المعرفة المفقودة في المكتبة المدرسية، بقلم:فادي صالح
قيل سابقا إن فاقد الشيء لا يعطيه.. وإن كان الحديث عن التعليم التحرري فلابد من توفير البدائل الفاعلة كي نقنع الناس بالتغيير, بدائل علمية معرفية عملية من صفاتها التطور والحداثة وهنا نتحدث تحديداً عن المكتبات والمراسم.
وواقع الحال أن مكتبات المدارس وقاعات الرسم إن وجدت فهي مشاع للغبار والأتربة ورائحة القِدم تغمر أرجاءها كما أن الاهتمام بها محدود، يحولها بعض المدرسين إلى غرفٍ تجمعهم أوقات الاستراحات يوصدون أبوابها عليهم ويحتسون أكواب الشاي فيها ويتبادلون أطراف الحديث!
بسؤال بعض الطلبة في قطاع غزة ، فلم تتجاوز عدد مرات زيارتهم للمكتبة على خلال فصلهم الدراسي عدد أصابع اليد الواحدة, نعم وغالبيتها نتيجة تغيب أحد المدرسين دون وجود بدائل، فضلاً على عدم توفر الكتب والمعرفة المنشودة التي يتوق الطلبة إلى وجودها بين الرفوف، علاوة على أن الكثير منها يفتقد للمواءمة العمرية من ناحية التصميم والديكور والأثاث، والتطوير المستمر، كما تفتقد لأمين المكتبة الملم وواسع الثقافة.
هل يعقل أن تخلو المكتبات في يومنا هذا من أجهزة الحاسوب المحمول والأجهزة اللوحية المزودة بالإنترنت؟!
في الوقت الذي يجب أن تتوفر كل سبل المعرفة أمام الطلبة، وإتاحة الوسائل كافة التي تمكنهم من الإهتداء إلى ضآلتهم، التي تمكنهم من تحديد واختيار مستقبلهم لاحقاً، دون إملاء من أحد، أو تقييد بمعلومة في منهاج لا يتلاءم مع متطلباتهم ورغباتهم المتنوعة والمختلفة، هي من اهم مقومات التعليم التحرري الذي قام عليه خليل السكايني.
أما عن قاعات الرسم فهي واحدة في المدرسة وشحيحة التواجد في الغالب فلا يكاد الطلاب يعرفون شكلها ولا محتواها يحتكرها أحد معلمي التربية الفنية أو أحد هواة الفن من المعلمين ثم يحولها إلى ما يشبه مخزنا خاصا بلوحاته بعيدا عن فتح المجال أمام الطلبة, أو يحرمون الطلبة من استغلال إمكاناتها. كما أن الاهتمام بالفن التشكيلي هامشي وبالكاد يفرز معلم للتربية الفنية, هذه النافذة الشاسعة نوصدها بأيدينا رغم أهميتها الهائلة.
كما أن ما يتم تقديمه خلال حصص التربية الفنية غالبا هوا اجتهادات شخصية فكل معلم يقدم ما يمتلك من معارف ومهارات مرتبطة بمحتوى المنهاج الذي أقرته وزارة التربية والتعليم دون مراعاة سلم التطور المهاري لدى الطلاب. ولم نر محاولات بارزة للحذو نحو الرسم الإلكتروني على برامج مثل فوتوشوب والكورل درو، علاوة على أن التحفيز كذلك تراه مجتزءا فتجد المعلم يضع تركيزه على عدد معين من الطلاب ويترك البقية دون التوجيه الشخصي المناسب.
فالمؤسسات التعليمية بحاجة لأن تتجه نحو معامل الحاسوب لتعليم الرسم والإبداع الإلكتروني وفتح المجال لتصفح المكتبات الإلكترونية, أو عمل مجموعات عبر فيسبوك على سبيل المثال تضم الطلبة ومعلميهم ويتم من خلالها عمل تحديات ومسابقات علمية ثقافية تستطيع تلبية احتياجات ونهم الطلاب.
كل ذلك دون إغفال الرقابة الواعية والتوجيه الرزين اللذان يحميان الطلبة من المواقع الضارة والمخاطر الإلكترونية، وبالتأكيد فإن هذا وحده غير كافي إن لم يكن مرتبطاً التحفيز المناسب والقدوة الحسنة، والتعمق في مبادىء ومقومات التعليم التحرري، واستلهام الخبرات والقصص الناجحة التي سلكت هذا الدرب، فلا يمكن لطفل مرهوناً في قيد المعرفة المحدودة التي تصل إلى مسامعه مرغماً أن يصل إلى إبداع وتميز .
ويمكن الإجمال بأن التوجه نحو تفعيل المكتبات والتكنولوجيا والالتفات إلى اعتبار الأنشطة الفنية واللامنهجية لهي أهم من المحتوى المعرفي الجامد الذي اعتادت المناهج الدراسية على منحه المرتبة الأولى في الأهمية. فالطفل في مراحله الحياتية التربوية والتعلمية الأساسية بحاجة لاكتشاف وتطوير كل من مهاراته الحياتية والشخصية والفنية والفكرية, وبناء قدراته وتطويرها وتوفير بيئة محفزة يتفاعل معها لاكتشاف هذه المهارات والقدرات, وهذا يتطلب من القائمين على المنظومة التعليمية والمعلمين والأهالي من إتاحة البيئة التفاعلية التشاركية قدر الإمكان لجعلها صديقة للطالب ومرتبطة بحياته ومحيطه بشكل يسمح له بالابتكار والتعبير عن ذاته بحرية.
ترجع مسؤولية محتوى هذا المنشور لمؤسسة بيت الصحافة, ولا يعكس بالضرورة موقف مؤسسة روزا لوكسمبورغ
مشروع خطوة نحو تعليم أفضل- تنفيذ بيت الصحافة – فلسطين وتمويل مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية