كبير السن هو كل شخص بلغ 60 عاما، ًوعلى الرغم من التزايد المستمر في أعداد الأشخاص كبار السن الا أن حجم الخدمات المقدمة لهم والاستجابة لاحتياجاتهم في مجالات الصحة، وسبل المعيشة، والحماية، متردية وذلك نتيجة الازمات المزمنة، وغياب الخطط والبرامج التمكينية لهم والتي تضمن تمتعهم بحقوقهم الدنيا دون تمييز.

وتغدو مشكلة المفاهيم الخاطئة وغير السليمة إزاء كبار السن بوصفهم عالة وعبء في الأسرة، أحد الأسباب التي تؤدي الى تردى أوضاع هذه الفئة والى حدوث انتهاكات بحقهم داخل الأسرة، وكذلك في المجتمع بصورة عامة.

كما أن غياب إحصائيات كافية حول أوضاع كبار السن، وندرة عدد المؤسسات التي تعنى بحقوق كبار السن، وإن وجدت، فإن تركيز عملها يكون في الجانب الاغاثي دون التنموي، عدا عن أن غياب برامج الحماية لكبار السن من تقلبات العنف السياسي، يجعل كبار السن يعانون من تهديدات مستمرة لحقوقهم.

إن أهم احتياجات كبار السن هي الأمن الغذائي، أي في الحصول على طعام كاف، وتوفير سبل المعيشة والقدرة على الكسب، وضمان توافر سبل العلاج والمتابعة الصحية وخصوصاً أن معظم كبار السن يعانون من أمراض تتعلق بالقدرة على الحركة، الرؤية، الضغط، السكري، الأمراض النفسية مثل القلق والضغط والشعور بعدم الاكتراث الكافي من قبل المحيطين بهم ، كما يحتاج كبار السن لتوفير الحماية لهم من غوائل الفقر والشيخوخة ومن مظاهر العنف بأشكاله المختلفة.

إن كبار السن الذين يعيشون بمفردهم أو الأرامل، وحالة التهميش، والنظرة الخاطئة، وغياب أو ضعف فاعلية البرامج على المستويين الرسمي والمجتمعي التي تقدم لهم، تقوض أمالهم في حياة كريمة فيما تبقى من أعمارهم.

أن دلالات لفظ كبار السن لا ينبغي أن تشير دوماً الى حالة العجز التام عن العمل، وكسب العيش، بدليل أن كبار السن في المناطق الزراعية هم أفضل حظاً لأنهم يستطيعون القيام بالزراعة وتوفير جزء من استقلالهم أو اعتمادهم على الآخرين، بينما كثير من كبار السن في المناطق الحضرية لا تتوافر لهم هذه الميزة، وبالتالي فان غياب الفرص والبرامج هي عائق أساسي في تمكين كبار السن من توفير سبل المعيشة لهم والتقليل من تبعيتهم للآخرين، وخصوصاً في ظل تفاقم ظاهرة التفكك الاجتماعي التي تسببها عوامل متعددة منها حالة الفقر والبطالة.

ومن الأهمية بمكان الاشارة الى أن هناك غياب في الحماية القانونية على الصعيد الوطني لكبار السن، حيث لا يوجد قانون خاص ينظم حقوق كبار السن بل فقط جمله من النصوص العامة والمتناثرة في بعض القوانين ذات العلاقة.

حقوق كبار السن في التشريعات والمواثيق والإعلانات الدولية، وفي التشريعات الوطنية

أولاً/ حقوق كبار السن في المواثيق والإعلانات الدولية:

أ ) لقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن (القرار 46/91) في 16 كانون الثاني/ديسمبر 1991. وشجعت الحكومات على إدراجها في خططها الوطنية، وهذه المبادئ هي:

- الاستقلالية : حيث ينبغي أن تتاح لكبار السن إمكانية الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية، وان يوفر لهم مصدر للدخل ودعم أسري ومجتمعي ووسائل للعون الذاتي؛ وفرصة العمل أو فرص أخرى مدرة للدخل؛ واتاحة إمكانية الاستفادة من برامج التعليم والتدريب الملائمة؛ كما ينبغي تمكين كبار السن من مواصلة الإقامة في منازلهم لأطول فترة ممكنة.

- المشاركة: كبار السن يجب ان يكونوا مندمجين في المجتمع، ولديهم الفرصة للمشاركة في أنشطة تؤثر مباشرة في رفاههم، وأن يقدموا للأجيال الشابة معارفهم.

- التمكين: من خلال تمكين كبار السن من التماس وتهيئة الفرص لخدمة المجتمع المحلي، ومن العمل كمتطوعين في أعمال تناسب اهتماماتهم وقدراتهم؛ وينبغي تمكين كبار السن من تشكيل الائتلافات أو الجمعيات الخاصة بهم.

- الرعاية: ينبغي أن يستفيد كبار السن من رعاية وحماية الأسرة والمجتمع المحلي إمكانية الحصول على الرعاية الصحية لمساعدتهم على حفظ أو استعادة المستوى الأمثل من السلامة الجسمانية والذهنية ، وينبغي أن تتاح لكبار السن إمكانية الحصول على الخدمات الاجتماعية والقانونية لتعزيز استقلاليتهم وحمايتهم ورعايتهم؛ وينبغي تمكين كبار السن من التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية عند إقامتهم في أي مأوى أو مرفق للرعاية أو العلاج، بما في ذلك الاحترام التام لكرامتهم ومعتقداتهم واحتياجاتهم وخصوصياتهم

- تحقيق الذات : التماس فرص التنمية الكاملة لإمكاناتهم؛ وتمكينهم الاستفادة من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية.

- الكرامة : تمكينهم من العيش في كنف الكرامة والأمن، ودون خضوع لأي استغلال أو سوء معاملة، جسدياً أو ذهنياً؛ ومعاملتهم معاملة منصفة، بصرف النظر عن عمرهم أو نوع جنسهم أو خلفيتهم العرقية أو الإثنية أو كونهم معوقين أو غير ذلك، وأن يكونوا موضع التقدير بصرف النظر عن مدى مساهمتهم الاقتصادية


ب) مؤتمر الأمم المتحدة في مدريد من 8 إلى 12 أبريل 2002م وضع خطة عمل لمعالجة مشاكل المسنين في مختلف بلدان العالم، وأقر عدداً من الالتزامات، كزيادة فرص العمل والنشاط لكبار السن، لكنها مع ذلك لم تحدد الآلية المناسبة لتنفيذ هذه الالتزامات وطريقة تمويلها.

ج) المؤتمر الدولي الذي انعقد في مكسيكو ستي عام 1984 قدم توصية بضرورة قيام الدول بالاهتمام بالمسنين لا باعتبارهم فئة تبعية تلقي بثقلها على المجتمع، بل باعتبارهم مجموعات قدمت معونات كبرى إلى الحياة الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والثقافية لعوائلها وما زالت تستطيع أن تقدم ذلك.

د) المبادئ العامة لخطة عمل (فيينا) الدولية للشيخوخة أكدت على رفاه السكان جميعا وإشراك كبار السن فيها، وذلك هي أساس التوزيع العادل للفوائد الناجمة عن خطط رفاه السكان، بما يكفل ويعزز كرامة الإنسان ويضمن الإنصاف بين الفئات العمرية المختلفة، واعتبار الإسهام الروحي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي للمسنين ذا قيمة في المجتمع ينبغي ان يعترف به، واعتبار الإنفاق على المسنين استثمارا دائما، والعناية بمجالات : الصحة، والتغذية، وحماية المستهلكين المسنين، والإسكان، والبيئة، والأسرة، والرعاية الأسرية، والرعاية الاجتماعية.

ه) المؤتمر الآسيوي الرابع في جزيرة بالي عام 1992 شدد على أن التأهيل في جميع سني العمر ومنها مرحلة الشيخوخة والاعتراف بأنه في أكثر الأوقات، تقوم الأسر برعاية المسنين ولكن يجب توفير امتيازات لهم من طرف الدولة والمنظمات.

و) المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي انعقد في القاهرة عام 1994 أناط بالدول استهداف مسألة تعزيز الاعتماد على الذات لدى المسنين و تعزيز نوعية حياتهم بتمكينهم من العمل والعيش بصورة مستقلة لأطول وقت ممكن ووضع نظم للرعاية الصحية ووضع نظم للضمان الاقتصادي والاجتماعي عند الشيخوخة حسب الاقتضاء، وإيلاء اهتمام خاص بالمرأة ( لكونها تعمر أكثر من الرجل – في معظم المجتمعات – ولذلك فإنها تشكل الأغلبية من المسنين وهي في الغالب ضعيفة للغاية فتستحق العناية الأكبر) وتعزيز قدرة الأسرة على رعاية كبار السن داخلها، وأن تكفل الحكومات تهيئة الظروف اللازمة لتمكين المسنين من ان يعيشوا حياة صحيحة ومنتجة يحددونها بأنفسهم، واستغلال مهاراتهم وقدراتهم التي اكتسبوها في حياتهم استغلالاً كاملاً بما يعود بالفائدة على المجتمع، كما ينبغي ان تحظى المساهمة القيمة التي يقدمها كبار السن للأسرة والمجتمع. وخاصة كمتطوعين ومتقدمين للرعاية. بالاعتراف

ي) مؤتمر كوبنهاجن 1995 شدد على بذل مساعي خاصة في حماية المسنين وخصوصاً الأشخاص ذوي الإعاقة منهم من خلال تقوية نظام الحماية العائلية وتحسين مكانتهم الاجتماعية، وضمان وصولهم إلى الخدمات الأساسية الاجتماعية، وضمان الأمن المالي وإيجاد الجو الاقتصادي المساعد لتأمين صناديق التوفير لمرحلة الشيخوخة.

ثانياً/ حقوق كبار السن في التشريعات الدولية

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 3 ا اكدت على ان لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه، والمادة 7 التي نصت على أن كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز مبنى على الجنس او اللون او السن، وكذلك ما كفلته المادة 22 بان لكل شخص بصفته عضواً في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية وفي أن تحقق بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لا غنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته ، والمادة 25 بان لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة.

ب) العهدين الدوليين حيث تضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 بشكل موسع حقوق الانسان ومن ضمنها بالطبع حقوق كبار السن التي رسم خطوطها العامة الإعلان العالمي لحقوق الانسان في العام 1948

ثانياً/ حقوق كبار السن في القانون الدولي الإنساني وفي حالات النزاع المسلح حيث ان المسنين يكونون في وضع لا يُحسدَون عليه في أوقات السلم، فلنتخيل حالتهم التي تتدهور بشدة في أوقات النزاع المسلح لذلك فإن القانون الدولي الإنساني يوفر حماية كبيرة للمسنين بصفتهم جزءً من السكان المدنيين، كما أن أحكامه تطالب بأن تضع أطراف أي نزاع عنصر السن في الحسبان وتحثها على منح معاملة خاصة لهذه الفئة الأكثر ضعفا من بين المدنيين. ولقد نصت اتفاقية جنيف الرابعة على ما يلي:" ومع مراعاة الأحكام المتعلقة بالحالة الصحية والسن والجنس، يعامل جميع الأشخاص المحميين بواسطة طرف النزاع الذي يخضعون لسلطته، بنفس الاعتبار دون تمييز ضار على أساس العنصر أو الدين أو الآراء السياسية. "

وتشتمل اتفاقية جنيف الرابعة على الحكمين الآتيين اللذين يقدمان حماية خاصة للمسنين، وهما الفقرة 1 من المادة 14 التي نصت على انه: "يجوز للأطراف السامية المتعاقدة في وقت السلم، ولأطراف النزاع بعد نشوب الأعمال العدائية أن تنشئ في أراضيها، أو في الأراضي المحتلة إذا دعت الحاجة، مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح بحماية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشرة من العمر، والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة. "

وكذلك المادة 17 " يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات لنقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء النفاس من المناطق المحاصرة أو المطوقة، ولمرور رجال جميع الأديان، وأفراد الخدمات الطبية والمهمات الطبية إلى هذه المناطق. "

ثالثاً/ حقوق كبار السن في التشريعات الوطنية

لقد خلت منظومة التشريعات الوطنية من قانون خاص يتعلق بكبار السن ولكن يمكن استنباط هذه الحقوق من المبادئ القانونية الكلية التي تضمنها القانون الاساسي الفلسطيني الذ كفل حقوق المواطنين دون تمييز على اساس السن، فالمادة (9) من القانون الأساسي الفلسطيني نصت على ان الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة أو السن، والمادة (10) أكدت على ان حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام، و تعمل السلطة الوطنية الفلسطينية دون إبطاء على الانضمام إلى الإعلانات والمواثيق الإقليمية والدولية التي تحمي حقوق الإنسان.

توصيات
1- العمل على تحسين السياسات الخاصة بالمسنين، وضمان تمتعهم بحقوقهم.


2- إدماج المسنين في الخطط والبرامج الإنمائية الوطنية.


3- دعم البرامج المجتمعية لرعاية ومشاركة كبار السن.


4- تشجيع البحوث المتعلقة بالشيخوخة وحقوق كبار السن.


5- توثيق التعاون بين المنظمات الحكومية غير الحكومية المعنية بالشيخوخة.


7- مراجعة السياسات والتشريعات المتعلقة بحقوق كبار السن


8- سن قانون خاص بحقوق كبار السن في ظل مجلس تشريعي موحد وفاعل.

9- إيلاء عناية خاصة بحقوق كبار السن من النساء، والأشخاص من ذوي الإعاقة.

10- تمكين كبار السن من الوصول الى العدالة.

11- تمكين كبار السن من تقديم شكاوى متعلقة بانتهاكات تمس بحقوقهم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد