خفايا وكواليس رواتب الموظفين في غزة
تناولت صحيفة الغد الأردنية قضية رواتب الموظفين في قطاع غزة ، خاصة في ظل أنباء اقتراب التوصل لتسوية سياسية بين حركة حماس وإسرائيل.
وقالت الصحيفة في مقال للكاتب أحمد عزم: "تتحول القضايا المعيشية والإنسانية، لتصبح هي قاطرة العمل السياسي، في قطاع غزة، وبالتالي في جزء مهم من القضية الفلسطينية، وفي مقدمة هذه القضايا، دفع الرواتب في غزة. وتحتاج هذه القضية للإجابة عن أسئلة كثيرة، في مقدمتها من المسؤول عنها، ومن يملك تقديمها؟
وذكر الكاتب:" قبل الإجابة عن هذه الأسئلة هناك ملاحظتان أساسيتان؛ أولاهما، أنّ ما تسرب من تصريحات أميركية مؤخراً بشأن التسوية السياسية، يريد حصر ما يحصل عليه الفلسطينيون مقابل أي تهدئة، أو اتفاق، بتحسين الأوضاع المعيشية، وخصوصاً "الرواتب"، وهذا ما أشرت له في مقالات سابقة، نقلا عن مقابلة جاريد كوشنير، في صحيفة " القدس " في تموز (يوليو) الفائت".
وأضاف أن الملاحظة الثانية، أنّ الشعب الفلسطيني لم يتنازل يوماً، عن حقوقه الوطنية لأسباب تتعلق بالرواتب والظروف المعيشية، ولكن الخلاف الفصائلي الحالي يهدد أن لهذه المشكلة ثمنا سياسيا باهظا.
وأشار إلى ان مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ومقره بيروت، نشر قبل أيام (إنفوجراف) يوضح أبرز المؤشرات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) خلال العامين 2016-2017، وذلك نقلا عن التقرير الاستراتيجي الفلسطيني، الذي يصدره المركز ذاته.
وبحسب المعلومات المنشورة، فإنّ دخل السلطة الفلسطينية، يتكون بنسبة 27.9 بالمائة من الإيرادات المحلية، و16.5 بالمائة من المساعدات الخارجية، و55.6 بالمائة من إيرادات المقاصة التي يجمعها الاحتلال الإسرائيلي من ضرائب الواردات التجارية، ويقتطع جزءا منها ويعيد الباقي للسلطة.
أقرأ/ي أيضا: الحمد الله: الممر المائي إلى قبرص أو العريش ليس هو الحل
ولفت الكاتب إلى أن "هذه الأرقام مهمة، لكنها لا تعكس الوضع الاقتصادي الفلسطيني عموماً، ففيما يتعلق بقطاع غزة هناك واردات لا تمر عبر الآلة الإسرائيلية، فإيرادات المقاصة الخاصة بها لا تصل السلطة، والأهم من ذلك أن الإيرادات المحلية (مثل رسوم الترخيص للسيارات والسائقين والمخالفات، ورسوم المعاملات، وضرائب مختلفة، و...إلخ)، وهي مصدر الدخل الثاني في الأهمية، تجبي سلطة حركة "حماس"، غالبيتها العظمى، وهناك أيضاً مساعدات تصل الحركة، أو عبرها، إلى القطاع".
وأردف:" تتولى حكومة رام الله ، مثلا إعادة الإعمار في غزة، وبحسب هذه الحكومة فإنها أعادت بالاعتماد على منح خارجية بناء 90 بالمائة من البيوت التي هدمت تماماً في القطاع في الحروب الثلاث الأخيرة، وعددها نحو 11 ألف منزل".
واعتبر الكاتب أن "موافقة حركة "حماس" على الذهاب للمصالحة، ولحكومة وفاق هي بالدرجة الأولى نتيجة لضغط الجانب المعيشي، وقد كان أهم ملفات الخلاف، حتى أشهر مضت، إصرار "حماس" على تولي الحكومة دفع رواتب نحو 40 ألف شخص عينتهم، قبل السماح بعودة الموظفين القدامى (موظفو السلطة قبل العام 2007)، وقبل تمكين الوزارات، ثم انتقل التركيز على موظفي السلطة القدامى الذين أصبحت الحكومة تدفع 50 بالمائة من رواتبهم فقط".
وتابع:" لا أحد يعرف كم تجمع "حماس" من إيرادات، والحديث هنا مئات ملايين الدولارات سنوياً، فضلا عن المساعدات التي تستلمها، وما هي الأطر القانونية، والإجراءات، التي تنظم إنفاق ذلك.
ومضى قائلا:" في المقابل، ما تزال حكومة الحمد الله، لا تقدم تفسيراً واضحاً لخصم رواتب موظفي غزة، فلم تقل مثلا إنّها لا تريد تقديم الرواتب كاملة لأن "حماس" تقوم بجباية أموال يمكن تقديمها، وتتأرجح التصريحات في رام الله بين وعد بصرف المستحقات، والحديث عن خلل فني ومشاكل في الميزانية".
في تصريح للقيادي في حركة "حماس"، محمود الزّهار، لصحيفة الخليج، يوم 18 آب (أغسطس) الحالي، جاء "إذا لم يرغب الرئيس عباس في أن يسير بهذا المسار (التهدئة والمصالحة)، فمن السهل تجاوزه، أموال المقاصة التي تأخذها سلطته ولا يدفعها لأصحابها ستُدفع لغزة". عدا عن أنّ الزّهار، لا يوضح لمن وكيف ستدفع أموال المقاصة، وهل ستضاف لأموال الإيرادات، التي تنفق بطريقة واتجاهات غامضة، فإنّ الأهم من هذا بكثير، هو ما هي الترتيبات والاتفاقات والأثمان السياسية التي ستجعل الاحتلال يعطي غزة، تحت سيطرة "حماس"، هذه الأموال؟
وقال الكاتب أحمد عزم:" تفترض النظرة الشاملة لقطاع غزة، وحل المعضلة هناك، الخروج من الخطاب الفصائلي، ومن تقسيم الموظفين والناس فصائلياً، فأي حكومة يجب أن تتولى كل المسؤوليات وتحصل على كل العائدات، ومن يتوسط من حكومات أو جهات شعبية، لإنهاء الانقسام، وتحديداً في الشق المالي، يجدر أن يبدأ بتكوين صورة محددة ومتكاملة حول الإيرادات والإنفاق، وبالتالي وضع خطة تشمل وحدانية الحكومة والسلطة في الجباية والإنفاق".