في حديث خاص معه، قبل أيام، سمع كاتب هذه السطور، من النائب محمد دحلان ، أنه مستعد للعودة سريعاً الى الوطن، وأنه ينتظر استكمال العناصر الضامنة لحرية العمل الوطني والإقرار بالحق في الاختلاف، لجميع العاملين على الساحة الفلسطينية، باعتبار أن هذا الإقرار، يمثل المقدمة الطبيعية للديموقراطية الاجتماعية والسياسية، على أن يكون الشعب هو الحَكَم.

 

إن العدالة وطي المرحلة العقيمة من الإقصاء والتفرد والتشويه، ورفع القيود عن غزة ، وبدء عملية إعادة بناء النظام السياسي على أسس دستورية وقانونية، والمساواة في المواطنة، وإعطاء كل ذي حق حقه، وإعادة الخدمات الأساسية لغزة؛ باتت كلها متطلبات لا مفر منها، لأن كل الضالعين في صناعة المحنة الفلسطينية، ليسوا قادرين على الإستمرار في سياقهم، وإن استمروا، فإنهم لا يفعلون شيئاً سوى مفاقمة أزمات المجتمع الفلسطيني، وتدمير الحركة الوطنية و فتح المزيد من الثغرات في الجدار الفلسطيني، وتكريس الترهل والهوان، لكي تستمر فعاليات العدو ومسانديه في الإجهاز على القضية.

 

الأحلام الشخصية، لأي كان، لم يعد لها معنى، حتى ولو استأجر الحالم، ألوفاً من البشر لكي تهلل له في ذهابه وإيابه. والمشهد الفلسطيني يخلو من أساطير الأشخاص الباهرين، ويزخر بالأشخاص القادرين على الخدمة. نحن في كارثة. والراغبون في الخدمة، يكلفهم الشعب بملايينه من خلال مسار ديموقراطي، ولا يكلفهم مئة شخص يهتفون لذي فضل عليهم. إن كل شيء بات خراباً، ولا هتاف ولا مديح لصانعي خراب. لقد أصبح الآخرون هم الذين يقررون بشأننا، مثلما يقرر الآخرون كل شيء يتعلق بسوريا بعد خرابها، ولا يفكرون في دعوة شاهد من النظام الرسمي، أو شاهد من المعارضة، لكي يحضر اجتماعاتهم أو يشارك في مداولاتهم، وحسبه أن يأخذ علماً بما قرروا!

 

لا طرف متنفذاً في السلطة، يريد حتى الآن، رفع الضيم عن غزة، ومعيار الحكم هنا، هو ما يتبدى من سلوك هؤلاء الذين استحوذا على المسؤوليات في بلادنا، وتغالظوا مع الناس. فكلٌ من السلطتين فاقدتي التفويض الشعبي، وقد أرهقت نفسها وأرهقت الناس. والحل لا يتطلب عملية إنزال بالمظلة، وإنما بكمن في عملية فرز ديموقراطي للمكلفين بتحمل مسؤوليات جسيمة، تحت طائلة المساءلة والإعفاء أو الإعتماد لفترات زمنية محددة. وكل الذين خارج إطار المسؤوليات، في الضفة وغزة، لا علاقة لهم بجريمة إيقاع البؤس في النظام الوطني الفلسطيني وفي المجتمع الفلسطيني، وفي اقتراف العار الذي يمثله الفتك بالمجتمع الفلسطيني في غزة. فمن يبذل ما يستطيع، لتخفيف معاناة الناس لا يتحمل أية مسؤولية عن تفاقم البؤس، كما لا تجيز له اليد البيضاء، أن يتجاوز الإرادة الشعبية، لأن حُكم الشعب هو الأساس، وهذا هو منطلق التيار الديموقراطي في حركة فتح، الذي يُحاكي، في محددات رؤيته، آمال الوطنيين والفلسطينيين جميعاً، الذين معه والذين ليسوا معه، ممن صدقوا الخزعبلات مديحاً في السلطة أو ذماً فيمن يعارضون سلوكها.  

 

في الحكم الراشد، المكلف بالتصدي لمهام النهوض السياسي والاجتماعي؛ يلعب القضاء المستقل العادل، دوراً أساسياً لإنصاف الناس، وتنطوي مرحلة الاتهامات المجانية والسجال والأحقاد واندفاعات الغرائز، وتخليق الصور النمطية الظالمة عن هذا وذاك. ويكون في مقدور المواطن الفرد، إشهار مظلمته، وأن يعرضها أمام القضاء لأخذ الحكم النافذ، ولا تبت فيها الألسنة والفرضيات الظنية المفتعلة.

 

شكل الحكم الآن، في الضفة وغزة، بات ممقوتاً ومضافاً لكل ألاعيب المحلتين وسندهم الأمريكي. فمن يثق بنفسه، يرتضي اللعبة الديموقراطية ويضع نفسه ودوره، رهن الإرادة الشعبية. ليس أكثر ولا أقل من ذلك، يريد النائب المنتخب وعضو اللجنة المركزية المنتخب محمد دحلان!   

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد