تُراودني في أحلام اليقظة منذ عده ليال مقترحات جديدة لشكل الحكم في غزة ، وتتسابق تلك الأشكال فيما بينها أيهما يُثبت نجاحه ومصداقيته وقدرته على تغيير الواقع.


توقف العقل الباطني عند أحد المقترحات والذي ينص على تشكيل لجنة من الفصائل الفلسطينية الفاعلة وقوى وشخصيات وطنية مستقلة على تولي زمام المبادرة وتشكيل لجنة وطنية تشرف على إدارة شئون القطاع لوقت ما تتيسر الفرصة لإقامة المصالحة والتي ينتظرها سكان القطاع وكأنهم يترقبون بزوغ فجر المهدي المنتظر، لذلك الوقت لكل حادثة حديث، بالعودة لتشكيل اللجنة التي ستشرف على إدارة القطاع، حيث ستعمل وفقاً لقاعدة الشراكة السياسية وعدم التفرد في قراراتها وتكون بغطاء عربي ودولي، وتتولى مسائل الإشراف على المعابر وتأمين الحدود وتوفير الأمن والاستقرار وتوفير مقومات الحياة في القطاع وإقامة علاقات ثنائية ووردية مع دول الجوار، وقطع الشك باليقين من فتح سوق عمل للخريجين والعاطلين عن العمل، ونهضة تنموية واقتصادية، وتطوير شبكات الكهرباء والماء والبنية التحتية.


سوف تنطلق اللجنة في عملها على تسخير كافة إمكانيات وعلاقات الفصائل الفلسطينية في غزة على خدمة مشروع اللجنة من خلال استثمار تلك العلاقات في جلب الدعم والتمويل اللازم لإقامة المشروعات السابقة على أسس وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. 


الوقائع تُشير إلى أن الظروف السياسية والفلسطينية والدولية مُهيئهً لتطبيق وتنفيذ هذا الحلم، وهذا لا يعني انفصال غزة عن الجسم الرسمي للسلطة الفلسطينية، بل لتعزيز إدارة القطاع بفكرة جديدة فقد تم تجريب حكم السلطة ولم ينجح وتم تجريب حكم حماس ولم ينجح أيضا فلماذا لا نفكر بطريقة جديدة في الحكم تجتمع على صياغة مفرداتها كافة الأحزاب والفصائل والقوى الفلسطينية الفاعلة بمساعدة عربية ودولية ويتم توفير لها الدعم الكامل. 


لقد مر طيف جميل في الحلم تعسكرت فيه الجماهير الفلسطينية مُعلنةً عن رضاها من تشكيل اللجنة وتكاتفت الأيدي وزغردت النساء وعاد المهاجرين إلى أوروبا إلى أرض الوطن يحملون فكراً تقدمياً ليزرعوا بذور النظام والأخلاق والقيم المجتمعية من جديد في نفوس المواطنين، لقد عادت الروح إلى غزة فالشوارع أجمل بابتسامة المارين والعابرين والكهرباء تفيض من الدمع على سنوات الحصار والإغلاق، حتى أننا قمنا بتمديد شبكة للكهرباء إلى البحر كي لا تنام الأسماك في الظلام ونثرنا القمح على أسطح بيوت الفقراء كي تغرد في الصباح وتبتهل إلى الله بالدعاء على نعمة اللجنة التي تُدير القطاع، هل نحن حقا بحاجة إلى تلك اللجنة أم نريد أن نبقى أسرى الواقع الذي نعيشه الآن؟ 


في مدرسة الشراكة السياسية يُمكن تحقيق الأحلام بشرط الثقة والأمانة والإخلاص وترتيب الأولويات الشعبية وتغليب المصالح الوطنية على الحزبية وضمان النزاهة في التنفيذ وتفعيل أدوات الرقابة الإدارية الصحيحة، ومكافأة المُنجز ومعاقبة المُقصر، وقتها ستكون اللجنة هبه من الله لمواطني القطاع. 


كم تبقى لدينا من الوقت يا قادة الوطن لتحقيق أحلامنا وإشعارنا بوطن دافئ يحتضن تلك الأحلام، كم تبقى لديكم من فرص لتثبتوا فيها أنكم أصحاب مشروع وطني، عليكم بالتجربة فنحن أفضل بيئة تجريبية للمشاريع في العالم ونحن أيضا من يتأقلم ويتواءم مع كافة الظروف ومع كل المعطيات، فما عليكم إلا التجربة وما علينا سوى التنفيذ، وعندها استيقظت على صوت أم جمال وهي تُنادي لقد فرغت أسطوانة الغاز!

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد