في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، فهزت عدة انفجارات مداخل منازل لقيادات في حركة فتح، ومنصة المهرجان المعدة لإحياء الذكرى العاشرة لوفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وحمّلت فتح حركة حماس المسؤولية عنها، ما زاد زخم التراشق الاعلامي الذي بدأ منذ ظهور ازمة رواتب الموظفين الذين عينتهم حركة حماس خلال حكمها في قطاع غزة.
في 14 ديسمبر/كانون الأول، وبعد استشهاد الوزير الفلسطيني ورئيس هيئة الجدار بالسلطة الفلسطينية زياد أبو عين خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الاسرائيلية شرق رام الله ، قرر الرئيس الفلسطيني التوجه إلى مجلس الأمن لتقديم مشروع قرار فلسطيني يحدد سقفًا زمنيًا لإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة منذ عام 1967، على ان تكون عاصمتها القدس الشرقية.
رفضت الفصائل الفلسطينية مشروع القرار، " لما فيه من تضييع لحقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة بحق العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس".
أما في 17 ديسمبر/كانون الأول فقد قررت محكمة العدل الأوروبية ومقرها لوكسمبورغ شطب اسم حماس من القائمة الأوروبية للمنظمات الإرهابية، القرار قوبل بترحيب الحركة خصوصًا انه " سيفتح امامها افاقًا دولية غابت لسنوات عدة "، حسب ما قال مراقبون.
أما هذه الايام فيولي الغزيون اهتمامهم للخروقات الاسرائيلية للتهدئة والمتمثلة بالغارات الوهمية، والتوغل عبر الحدود الشرقية للقطاع وإطلاق النار على المزارعين، ويستعدون لما ستتركه الانتخابات الاسرائيلية المبكرة في مارس/آذار من العام المقبل من علامات فارقة على مسار حياتهم.
في الحصاد السريع لأبرز احداث العام الحالي بدت الصورة قاتمة على الاغلب، وبدا القطاع مثخنًا بالحكايا الدامية، فهل سيجد الغزيون ملهاتهم الضائعة العام المقبل؟!.