شكلت الدورة الاخيرة للمجلس المركزي الفلسطيني والتي عقدت في مدينة رام الله بتاريخ 15/8/2018 حالة من الجدل غير المسبوق في الساحة الفلسطينية بين معارض ومقاطع وبين مشارك ومشارك نقدي وسط استمرار أجواء الانقسام السياسي والجغرافي الكارثي الذي اثر على القضية الوطنية لشعبنا بأبعادها المختلفة .

مبدئياً جميع القوي والفعاليات السياسية علي اختلاف مشاربها الفكرية تقر بأهمية م. ت. ف كأحد المنجزات الرئيسية لكفاح شعبنا التي تعمد بالتضحيات والاعتراف بها عربياً ودولياً شكل أحد المكتسبات الهامة بالعمل الوطني الفلسطيني بوصفها الجبهة الوطنية المعبرة عن مرحلة التحرر الوطني من اجل دحر الاحتلال وتحقيق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال والعودة.

أكدت فصائل العمل الوطني والاسلامي أهمية وضرورة الانطواء بها وتعزيز أطارها التمثيلي لتشارك بها جميع القوي التي تقع خارجها وخاصة حركتي حماس والجهاد وقد تعزز ذلك في وثائق الحوارات الوطنية وتحديداً باتفاق القاهرة عام 2011 الذي أشار الى أهمية عقد اجتماعات منتظمة للإطار القيادي المؤقت للمنظمة أو بتسمية أخري لجنة تفعيل المنظمة علماً بأن هذا الإطار اجتمع لمرة واحدة فقط بسبب استمرارية الانقسام وعدم تطبيق بنود أتفاق المصالحة.

يكمن الهدف من الاطار بالاتفاق على طريقة وحدوية لإدارة الصراع الوطني تتخذ به قرارات الحرب والسلم بصورة مشتركة وليس منفردة.

في الوقت الذي يجب ان يسعي الجميع الى تأكيد أهمية المنظمة وتعزيزها نجد استمرارية عدم مشاركة العديد من القوي والفعاليات في اجتماعاتها الرئيسية وقد برز ذلك باجتماع المجلس الوطني في ابريل من العام الحالي حيث قاطعت الجبهة الشعبية الاجتماع الى جانب حركتي حماس والجهاد وقد تكررت ظاهرة المقاطعة لاجتماع المجلس المركزي الاخير ليضاف الى القوي التي قاطعت دورة المجلس الوطني السابقة كلاً من الجبهة الديمقراطية والمبادرة الوطنية.

لقد عكست حالة المنظمة كما تبين في اجتماع المجلس المركزي الاخير أهمية اعادة ترميم العلاقة بين قوي المنظمة ذاتها كجبهة وطنية وحركة تحرر وطني تستند الى اسس الشراكة السياسية المبنية على الاختلاف ولكن في إطار وحدة البيت الداخلي الفلسطيني ضمن مقولة " وحدة نقد وحدة " كما يجب ان تدفع لتحقيق الاصلاح في بنيتها وإدارتها وألية اتخاذ القرار بها بالاستناد للنظام الداخلي والقانون وأولوية الشراكة والتحالف وفق برنامج سياسي متفق عليه.

ان التعامل مع قوي المنظمة يجب ان يستند الى انهم شركاء اصيلين وحققين وتاريخين في هذا البيت الذي يعبر عن الهوية الوطنية الجامعة لشعبنا .

أن بيان المجلس المركزي الذي أكد على الاستمرار في رفض صفقة ترامب بوصفها ترمي الى تصفية القضية الوطنية ومحاورها الرئيسية " القدس – اللاجئين – الاستيطان " وبالاستمرار برفض الرعاية الامريكية وحدها للعملية السياسية يجب ان يقود الى اهمية ترتيب البيت الداخلي وتعزيز الوحدة بين المنظمة من جهة وبين القوي التي تقع خارجها "حماس والجهاد " من جهة ثانية حتي تصبح تمثل الكل الوطني الفلسطيني ويتم تعزيز ثقلها التمثيلي الشعبي المترابط مع التمثيل السياسي والذي يكمن بالاعتراف العربي والدولي بها.

لقد بات ضروريا العمل على تنفيذ القرارات المتخذة سوآ من المجلس الوطني او المركزي وذلك عبر تحديد جدول زمنى والية تنفيذ لكل قرار من القرارات المتخذة ومن اجل تعزيز المصداقية للمؤسسة التمثيلية الفلسطينية وبما يعمل على تحقيق الاهداف من وراء هذه القرارات الامر الذي يتطلب كسر حلقة الاحالات ، حيث تحال عملية التنفيذ من المجلس الوطني الى اللجنة التنفيذية التي تحيلها بدورها الى المجلس المركزي ... الخ وهكذا دون وجود اليات تنفيذية تضمن تحقيق هذه الاهداف الضرورية الرامية للخروج من مسار اسلو بما يتضمن وقف التسيق الامني وبرتوكول باريس الاقتصادي واختيار مسار جديد مبني على ادوات التحرر الوطني في مواجهة الاحتلال وبما يشمل سحب الاعتراف بإسرائيل خاصتاً بعد قرار اساس القومية العنصري الذي يتنكر لحقنا في تقرير المصير .

أن العمل على منع أي تحركات ترمي الى فصل القطاع عن الضفة الغربية تحت شعار " السلام الاقتصادي " يجب أن يتأتى عبر اليات الوحدة الامر الذي يتطلب تطبيق مفهوم " هجوم المصالحة " بما يتضمن مبدئياً وفق الاجراءات المفروضة علي قطاع غزة من قبل السلطة والتي ساهمت أي هذه الاجراءات ولو بصورة جزئية برفع الأولوية الانسانية والإغاثية بالقطاع على حساب الاولوية السياسية والحقوقية مستغلين حالة تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والارتفاع غير المسبوق في معدلات الفقر والبطالة ورغبة الشباب بالهجرة وتعثر عملية الاعمار وانقطاع التيار الكهربائي لمعظم ساعات اليوم كما يتطلب التفاعل الايجابي من قبل حركة حماس لا تمام المصالحة وبما يشمل رفع أي معيقات لقيام حكومة الوفاق الوطني بتنفيذ مهماتها المنوطة بها .

لقد ادت الاوضاع الاقتصادية المتدهورة بالقطاع الى تحركات دولية باتجاه التدخل لمعالجة مشكلة القطاع ولكن على قاعدة انسانية .

نمر الان بمرحلة مفصلية خطرة حيث ان تحقيق الهدنة قبل انهاء الانقسام وانجاز المصالحة سيقود بالضرورة الى تحويل الانقسام الى انفصال استراتيجي بما يساهم بدفع قطاع غزة الى خيارة الذاتي بعيداً عن الفضاء السياسي والجغرافي الفلسطيني الموحد الأمر الذي يعني ضرورة العمل على وقف هذه الاندفاعة عبر " هجوم المصالحة " من قبل القيادة الفلسطينية الذي من الهام ان يبني على قاعدة الرزمة الشاملة والشراكة السياسية بعيداً عن سيطرة طرف على حساب أخر بما يتضمن توفير اجراء من الثقة المتبادلة بين حركتي الرئيستين علي ان لليسيرو في قارب واحد رافض صفقة ترامب ويساهم تعزيز مقومات الصمود ويصلب البيت الفلسطيني الداخلي عبر م. ت . ف .

ولعلة مخرج انهاء الانقسام يكمن بتحقيق معادلة فائز فائز وعبر الية تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بواجباتها الكاملة " الموظفين والاعمار والحصار " وكذلك التحضير للانتخابات العامة.

لقد بات مطلوباً من اللجنة التنفيذية للمنظمة العمل على ترميم الخلافات بين قوي المنظمة ذاتها عبر حوار وطني سريع يتناول التحديات الخارجية وذلك ألية الاصلاح والديمقراطية ثم الانتقال بحوار وطني شامل مع حركتي حماس والجهاد تقود الى تنفيذ اتفاق المصالحة وفق اسس الشراكة السياسية وبعيداً عن اليات الاقصاء أو الهيمنة.

انتهي ....

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد